18 ديسمبر، 2024 9:01 م

الرصاص في مواجهة كشف ملفات الفساد

الرصاص في مواجهة كشف ملفات الفساد

أصبحت لغة التهديد،والتوعيد، وممارسات الضغط، والابتزاز السياسي لغة سائدة في المشهد السياسي المتأزم نتيجة الصراعات،والتنافسات،السياسية وفضائح ملفات الفساد العالقة، في ادراج مكتبات القضاء العراقي،واروقة الساحة السياسية من دون محاسبة المشبوهين نتيجة الصفقات السياسية المشبوهة التي يقوم بها البعض للتغطية على بعض الشخصيات من مافيات الفساد الكبرى والشبكات المرتبطة بها، وما تعرضت لها من حادثة اغتيال “النائب زينب الطائي” مؤخرا تكشف ملامح الوجه الاسود لتلك المافيات الخطيرة التي اتبعت منهج العدائية والتخطيط والتكتيك لمسح آثار الجرائم بشتى الطرق والوسائل لحماية تلك الشبكات من الفاسدين وقد لا يخفى على المتابع والمشاهد لمناشدات ومخاطبات والدور الرقابي التي كانت تقوم به النائب زينب الطائي من دورا وطنيا في الكشف للعديد من الملفات في عدة وزارات مهمة واهمها ملف الزراعة والتي كانت محطة جدل واسع في اروقة البرلمان والتي كانت تخضع كل تلك المحاولات والتحقيقات ومحاولات الاستجواب للمتورطين الى تعطيل برامج الاستجواب من قبل بعض الاطراف السياسية من خلال سياسة عرقلة تلك التحقيقات والاستجوابات ،وقد لا يخفى ايضا على المتابع للمشهد السياسي، والامني حوادث الحرائق المفتعلة في الوزارات والمؤسسات الحكومية والتي اصبحت أمراً عادياً في العراق، وغالباً ما تحصل في أقسام حيوية تخلّف أكواماً من رماد أوراق غاية في الأهمية تدين مسؤولين لهم ثقلهم في الساحة العراقية،
وان من المؤكد هناك مافيات يقف خلفها مديرون وشخصيات عامة وسياسية تعمل على إخفاء ملفات فساد تخص هذه الحقبة والعقود المنصرمة، من خلال افتعال الحرائق في محافظات البلاد كافة تستهدف دوائر الدولة والأسواق التجارية الكبيرة
ووقعت معظم تلك الحوادث في العاصمة العراقية بغداد والمحافظات الجنوبية، واستهدفت دوائر حكومية ومصارف، فضلاً عن الأسواق الكبيرة مخلفة خسائر بملايين الدولارات، إضافة إلى تلف ملفات ووثائق مهمة لا تقدر بثمن
وان هناك صفقات ومشاريع وهمية تورط فيها مسؤولون كبار حسب تصريحات العديد من الشخصيات السياسية واللجان التي لا يمكن كشف حقائقها أمام الرأي العام؛ بسبب الضغط والتهديد بالقتل من قبل فصائل مسلحة تابعة لتلك الكتل بحق أي لجنة تشكل للتحقيق في ملفات الفساد
وتعتبر قائمة المشتبه فيهم من المسؤولين العراقيين مثيرة للدهشة، بحسب رئيس هيئة النزاهة العراقية، حسن الياسري، الذي قال في تصريح سابق: إن “ربع أعضاء الحكومة تلاحقهم تهم فساد، وليس هذا إلا غيضاً من فيض، فلجنة النزاهة حظرت سفر أربعمئة شخص، من بينهم وزراء ونواب ووزراء سابقون ومديرون عامون ومحافظون”.
وبما ان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أكد أن “الحرب على الفساد في العراق أصعب من الحرب التي جرت ضد تنظيم داعش”
وقال العبادي في حفل تخرج بجامعة بغداد مؤخراً: إن “الفساد في العراق تحول إلى مافيا، وإنه يحتاج إلى تعاون الجميع لمحاربته ومن يقف وراءه من فاسدين”، مؤكداً أن الفاسدين موجودون في كل مفاصل الدولة”
لكن لا يزال العبادي مكتوف الايدي امام حيتان الفساد والملفات المستورة والتي تحتاج الى شجاعة وموقف وطني كبير وصارم والى قوى وطنية فاعلة وساندة لتطبيق القانون ومحاسبة تلك المافيات المتنفذة والخطيرة وان ملف الفساد ومحاربته في العراق ان استمر على هذا الوضع من التوافقات والتنازلات والمجاملات سيكون شبيهاً بملف اجتثاث البعث، الذي كان انتقائياً ومسيساً، وهنا مكمن الخطر الذي قد يؤدي إلى مشاكل جديدة وعميقة تضرب المجتمع العراقي وتعطل عدالة المؤسسة القضائية في تطبيق الاحكام العادلة
فمن المؤسف جدا ان يحتل العراق بارثه وتاريخه الاسلامي والحضاري العريق ضمن تقرير منظمة “الشفافية الدولية”، الذي صدر في 27 نوفمبر 2016، المرتبة الرابعة بأكثر البلدان العربية فساداً بعد الصومان والسودان وليبيا
ومن المؤسف جدا ان تكون الرصاصات الغادرة هي اطلاقة الرحمة في وجه العدالة التي تحقق العدل والانصاف لثروة الشعب العراقي المظلوم .