مقدمة
لم ينتهي بعد إعصار البطاقة التموينية الذي عصف بالعراق ودخلت رياحه كل بيت عراقي وحملت وزارة التجارة وزر ما حدث وكأنها هي المسئولة الأولى والأخيرة عن تقليص مواد البطاقة أو حجبها أو زيادتها وتنوعها .
في حين إن تجهيز المواطنين بالمواد التموينية هي جزء من سياسة الدعم التي تقررها الدولة وتنفذها بمختلف وزاراتها وأجهزتها المختلفة
الدعـم سياسـة دولـة
لا بد ومن البداية أن نقرر حقيقة مهمة جداً أن الدعم لفئات من الشعب هي ليست سياسة وزارة التجارة بل هي سياسة دولة وهي التي تقرر مقدار الدعم ووقته وحجمه والفئات المستفيدة منه .
والحقيقة الثانية إن دعم الدولة ليس مقصوراً على الدعم الغذائي بل هو يشمل أنواع كثيرة أخرى عدا المواد الغذائية ويمكن أن يكون الدعم معنوي أو عيني أو علمي أو خدمات
والحقيقة الثالثة أن دعم الدولة ليس مقصوراً بالضرورة على أفراد الشعب بل هو يشمل الدعم القطاعي (الزراعي والصناعي والفني والعلمي والتجاري والإستثماري والشبابي … الخ) ويمكن أن يصرف إلى شرائح إجتماعية محددة(الفقراء ومعدومي الدخل والعاطلين …الخ ) أو مؤسسات حكومية رسمية أو غير رسمية محلية (الصحة والكهرباء والماء والصرف الصحي …الخ) ويمكن في بعض الحالات أن يصرف إلى جهات وشركات وأشخاص غير عراقيين ( تسهيلات مصرفية وقروض لتشجيع الإستثمار الأجنبي مثلاُ) .
وبالتالي فهي عملية تكاملية يجب أن يخطط لها مركزياً من قبل الدولة للسيطرة عليها لخصوصية عملها وإمكانية حرف إتجاهاتها بغير ما خطط لها .
ويجب أن لا نغفل توجه الدولة نحو سياسة إقتصادية منفتحة بإتجاه إقتصاد السوق وقد نتجه بإتجاه الخصخصة وتقوية الملكية الفردية وتقليص دور الدولة التجاري وعلينا أن نتوقع صدور تشريعات قانونية ودستورية مالية وتجارية وكذلك هناك إتفاقيات دولية نقدية وإقتصادية ملزمة وكذلك التحولات السياسية اللبرالية الوطنية الجديدة عدا القيود السياسية والإقتصادية التي تقيد العراق (كدخول العراق تحت أحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة والتعويضات التي لا زالت مفروضة على العراق وديون العراق الخارجية واجبة السداد أو الإتفاقيات المبرمة أو التي ستبرم مع البنك الدولي … الخ) لذا لابد من الأخذ بعين الإعتبار كل هذه الأمور ونحن نضع سياسة الدعم بل أي خطة إقتصادية أخرى للدولة .
من العجب أن ترى في بلـــــــد مثل العراق (تقارب ميزانيته المائة مليار دولار أو تزيد) شــرائح إجتماعية كبيرة مدمرة إقتصادياً وقسم كبير منها تحت خط الفقر وتزداد فيه نسبة البطالة عن 50.% ويبحث الخريجون فيه عن عمل ولا يجدون!… وبدلاً من أن نتكلم عن مجتمع الرفاهية أو (مستوى الرفاهية) التي يفترض أن يتمتع به العراقيون (وهم يستحقونه فعلاً) بحكم المعايير الإقتصادية المجردة نجدنا بحاجة إلى الكلام عن ( سياسة الدعم ) وعن (البطاقة التموينية) التي هي مؤشر لتخلف إقتصادي ولكن مـا دام الفقر موجود فلابد للدولـــة أن تقوم بواجبها الاجتماعي في ( دعـــم ) الطبقات الفقيرة ومحدودي الدخل والعجزة والأيتـام والعاطلين عن العمل … الخ
