تُعرفُ ظاهرةَ ” الشلل الدماغي ” بوصفِها حالة مرضية متأتية مِنْ نقصٍ فِي كميةِ الأوكسجين الواصلة إلى الدماغ؛ نتيجة إصابة جزء مِن الدماغ او تعرضه لمرضٍ خلال عملية الوضع أو فِي مرحلة ما بعد الولادة. ومع تنامي حركة الإبداع فِي الميدانِ العلمي عَلَى خلفيةِ تقدم المجتمعات الإنسانية وتطورها بفضلِ اتساع فضاءات التنمية المستدامة، تفتحت آفاق جديدة للبحثِ العلمي، أفضت إلى المساهمةِ فِي انتعاشِ التنافس الإيجابي فِي مجالاتٍ ترتكز عَلَى التواصلِ الواعي ما بَيْنَ الحضارات؛ لأجلِ إنتاج حلول ناجعة لما يعانيه الإنسان مِنْ مشكلات. وقد كان مِنْ بَيْنَ تلك الهموم الَّتِي حظيت باهتمامِ كُلّ مِن الباحثين والعامة عَلَى حد سواء هو ما يعانيه المصابين بظاهرةِ ” الشلل الدماغي ” وذوي “الاحتياجات الخاصة” بصورةٍ عامة، حيث تطورت الأساليب والطرائق الَّتِي مِنْ شأنِها المساعدة فِي التخفيفِ مِنْ معاناتِهم وتقريبهم لحياة الأصحاء؛ لذا ركنت القيادات الإدارية فِي مختلفِ أرجاء المعمورة وباندفاعات متباينة الأثر لتنفيذِ فكرة إنشاء المدارس والمؤسسات الخاصة بالمعاقين، حيث جرى اعتماد برامج علمية تهدف إلى إبراز مواهب أفراد هذه الشريحة وقدراتهم العقلية ومهاراتهم الَّتِي تتناسب مع وضع كُلِّ حالة من حالاتهم؛ لأجل ضمان دمجهم بالمجتمع.
يمكن الجزم بأنَّ الحالاتَ المشار إليها آنفاً – باختلافِ الإصابات ودرجة الإعاقات المتعلقة بها – لا يمكن أنْ تشفى بشكلٍ تام؛ إذ ينبغي عدم تجاهل صعوبة معالجة ما قد يحدث – لا قدر الله – مِنْ حالةِ إصابة أو خلل فِي الدماغ، ما يعني أنَّ كُلَّ ما يبذل مِنْ جهدٍ فِي هذا المسار، يرتجى مِنه – ضمن حدود الورقة الحالية – المساهمة فِي تأهيلِ الشخص المصاب بحالةِ الشلل الدماغي، والوصول بِه إلى مستوى الاعتماد عَلَى النفس؛ لأجلِ أنْ يغدوَ عضوا فاعلاً فِي المجتمع ومساهماً بنهضته.
مِنْ المؤكّـدِ أنَّ رحلةَ علاج المصابين بتلك الحالة المرضية قد تبدو مهمة صعبة؛ بالنظرِ لما تتطلب مِنْ جهودٍ مضاعفة ومستمرة تتحملها كافة الإدارات الحكومية، والجهات الأخرى المعنية بالأمر، وَلاسيَّما أسر الأطفال المصلبين بالشلل الدماغي وإدارات المدارس؛ إذ أنَّ علاج الطفا المصاب يقوم بالأساس عَلَى السعيِّ لتعليمه كيفية التكيف مع حالةِ الإعاقة، وإبعاد الشعور بالخجلِ منها قصد تحفيزه للتغلبِ عليها. وفِي هذا السياق، تشير النتائج المتحصلة مِنْ أحدث الدراسات إلى أهميةِ تعاون جميع المعنين بالأمرِ وتنسيق جهودهم بما يؤمن العمل كفريق عمل واحد مِنْ أجلِ الوصول إلى نتائجٍ مثمرة فِي مختلفِ مراحلِ العلاج؛ لأجلِ تحقيقِ الأهداف الَّتِي يسعى إليها الجمع.
لعلَّ مِنْ بَيْنَ المحاور المهمة الَّتِي تُعَدّ مفاتيح فِي فهمِ هموم الأطفال الذين تعرضوا لحالةِ الشلل الدماغي وتحليلها، هو دور الأسرة فِي التعاملِ الإيجابي مع ما تباين مِنْ أنواع تلك الحالةِ المقلقة لهم, ما يعني أنَّ الأسرةَ ملزمة بامتلاكِ ثقافة خصوصية العلاج مِنْ جميعِ النواحي المؤثرة فِي سلامةِ إعداد المصابين بالشللِ الدماغي.
فِي أمَانِ الله.