3 ديسمبر، 2024 2:33 ص
Search
Close this search box.

الرهان على الفوضى

بات الوضع في سوريا، يمثل أحد أعقد الأزمات السياسية والعسكريةفي المنطقة، حيث تتداخل فيه المصالح الإقليمية والدولية، بشكليصعب فك تشابكاته..

هذه الأزمةالعقدة عادت إلى الواجهة بعد عقد من الزمن، لتعيد فيهاالفصائل المعارضة (داعش) وتيرة النشاط المسلح، وتسيطر علىمدينتي ادلب وحلب، مباشرة بعد وقف اطلاق النار بين الكيانالغاصب و لبنان، ليثار تساؤل واقعي، عن الأسباب الحقيقية والتزامنالوقتي لهذا التمرد المسلح؟! ومن أين جاء السلاح؟

لمعرفة ذلك يجب أن نفهم البعد الجيوسياسي، لمنطقة الشام داخلالشرق العربي، ومن هم اللاعبون على أرض سوريا؟!

من بين أبرز الأطراف الفاعلة في هذا النزاع، تأتي في المقدمة روسيا،التي لها قواعد ثابتة، ومواقع سيطرة استراتيجية داخل الأراضيالسورية، وخاصة في مناطق الساحل كطرطوس واللاذقية، وهذهالمواقع لا تُعتبر فقط رموزاً لدعمها لنظام الأسد، بل هي أيضاً أدواتلتحقيق أهدافها الجيوسياسية، المتمثلة في تأكيد نفوذها بالشرقالأوسط، ومواجهة النفوذ الغربي، وقطع الطريق أمام أنبوب الغاز الذييربط قطر بأوروبا، بما يوضح بما لا يقبل التأويل، أنها لن تستغني عنسيطرتها على سواحل سوريا.

على الجبهة الشمالية، تُشكل المناطق الكردية تحدياً كبيراً لتركيا، التيترى في تشكيل أي كيان كردي مستقل على حدودها، تهديداً مباشراًلأمنها القومي، وهذا التوتر تفاقم بسبب الدعم الذي تتلقاه، المجموعاتالكردية من بعض القوى الدولية، على رأسهم إسرائيل وأمريكا، ممايدفع تركيا إلى تصعيد تدخلها العسكري، عبر عمليات عابرة للحدود،كما حدث سابقاً في حملتيغصن الزيتونونبع السلامفبالنسبةلأنقرة فأن استمرار الفوضى في سوريا، يُغذي احتمال قيام دولةكردية في شمال سوريا، وهو سيناريو تعمل بكل جهدها على منعه.

إيران من جانبها كانت تعتبر دمشق ممرا، تدعم منه قوى المقاومة فيلبنان، وتمدها بالمال والسلاح من هذه البوابة، التي لم تعد ذات أهميةبعد سلامة الجنوب اللبناني، والدخول في معاركه خسارة لهم، لأنالخسائر تفوق المكاسب في الربح..

لذلك فإن إسرائيل ربما تكون قد ارتكبت، خطأ استراتيجيا كبيرا، بدعمالتمرد المسلح في هذا الوقت، لأن اعتقادها أن نشر الفوضى داخلسوريا، قد يخدم مصالحها، بإضعاف المحور الإيراني، وقطع خطوطالإمداد للمقاومة اللبنانية، سيكون خاطئا، لأنها تناست أن هناك نوافذكثيرة، يمكن من خلالها ان يتم دعم الحزب.

من أين جاء السلاح؟

منذ اندلاع الأزمة السورية، عملت إسرائيل بشكل غير مباشر، علىدعم بعض الفصائل المسلحة المعارضة لنظام الأسد.. ففي تصريحلوزير الدفاع الإسرائيلي عام 2015، أُعلن أن إسرائيل قدمتمساعدات للمسلحين المعارضين، وهو ما أكدته تقارير أممية عام2014 التي اشارت إلى لقاءات بين مسؤولين إسرائيليين، وبعض قادةالمعارضة السورية، إلا أن هذا التدخل لم يُسفر عن النتائج المرجوة، بلأفضى إلى تعزيز النفوذ الروسي والإيراني داخل سوريا، ومعاستمرار الكيان في استهداف مواقع سورية وإيرانية عبر غاراتهاالجوية، تبدو في مواجهة تحديات جديدة، لا سيما أن الوضع قد ينقلبإلى حرب استنزاف طويلة، مع أطراف مختلفة داخل سوريا.

لذلك فإن اندفاع نتنياهو وتمسكه بالحرب، ما هو إلاالقشةالتيستقسم ظهر البعير، وتذهب به إلى محكمة الكنيست، ولتنهي هذاالمرض النفسي، الذي عاث الخراب في المنطقة، لأنه وعلى الرغم من أنإيران كانت الفاعل الأكثر تأثيراً خلال السنوات الأولى للأزمة، إلا أنالأوضاع بدأت تميل نحو تعاظم الدورين الروسي والتركي، وبينماتسعى الأول للحفاظ على توازن القوى لصالحها، تعمل تركيا علىتعزيز مواقعها، لمنع قيام كيان كردي، مما يزيد من تعقيد المشهد،بالإضافة إلى أن أمريكا لن تسمح بالرهان على الفوضى في الشرقالأوسط، لأنها تريد أن تحلحل الأوراق العالمية، وتتفرغ إلى المواجهة معالصين.

أحدث المقالات