كمــا ان (الدولة) مكلفة من جانـب ثاني بواجب تنشيط العجله الاقتصادية للبلد وما يصحب ذلك من توفير فرص عمل ورفع مستوى الدخل للفرد العراقي ولكن لحين أن يتحقق ذلك فـأن الدعم ضــــروري بموجب الأوضاع الإقتصادية التي يعيشها العراق ولابد منه لتحقيـق ( السلام الاجتماعي ) المطلوب توفره في مجتمعنا. وحيـن نتكلم عن “الدعم” في هذه الدراسة نعني تحديـداً : دعم الطبقـــات الفقيرة والذين ليس لهم دخل محدد والعاطلين عن العمل ومحدودي الدخل ومتحدي الإعاقة وذوي الإحتياجات الخاصة والأرامل والأيتام والعجزة حصراً بما يساعدهم على العيش بمستوى أنساني لائق ويوفر لهم الحاجـــــــات الضرورية للعيش وعلى رأس تلك الحاجات الضرورية الاساسية لمعيشة الانسان (المطعم والمسـكن) ومن غيـــــــر المعقول ولا من المنطق أن يستمر الدعم لكـل المواطنين فقيرهم وغنيهم حيث أن توفير المأوى مقدم على توفير السكن وتوفير السكن مقدماً على توفير السكن الإضافي أو المرفه بل لابد من زيادة نسبة مشاركة الأغنياء في “دعم” إقتصاد الدولة وبالتالي تتمكن الدولة من زيادة الدعم وتحسينه ؛ بل ينبغي أن لا نرهق ميزانية الدولة بالدعم على حساب الخطة الاستثمارية للدولة وبالنتيجة على حساب مسـتوى دخل الفــرد وبالتالي بقــاء الفقر والبؤس علـــى حســــــاب مصلحة المواطن نفسه فالدولة مطالبة بتقديـــم الخدمات الضرورية للمواطنين مثل (الماء والكهرباء والوقود والمواصلات والصحة ونظافة البيئة … الخ ) وكـــل هذه الخدمات تحتاج ايضاً الى ( دعـم ) كبيــــر من الدولة وهي تصب في خدمة كل المواطنين دون تمييز والدولة مطالبة أيضاً بتوفير فرص عمل وسكن مناسب لمواطنيها أكثر من ما هي مطالبة بتوفير حصة تموينية كما هي مطالبة أيضا بتوفير الدواء والكثير من المتطلبات الأخرى .
لــذا لابـد للدولة أن تراجع سياسـة الدعـم بموجب المؤشرات الإقتصادية المتغيرة حيث أنهـا قرار سيادي اقتصادي مركـزي للدولة وليس قرار وزارة أو شركة تقرر دعم المواطن أو لا والدولة هي التي تقرر مقدار الدعم ووقته وحجمه والفئات المستفيدة منه وفق سياسة محددة من قبل الدولة (البرلمان والحكومة) بموجب ضوابط تحددها الحكومة لتنفيذ هذه السياسة.
لذا لابد أن نضع مفهوم الدعم بإطاره العلمي الصحيح ولابد من ضبطه بما يتناسب مع مفهوم توزيع ثروات البلاد العامة على المواطنين بصورة عادلة ؛ ومن غير العدالة مثلاً أن يحضى مواطن على فرصة عمل وراتب مضمون ومخصصات متنوعة وقد توفر له الدولة سكن مجاني أو مدعوم إضافة إلى الدعم الغذائي الذي تقدمه الدولة للمحرومين والعاطلين عن العمل و متحدي الإعاقة من كل ذلك ! وفي اغلب الدول التي تقدم الدعم المالي أو الغذائي يحجب هذا الدعم بمجرد الحصول على العمل وهو من جانب آخر يشجع على العمل وعدم الإتكال على الدولة . لذا لابد أيضاً من تحديد درجات الدعم والمشمولين به بكل حرص ورعاية ودقة بموجب ضوابط وطرق علمية دقيقة ومنضبطة وعادلة وعدم تركه بالصيغة الحالية .
ولابـد أن تكون سياسـة الدعـم هـذه منسجمة مع السياسة الاقتصادية للدولة ومع الاقتصاد الحر والانفتاح الاقتصادي والتي يقتضي تحول إستتراتيجي كبير في سياسة الدولة بشكل عام لذا لابــد والحال هذا أن نفرد للدعم جهازه الخاص الذي يتولى تحديد سياسة الدعم ومراقبــة وتحديد مستوياته والمشـمولين به وطرق السيطرة عليه وتمويله وبموجب التطور الإقتصادي والإستثماري لكل أجهزة الدولة الاخرى والدفع بإتجاه زيادة الاستثمار وتعظيم الموارد وعدم أثقالها بمتطلبات الدعم وهكذا تكون العلاقة عكسية بين النمو الإقتصادي والدعم .
