برغم ان تصريحات كثيرة تطلقها الحكومة لمحاربة الفساد ومزاعم باحالة فاسدين ومفسدين الى القضاء ووعود بتشديد العقوبات والضرب بيد من حديد الا ان الفساد مايزال يسري كالنار في الهشيم بمختلف المفاصل الحكومية ومناحي الحياة. اليوم يزداد الخطر ويعم بوصوله الى غذاء المواطنين باستيراد شحنة رز فاسد ليوزع بموجب البطاقة التموينية بين مئات الاف من العوائل ليصيبهم في صحتهم.
عندما تسرب خبر وصول شحنة الرز الفاسد الى الموانئ العراقية انكرت وزارة التجارة علاقتها بالموضوع وزعمت ان الشحنة غير موردة اليها، ولكن بعد ان شاع امر الفضيحة او بالاحرى الجريمة البشعة تراجعت الوزارة وحاولت ان تلف وتدور بشأن مسؤوليتها، اذا ادعت ان الرز المستورد لحسابها يفحص من خلال شركتين المانية وسويسرية، وان الاكياس التي عرضت على وسائل الاعلام تختلف عما تستخدمه الشركة العامة للحبوب التابعة لوزارة التجارة… وكالعادة اتهمت ايدي خفية وراء الموضوع.
وبعد الضجة ضاع الخبر اليقين واصبح المواطن في حيرة من امره بين اقوال واقوال لا احد يستطيع الجزم بصحة أي منها، ويبدو ان هذا القصد تم التحرك لامتصاص الغضب الذي سرى بين الناس على الفاسدين من أي جهة كانوا من قطاع الدولة او من القطاع الخاص فالهدف واحد هو الحاق الضرر البليغ بالمواطنين عمداً.
هذه قضية من الدرجة الاولى، كان على الحكومة ان تشكل لجنة تحقيق من عدة وزارات فوراً فضلا عن القضاء وليس من الجهات المحلية في محافظة البصرة كي تفصل بهذا الشأن الخطير قبل ان تتم (طمطمة) المشكلة و(لفلفتها) ولاسيما انه عند الاعلان عنها حذر احد المهندسين في الموانئ علنا من ان هناك مبالغ ضخمة تعرض لتمرير الرز القاتل.
رواية وزارة التجارة لا تشير الى الاشخاص الذين تم استيراد الرز لحسابهم في بيانها فيها اشارت الموانئ بشكل صريح الى وزارة التجارة، وان هذا الرز مستورد لصالح البطاقة التموينية.
ايهما نصدق أي من الروايتين في الواقع اننا فقدنا الثقة بالحكومة ومؤسساتها وكل شيء جائز في هذا البلد بما في ذلك قتل آلاف البشر ، لذلك على الحكومة ان تسارع لتبرئة ساحتها وتحديد الجناة مهما كانوا والى أي جهة يتبعون ومحاسبة الذين يحاولون التعمية على جريمة الفساد.
هذه فرصة لضرب الفاسدين والجشعين الذين يتاجرون بقوت الشعب ولا يحللون ولا يحرمون المتاجرة باي شيء مادام يدر مالا ليملأ جيوبهم وحساباتهم في خارج البلاد.
في ظل الازمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها البلاد لن يتورع المتلاعبون والفاسدون عن الولوغ في كل اشكال المحرمات الشرعية والانسانية والاخلاقية ليشبعوا انفسهم المريضة ونهمهم الى المال.
نحن بحاجة الى تشديد الرقابة والعقوبات وتفعيل المؤسسات والقضاء واعلان اسماء الحرامية واظهارهم في وسائل الاعلام.. والاهم من ذلك الغاء المحاصصة في المحاسبة واعتبار المتسترين والمتهاونين شركاء في الجريمة.
الاصلاح من هنا ايسر فهؤلاء الاشخاص لا يمكن ان يغطي على فعلتهم مسؤول او الجهة مهما كان موقعها وشأنها في المجتمع.