تختلف التحليلات والتوقعات عن نتائج زيارة وزير الخارجية الامريكية السريعة والمفاجئة للعراق ما بين الفهم المؤدلج لمناصرة الأحزاب الإسلامية للجارة إيران تنفيذا للالتزام الولائي مقابل فهم اخر يعتبر ان العراق لا ناقة له ولا جمل في تحويل أراضيه ساحة للصراع بين الثور الأمريكي الهائج والتهديدات الإيرانية المبطنة بإلغاء التزاماتها في الاتفاق النووي الذي جمع طهران مع الولايات المتحدة بوجود الأطراف الاوربية وروسيا الاتحادية، وربما ينتظر كل من روحاني وترامب الى موبايله الأول يفكر مليا قبل الاتصال بالرقم” السويسري” الذي دفع من داخل أروقة الدبلوماسية المتبادلة بين واشنطن وطهران ، والثاني ينتظر نقل ذات الرقم على بدالة البيت الأبيض لبدء الحوار الإيراني – الأمريكي … السؤال ما الحلول العراقية لإدارة هذه الازمة ؟؟”
ما بين كلا المنهجين في التحليل، لا يمكن اطلاق مصفوفة الاحتمالات للتعبير عن الموقف العراقي من حيثيات الادلجة الولائية لإيران، فهذا النموذج طبق في الصراع العراقي الأمريكي لأعوام وانتهى الى انتهى اليه اليوم من مفاسد المحاصصة ، والإبقاء على هذه الأحزاب في الحكم يتطلب إعادة النظر الواقعية لتحديد موقع اقدامها من الازمة، لاسيما وان ايران ذاتها لا تفترض حربا تشن عليها حتى مع التهديد الأمريكي بان هذه الحرب تقف على مسافة صاروخ واحد يمكن لأي جماعة مسلحة تتهمها واشنطن بالتحالف مع طهران لتحمليها مسؤولة اشعال فتيل هذه الحرب، وهناك قوات تنتشر في عموم المنطقة في انفتاح عسكري اولي لنظام المعركة ، فيما التحليلات التي يطلها من يوصفون بكبار المحللين في قنوات البث الفضائي المعبرة عن هذا المنهج الولائي، تذهب مسافات ابعد من الموقف الإيراني تحت عنوان الدفاع عن الملكية اكثر من الملك نفسه، كل ذلك يكرر التأكيد على منهجية الابتعاد عن فرضيات نذر الحرب المنظورة، العمل على منهجيات بديلة في صياغة بيانات الدولة العراقية، وفرض ضوابط محددة على إدارة الرأي العام، فالمسؤولية الديمقراطية تتطلب من الدولة عدم الوقوع في مطبات التصريحات الولائية مقابل مصلحة العراق الشاملة.
ما تقدم يكرر طرح السؤال عما بحثه “بومبيو” في بغداد والتي تؤكد التسريبات والتلميحات عما ويوصف ب ” الحلول العراقية”، لذلك يبدو من الممكن القول:
أولا: لم ينجح البيان الصادر عن مكتب رئيس الوزراء في توصيف منهجية الحلول العراقية اعتمادا على ما ورد في الدستور ومبادئ القانون الدولي، وكان ايراد عبارة منمقة عن إيران بمثابة شرخا في حيادية الموقف من الحلول العراقية، هذا الإخفاق الإعلامي عسى ان لا ينتقل الى اخفاق دبلوماسي صريح، يجعل واشنطن تمتلك زمام المبادرة في تنفيذ قرارات ترامب المقبلة ضد أي موقع لأي جماعة او حزب عراقي يتهم قولا او فعلا بالتحالف مع الحرس الثوي الإيراني المتهم أمريكا بالإرهاب.
ثانيا :لا يبدو الاعتماد العراقي في البحث عن مصالحه عند الجانب الأوربي، قد نجح بتجاوز خانق الازمة بين واشنطن وطهران، سيما وان ذات الدول تستشعر هذا الخانق من بعيد فكيف والعراق في قلب العاصفة واي تعويل في التحليلات السياسية وتسويقها للجمهور، بالاعتماد العراقي على اوروبا في مواجهة أي عدوان امريكي على مواقع عراقية ، ليس سوى تضليل كبير للراي العام العراقي ، مطلوب صحوة هوية وطنية عراقية تجعل القنوات الفضائية والذباب الإليكتروني للأحزاب الولائية لإيران امام استحقاق عدم فتح أبواب الاعذار للشيطان ترامب في تنفيذ أهدافه .
ثالثا: الموقف الأمريكي ليس سرا ولا افتراضات فالرئيس ترامب لا يخفي أهدافه، والمختصون في السياسة الدولية لا يراهنون على المواقف الاوربية او الروسية والصينية، لأسباب معروفة ابرزها العامل الاقتصادي، هناك شركات كبرى متعددة الجنسيات أصولها في الولايات المتحدة وتستثمر في الاقتصاد الروسي والصيني بمليارات الدولارات لذلك أي حديث عن مواقف خارج سياق الاتفاقات بين هذه الشركات ورئيس مجلس ادارتها الأكبر وهو الرئيس الأمريكي تجبر الدول التي تنتشر فيها استثماراتها على عدم تجاوز الموقف الرسمي المعلن، ربما هناك اعتراضات او مواقف بديلة، لكن اجبار ايران على التنازل عن مشروعها النووي وصواريخها بعيدة المدى لصالح إسرائيل ومشروع القرن الأمريكي الجديد، يمكن وصفه بالهدف المشترك بين الجميع المختلف على أسلوب إدارة الرئيس ترامب لوسائل تنفيذه، وهو ذات الاختلاف مع الرئيس بوش في إدارة حربه في العراق عام 2003 .
المفاجأة تبقى سيدة المواقف، حينما يبدأ الحوار الأمريكي – الإيراني، ربما سيظهر أحد المحللين ” الولاءين” ليقدم مواعظه حول محاسن هذا الحوار واهمية السلام والامن الدوليين، ولله في خلقه شؤون ؟؟