وبناء على ذلك يحدد واجب وزارة التجارة في تنفيـذ جزء من خطة الدعم المركزيـــــة التي تقرها الدولة بقدر تعلق الأمر بالنواحي التجاريـة ؛ دون الإضرار بواجباتها الاساسية الأخرى لـذا لابد من ان تستعيد الوزارة جزء من دورها الكبير في الاشتراك بوضـــــــع وتنفيذ السياسة الاقتصادية للبـلد والمساهمة في الاصلاح الاقتصادي المنشود وزيادة الناتج المحلي ضمن ما هو متاح في ظل هذه الظروف الصعبة (وهي واجبات كثيرة وخطيرة ومتعددة ولها علاقة مباشرة وعضوية مع التطور والنمو الإقتصادي للدولة وما التموين إلا واجب جانبي يمكن أن تقوم به وزارت أو مؤسسات غيرها )
ويمكن أن تنفذ سياسة الدعم في حالة إقرارها من قبل عدة وزارات وليست وزارة التجارة فقط بل ويمكن أن تشارك بها مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني في تنفيذ هذه السياسة منها على سبيل المثال وزارة العمل والشؤون الإجتماعية ؛ والصحة ؛ والتربية ؛ ومنظمات المجتمع المدني المهتمة بالتنمية البشرية والمؤسسات الدينية المهتمة بدعم شرائح معينة ، و أن لا يكون الدعم مقتصراً على المواد الغذائية ويمكن أن يتعدى ذلك الى رواتب أو منح أو مساعدات مالية تمنح لطبقات إجتماعية من من سبق ذكرهم ( ليس لهم دخل ؛ متحدي الإعاقة ، أرامل وأيتام ، عاطلين عن العمل ، مهجرين و سكان المناطق المنكوبة ، الطلاب ؛ … الخ ) إضافة إلى زيادة رواتب المتقاعدين أو ذوي الدخل المحدود . على أن تكون تلك الرواتب أو المنح والهبات والمساعدات خاضعة لمتغيرات كثيرة كما هي خاضعة لضوابط كثيرة أيضاً وتوضع (معادلة علمية) تحدد الفئات المشمولة بالدعم .
ويمكن أن يكون ( الدعم ) عن طريق مساعدات عينية لشرائح إجتماعية محددة ( توفير مأوى أو مسكن و كسوة و قرطاسية للطلاب الفقراء عن طريق المدارس ، دورات فنية تأهيلية للعاطلين ، توفير فرص عمل ، …. الخ ) وهكذا وصولاً الى دعم الخريجين على ضوء تخصصاتهم الفنية للقيام بمشاريع إستثمارية خاصة بهم (زراعية ؛ ثروة حيوانية ؛ صناعية ؛ ورش …الخ) ومن خلال وزارات الإختصاص عن طريق القروض الميسرة الدفع أو الهبات
وكل ذلك يزيد من دخل المواطن و يقلص الطبقات المشمولة بالدعم ويشجع الإستثمار المحلي ويساهم في دعم الدخل القومي . وصولاً إلى دعم الإستثمار المحلي والأجنبي في العراق وتوفير فرص العمل للعاطلين في داخل وخارج العراق … وبناء على سياسة ( الدعم ) المقرة من قبل الدولة يتم إقرار سياسة الدعم الغذائي كجزء من سياسة الدعم التي تقدمها الدولة وعليه تبنى التخصيصات المالية للدعم الغذائي كجزء من تخصيصات الدعم المالي على أن تكون مفصولة تماماً عن ميزانية الوزارات ومنها وزارة التجارة وبهذا تكون لوزارة التجارة ميزانية خاصة بها مفصولة تماماً عن ميزانية الدعم الغذائي ( في حال تكليف الوزارة بذلك وكما هو الحال الآن) .
وبناء عليه يتم تحديد الشرائح المشمولة بالدعم بصورة عامة وحسب أنواعه (من قبل الدولة) على أن تراعي الدولة (العدالة) عند منح الدعم وتقدير الحاجة الفعلية لكل شريحة من الشرائح المستحقة الدعم ، فموظفي الدولة ( على سبيل المثال ) يتقاضون رواتب ومخصصات ومكافأت من الدولة وهم بكل الأحوال أفضل حالاً من شريحة العاطلين عن العمل أو العاجزين عن العمل والذين ليس لهم دخل ، لذا لا بد من صرف رواتب (دعم مالي) لهم دون الموظفين الذين يتقاضون أجوراً من الدولة ويمكن تقديم دعم خاص لصغار الموظفين عن طريق الجمعيات التعاونية أو تقديم مخصصات مالية إضافية لهم .. وهكذا يتكامل الدعم الغذائي مع الدعم المالي مع الحاجة الحقيقية للمواطنين ولا يتناقض مع الخطط الإقتصادية للدولة. كما يعظم الميزانية الإستثمارية للوزارات ويتيح موارد إضافية للدولة (تذهب غالبية ميزانية وزارة التجارة لتجهيز مواد البطاقة التموينية) .
