تلقى صديق صحفي خبراً إبان التسعينيات، عن: “شيوع ظاهرة الانتحار في السويد نتيجة شدة الرفاه” فإتفقنا يومها.. هازلين نضحك من مأساتنا.. على إستعداد العراق المحاصر بالعقوبات الدولية، لإستقبال المظلومين الذين “أوجر” بهم الرفاه، ننقذهم قبل أن ينتحروا.. ننتشلهم من باب القبر! بكرم عذاب المعتقلات والحروب والحصار.. العقوبات الدولية والاحتلال والارهاب والفساد.. صفحات تطوى ومأسٍ تنشر ونحن صامدون أمام عصف الضيم.. لا ننتحر بينما سوانا هش.. عجز عن مقاومة الرفاه.
لماذا كآبتهم ترتكس في ذواتهم منتحرين، وغيظنا نصبه على الآخرين منصهراً بركانياً يتلظى بسعير جهنم؟
السبب الذي يدفعهم الى الإنتحار هو ذاته الذي يقي المجتمع جنوح أفراده.. الرفاه، لو توفر للشاب العراقي رفاه بمقدار ملمتر مكعب مما تنعم به شعوب دول لا تملك ملمتراً مكعباً من ثروات العراق؛ لكف عن إستفزاز المجتمع الذي يؤدي الى إختراق الشرع والقانون والعرف؛ وبالتالي يجد الشاب نفسه تائهاً في تلاشٍ لا نهائي، منحوراً إن لم ينتحر.
ما لم ينتحر فهو ضحية البطالة الجامعية والشك غير المنهجي بقيم حُرفت عن قدسيتها لخدمة الفساد و… هل أقول مزيداً مما تعرفون وتلوكه الألسن في كل مكان!؟
الفقر المفتعل في عراق ثري، فنده أبو ذر الغفار، بحكمة أشفت غليل الجائعين: “لو كان الفقر رجلاً لقتلته” وتكامل المثل الشعبي معه.. رضوان الله عنه: “الخير يخير”.
الفقر ابو الكبائر.. يعطي تبريراً للجريمة ويضفي عليها غطاءً يشرعنها؛ بإعتبار “وما حيلة المضطر إلا ركوبها” والحقيقة ليست دائماً كذلك وإن صدقت في معظم الأحوال؛ لأن أبا ذر نفسه يقول: “من لا يجد طعاماً في بيته فلينزل الى السوق شاهراً سيفه”.
إذن الفقر حافز للجريمة وساتر يبرر نزوع غير المضطر.. يعطيه عذراً مسوغاً لتبرير نزوعه الإجرامي.. مرضاً وليس عوزاً.
ولأن الفقر حافز وستر؛ على الدولة تطمين حاجة الشباب كي لا يسهل إصطيادهم بين فكي كماشة الإرهاب والمخدرات.. خياران أحلاهما مر.
ولنشغل أوقاتهم بتوازن المعادلة الميدانية.. الرزق والرفاه؛ كي نأمن شرهم ونضمن خيرهم.