23 ديسمبر، 2024 4:51 ص

الرواتب وديمومتها والسياسة!

الرواتب وديمومتها والسياسة!

التوجيه الذي اطلقه رئيس الوزراء اليوم بأطلاق رواتب الموظفين لهذا الشهر ودونما استقطاعات , وبقدر ما انزل هذا التوجيه السكينة والإطمئنان لدى جمهور الموظفين , لكنه بذات الوقت أثارَ قلقاً ومخاوفاً لدى هذا الجمهور , فمن دونِ دواعٍ لتفكيكٍ صياغته الصحفية والتأمّل في كلماته المحدودة العدد , فمن الواضح او اكثر منه أنَّ او كأنَّ نيّةً ما كانت مبيّتة لإجراء استقطاعٍ مجهولةٌ نسبته من الراتب الشهري ! لكنّ السيد الكاظمي اوقفها , وبرغم ايجابية هذا القرار ” فلا يصحّ أن تبدأ ولاية رئيس وزراءٍ جديد بتقليص وتقليل الرواتب .! ” .

ثُمَّ , ما يعمّق من المخاوف والتحسباتِ اكثر فأكثر , فأنّ هذا التوجيه المتعلق بشهر أيّار هذا , فأنه يعني فيما يعني أنّ شهر حزيران المقبل سيكونُ او قد يكونُ مُعرّضاً فعلياً لإستقطاعٍ ماليٍّ مجهول وغامض من رواتب موظفي الدولة والتي تبلغ نحو 4 مليار دولار , ولعلّه لا ينبغي التطرّق الى شهر تموز \ يوليو القادم ولا للشهور اللواتي ستعقبه .!

العراق بلا ريب يقع تحت ضغطٍ هائل للأنخفاض الحاد والمروّع لأسعار النفط المرتبطة بكورونا واحتمالات مضاعفة انتشاره واصاباته , وخزينة الدولة شبه خاوية , ومسألة الأقتراض من البنك الدولي مسألة في غاية التعقيد وتخضع للأعتبارات السياسية التي تتحكم بها الولايات المتحدة اولاً والمملكة المتحدة ثانياً ” على الأقل ” , ثمّ أنّ رزمة المساعدات المالية التي تبرّعت بها واشنطن ولندن ” مشكورتان ومأجورتان ” الى العراق او الى حكومة الكاظمي , فمن الصعب التخيّل انّها سوف تصل ” كاش ! ” الى القطر وعبر البريد السريع دون او قبل انتهاء المفاوضات العراقية – الأمريكية في الشهر القادم , والتي يترآى انّها قد تطول , وربما تطولُ وتطولْ , ثُمّ اذا ما تفاءلنا بأفراطٍ بقُصرها , وحَسَمَ الجانب العراقي أمرهُ فيها < والمقصود مراكز القوى والفصائل اذا ما فرضت ارادتها الفولاذية على السيد الكاظمي > بوجوب طرد القوات الأمريكية من قواعدها الجوية المتبقية في البلاد , فمنَ المستحسن عدم التحدثّ عن اية افتراضاتٍ لنسب الأستقطاع للرواتب اذا ما جرى الأستمرار في دفعها وتسديدها .! , لكنّه يا سادة يا كرام , فنحنُ وَ وِفق إستقراءات الإعلام , فلا نميلُ ولا نتّكئُ لا على التفاؤل ولا على التشاؤم في هذا الصدد الحيوي , فكلّ المعطيات او معظمها تؤشّر أنّ كفّة رئيس الوزراء ومعها كفّتي رئاسة الجمهورية والبرلمان ستغدو هي الأقوى والأقرب كثيرا الى مصلحة الدولة في التفاوض مع الأمريكان , وحتى بالأفتراض في الخضوع والإضطرار بطلب خروج القوات الأمريكية فالأمر يتطلّب جدولةً زمنيةً ليست بقصيرة اطلاقاً وضمنَ متطلّباتٍ تندرجُ تحت فقرة الإعتبارات الفنيّة – العسكرية المتعارف عليها , وهذه الفترة المعلّقة ” مهما طالت ” قد تضحى العنصر الستراتيجي المفترض لكلّ الأحتمالات والمفاجآت على صُعُد اقليمية سواءً في بعض دول الجوار , اوالأنتخابات المبكّرة المفترضة , وشقيقتها او رفيقتها انتخابات الرئاسة الأمريكية وما يترتب عنها .

لايمكن التصوّر بتاتاً بعجزٍ كامل عن تسديد رواتب موظفي الدولة مهما احتدّت واشتدّت ازمة اسعار النفط , فيبقى العراق ضمن المحيط العربي مهما تقاطعت السياسات المُرّة مرحلياً , وتجارب الماضي والحصار لا يمكن تكرارها , والنزاع الصيني – الأمريكي له انعكاساته على معظم دول العالم , والمزيدُ من الإحتمالات غير المحسوبة هو أمرٌ واردٌ ايضاَ .!