ومن المؤشرات والظواهر التي تحكم سياسة الدعم وتشير إلى إمكانية تطويرها نحو سياسة (الدعم البيئي) والإنتقال التدريجي من (مستوى العيش) إلى (مستوى الرفاهية) هي :ــ
A. إنخفاض نسبة التضخم المالي بشكل عام في البلد .
B. زيادة الإستثمارات (زيادة الميزانيات الإستثمارية على حساب الميزانيات التشغيلية إضافة إلى زيادة الإستثمار الوطني (الأهلي) والأجنبي ) وزيادة المفاضلة على الوظائف الغير حكومية على حساب الوظائف الحكومية (عدم إعتماد المواطنين على إقتصاد الدولة بشكل رئيسي ) .
C. إنخفاض نسبة البطالة والبطالة المقنعة .
D. توفير المأوى الصحي أو السكن المناسب لكل مواطن وعدم وجود مشردين أو مهجرين.
E. إتساع طبقة متوسطي الدخل (الطبقة المتوسطة) إلى أكثر من 70 % وإنخفاض نسبة الطبقة الفقيرة غلى ما دون 20 % .
F. إستقرار السوق المحلية (إستقرار الأسعار و وجود تنافس حر وعدم وجود إحتكار)
وبموجب تحرك هذه المؤشرات تتحرك سياسة الدعم وتتقلص حتى تصل إلى طبقات صغيرة محددة ولحين تحقق ذلك لابد من بقاء سياسة دعم الدولة ومنها الدعم الغذائي للمواطنين . إضافة إلى أهمية وضرورة تفعيل الدور الإقتصادي للحكومة بوجه عام خصوصاً بأتجاه تعظيم الموارد والدخل القومي وزيادة لإستثمارات في الموارد المحلية (النفط؛ وبتروكيمائية ؛ الزراعة ؛ الصناعة المحلية ؛السياحة) وتطويرها ؛ لابد من وجود إلى جانب سياسة الدعم (سياسة إستثمارية) منفتحة ومتطورة
ولذلك الحين ستبقى سياسة الدعم قائمة ومنها سياسة الدعم الغذائي على وجه التحديد (البطاقة التموينية) فاعلة ومن ما يمكن للدولة القيام به لتنفيذ وضبط سياسة الدعم سعياً للوصول إلى (سياسة الرفاهية) إن شاء الله .
A. إصدار تشريعات وقوانين وأنظمة عمل تنظم الخدمة المدنية تضبط عدد العاطلين عن العمل ومؤهلاتهم و تنظم التعينات وإصدار التشريعات التي تنظم رواتب الموظفين ومخصصاتهم وإستحقاقاتهم المالية ؛ وتخصص رواتب للعاطلين وتنظم شؤونهم وتوفر لهم فرص العمل الكريم داخل العراق وخارجه وفي المؤسسات الحكومية والأهلية ؛ وكذلك تنظيم أمور منعدمي الدخل ومتحدي الإعاقة والأرامل والأيتام والسجناء والفقراء والمنكوبين جراء الكوارث الطبيعية …الخ وتوفير المستلزمات الضرورية للحياة الكريمة بعد تحديدها بدقة علمية عالية.
B. تنظيم سياسة الدعم الطبي وتطويره وصولاً إلى الإكتفاء بخدمات وزارة الصحة .
C. تنظيم سياسة الدعم التي تقوم به وزارة العمل والشؤون الإجتماعية وتطويره لضبط أعداد المشمولين فعلاً بالدعم وتصنيفهم بمساعدة بقية أجهزة الدولة ذات الصلة .
D. تنظيم وتشجيع الجمعيات التعاونية ومنظمات المجتمع المدني لممارسة دور أكبر في دعم الطبقات المحرومة والفقيرة ومحدودي الدخل ومستحقي الدعم وتوفير بعض السلع الضرورية والإستهلاكية لهم بأسعار معتدلة أو مدعومة .
E. دعم الفلاحين والجمعيات الفلاحية بمواد ومستلزمات الإنتاج بأسعار مخفضة ونوعيات عالية ومنحهم قروض بلا فوائد لزيادة الإنتاج الزراعي وتقليل كلفه وزيادة الإعتماد على المنتج الزراعي المحلي وتخفيض أسعاره و زيادة الدخل القومي .
