في ميلاد النبوة، رائحة النصر، تملئ الأجواء، ومعارك الكرامة، وعطر الدم الزكي، فوق سواتر العز، يطرز بدلات الرجال، بطولات تبني المجد، في أرض نينوى، هذه الصفحة الناصعة، تقابلها صفحة مليئة بالتناقضات السياسية، بين سطورها كثير من المهازل، وفي مقدمتها، عشاق الطائفية، والصخب، والخطاب المتشنج، يساعدهم على العيش، لأطول فترة ممكنة، وألا الموت سياسيا، ويندثر وسط ركام المخلفات العتيقة المهملة، في منزل الدنيا الفاني.
هناك شخصيات تمردت على الواقع الإسلامي، لكي يكون لها أسما وعنوانا، على حساب المستضعفين، فأن الطبقات التي تحملت وزر الأخطاء كثيرة، وهي غير مجبورة على تحملها لولا الواجب الشرعي الذي يحتم عليها، فأن ايدولوجيا الفكر السياسي المنحرف، كرست في الواقع الإنساني منذ قرون، لتكون اليوم صورة مشوهة لقتل جوهر الإسلام، برجالات مثل هذا النوع، يحملون صفة، الفساد والطائفية، ويعملون على جر البلاد لمنزلقات خطيرة، كادت تودي إلى الهلاك.
تحديد المساحات والأفق، عامل يلملم الإطراف، ويؤسس لمرحلة بناء دولة، تؤمن بالديمقراطية، وتسير على منهج المعادلة الجديدة، وفق عملية سياسية، يشترك بها الجميع، نحتكم لصندوق الاقتراع، ونتعايش سلميا، وثنائية الوطن والمواطن، هي السبيل الوحيد، للوصول إلى الهدف المنشود، فأن المسرحية أوشكت على الانتهاء وفصلها الأخير لم يبقى منه إلا المشهد الأخير، وتنكشف الغبرة، وحلكة الظلام يشقها نور الشمس الوهاج.
عندما تم صلح الحديبية، بين قريش والرسول( صلواته تعالى عليه واله)، اعترض ممثل قريش بذكر اسم (محمد) بأنه رسول رب العالمين، فتنازل الرسول الكريم، لرغبته، ووافق على طلبه، رغم أن المسلمين لم يوافقوا، ومع هذا تم تغليب مصلحة الإسلام والمسلمين، على المصالح الشخصية، ولحفظ المسلمين، وبناء الإنسان في تلك المرحلة، نجح الرسول(صلواته تعالى عليه وأله)، في صنع حياة جديدة، تؤسس لمجتمع ناضج و أنساني.
في الختام؛ التسوية الوطنية اليوم، أشبه بوثيقة الحديبية بالأمس، وفرصة لمشروع بناء الدولة، وحفظ الأمن للمجتمع العراقي، وفق مبدأ التعايش السلمي، التي نادت بها المرجعية مرارا وتكرارا.