الصورة الذهنية المتولدة لدى الجمهور والمؤسسات الحكومية المعنية بملف التعليم الأهلي في العراق تشير إلى أنه يفتقر إلى الرصانة العلمية، وان الطلبة سيحصلون على الشهادة التي يرغبون بها، طالما هم يدفعون الأموال، يرافقه تساهل كبير في منح الشهادة للطلبة المتخرجين، وما على الطالب إلّا أن يسجل ويدفع القسط وفي نهاية السنة يحصل على الشهادة بتفوق.
لكن الصورة تبدو في شكل آخر تماما في جامعة أهل البيت في كربلاء على مستوى كلياتها وأقسامها جميعاً، فليس متيسراً أن ترى مخالفات للزي الموحد مثلا، أو تلحظ تساهلاً من قبل التدريسيين في إداء واجباتهم وتقديم مادتهم العلمية، فهناك ضبط غير تقليدي في الإلتزام في وقت المحاضرة، وعدد الطلاب في القاعة الواحدة لا يزيد في أكثر الأحوال عن (38) طالباً، فضلا عن تكثيف المادة المقدمة للطلبة والتركيز على الجانب العملي فيها.
ادارة الجامعة أقرت تقاليد لا يغبن معها أحد، فليس معتاداً أن يتم خصم اي مبالغ من رواتب التدريسيين من دون عذر، فالتقاليد التي سارت عليها هذه الجامعة منذ سنوات لا مجال لتجاوزها، والمستوى العلمي للطلبة يكشف لك عن كفاءة التدريسيين، فأنهم يناقشون ويجادلون ويقترحون ويملكون معلومات متميزة تفوقت حتى على طلبة الجامعات الحكومية، وهذا ماكشفه امتحان الرصانة العلمية، الذي جاء وفقه قسما الصحافة واللغة العربية أولاً على جميع الاقسام المماثلة له في العراق، كما لم يرد أي من أقسامها ضمن القائمة السوداء.
منذ سنوات وقناعاتي التي تولدت بأن التعليم بدأ يتراجع في العراق لأسباب عدة بعضها تتحملها وزارتا التعليم العالي والتربية، وإخرى تتحملها الظروف القاسية التي مر ويمر بها البلد، وغيرها مثل إنخفاض كفاءة التدريسيين في المدارس الابتدائية والثانوية، واستمر هذا الانخفاض حتى مع الكليات الحكومية.
لكن هذه الرؤية تبددت مع جامعة اهل البيت التي لا شك انها ستكون في السنوات المقبلة من الجامعات التي ليس متيسراً للجميع الحصول على مقعد دراسي فيها، بل ستكون لأصحاب المعدلات العالية، وهذا التنبؤ لم يأت من الخيال، بل عبر رؤية واضحة رسمتها رئاسة الجامعة، والمسؤول عن التنظيم الإداري فيها، وعمداء كلياتها ورؤساء أقسامها، ومؤسسها، وقد حاز العديد من خريجيها على شهادات عليا من جامعات عراقية وعربية، وربما سنشهد مستقبلا فتح دراسات عليا في اقسامها، وهذا ما تضمنه قانون التعليم الأهلي الذي سيقر قريبا بحسب ماذكره لي الدكتور شيركو رئيس لجنة التعليم النيابية.
إن جامعة أهل البيت وفرت الظروف المناسبة لتقديم مادة علمية رصينة يمكن عبرها إحداث نقلة نوعية ليس في مسيرة التعليم الأهلي فقط بل حتى على مستوى التعليم الحكومي، في الإختصاصات المماثلة.