F. تشجيع الإستثمار (الحكومي) في حقل توفير السكن المناسب والرخيص وكذلك الخدمات الضرورية المناسبة للمعيشة الإنسانية .
G. تقديم خدمات خاصة في قطاعات النقل (مدعومة من الدولة) وفي قطاعات أخرى للشرائح المستحقة الدعم (بعد حصرها بقانون) .
H. تخصيص ميزانية مالية ضمن ميزانية الدولة تخصص لتنفيذ سياسة دعم الدولة .
I. الترويج لجذب الاستثمارات الأجنبية وضبطها وتهيئة البيئة المناسبة لها وتوفير فرص العمل وتنميــــة موارد النقـد الأجنبي وزيادة الدخل القومي .
J. تعمل الدولة بجدية وأهتمام عالي بتوفير فرص العمل للعاطلين عن العمل بمختلف المجالات داخل وخارج العراق
K. تشجيع الدوائر التي تعتمد بموجب نظام التمويل الذاتي لزيادة الإستثمار وتوسيع نشاطاتها وإستثمار مواردها الذاتية بأقصى حد ممكن ومحاسبتها على ذلك كي تتمكن من إستيعاب البطالة المقنعة إن لم تكن زيادة الأيدي العاملة لدى تلك الشركات .
خـتــامـاً
الدعم سياسة متغيرة للدولة تبعاً لتطورها الإقتصادي وزيادة حجم الإستثمارات المحلية والخارجية وتتناسب طردياً معها ويفترض أن تتقلص تدريجياً وصولاً إلى الرفاهية الإجتماعية التي ينبغي أن نسعى لتحقيقها خصوصاً وأن العراق يمتلك إمكانية ذلك بفعل الثروات الطبيعية والزراعية والسياحية و وفرة الكثير من المواد الأولية (وعلى رأسها النفط الذي يعتبر الركيزة الأولى للصناعات البتروكيمائية الضخمة) إضافة إلى العديد من الثروات الطبيعية الأخرى (زراعة ؛صناعة ؛سياحة ) ويمكن أن يبدءا الدعم بتوفير فرص العمل المناسب حتى يكون المواطن مهياء للإستغناء عن سياسة الدعم الغذائي ؛ كما أن سياسة الدعم لا تشمل فقط على الدعم الغذائي بل لابد من تنويعها بمجالات دعم أخرى وصولاً إلى الدعم الثقافي للشريحة المستحقة الدعم .
لذا لابد أن نضع مفهوم الدعم بإطاره العلمي الصحيح ولابد من ضبطه بما يتناسب مع مفهوم توزيع ثروات البلاد العامة على المواطنين بصورة عادلة . و لابد أيضاً من تحديد درجات الدعم والمشمولين به بكل حرص ورعاية ودقة بموجب ضوابط وطرق علمية دقيقة ومنضبطة وعدم تركه بالصيغة الحالية . ومن الضروري أن تكون سياسة الدعم مرهونة بضوابط إدارية ومالية وتنظيمية وإن تفرد لها ميزانية مالية مستقلة وأن تساهم في سياسة الدعم كل مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني والمرجعيات الهيئات الدينية وأن تعزز بالممارسات الإجتماعية الدينية والثقافية …الخ
وإن لا يفهم بأن الدعم سياسة دولة كونه سياسة إقتصادية للدولة بل أن سياسة الدولة تتجه بإتجاه تعظيم الموارد وزيادة الإستثمار والتطور الإقتصادي وصولاً إلى مجتمع مرفه يستثمر كل موارده الحقيقة بصورة علمية متحضرة؛ ولكن لا يمكن للدولة رغم كل ذلك إن تغفل دورها المهم وفي هذه المرحلة من النمو الإقتصادي عن دعم من يستحقون الدعم فعلاً .
ولكن الدعم لا يمكن أن يكون عشوائياً أو غير عادلاً . ولابد أن يكون الدعم بدرجة تحفظ كرامة المواطن وبحد أدنى لا يمكن التنازل عنه وبدرجة كافية توفر لمستحقي الدعم كل ضرورات الحياة الأساسية (الكرامة والمسكن والملبس والغذاء والدواء) بل وتمكين من يستطيع منهم من الإستغناء عن الدعم .
وما البطاقة التموينية إلا حلقة من حلقات سياسة الدعم لابد من تفعيلها وزيادة وتحسين مفرداتها سواء عن طريق وزارة التجارة أو بالتنسيق معها أو بعيداً عنها ولابد للوزارة ما دامت مكلفة بها من تطوير آليات تنفيذها وضبط إدارتها بشكل يدفع عنها كل الشبهات والطعون ويرتقي بعمل الوزارة بشكل عام والتموين بشكل خاص