18 ديسمبر، 2024 9:43 م

يُحكى: أن ثلاثة أشخاصٍ حُكمَ عليهم بالإعدام بالمقصلة، وهم: عالم دين, محامي, وفيزيائي ..وعند لحظة الإعدام، تقدم عالم الدين، فوضعوا رأسه تحت المقصلة، وسألوه: هل هناك كلمة أخيرة تود قولها؟ فقال عالم الدين: الله… الله… الله هو من سينقذني, وعند ذلك أنزلوا المقصلة، وعندما وصلت لرأس عالم الدين توقفت، فتعجب الناس وقالوا: أطلقوا سراح عالم الدين، فقد قال الله كلمته ونجا عالم الدين.
ثَمَّ جاء دور المحامي، فأتوا بهِ إلى المقصلة وسألوه: هل هناك كلمة أخيرة تود قولها؟ فقال: أنا لا أعرف الله كعالم الدين، ولكن أعرف أكثر عن العدالة, العدالة هي من ستنقذني، ونزلت المقصلة على رأس المحامي, وعندما وصلت لرأسه توقفت, فتعجب الناس وقالوا: أطلقوا سراح المحامي, فقد قالت العدالة كلمتها ونجا المحامي .
أخيراً جاء دور الفيزيائي، فسألوه: هل هناك كلمة تود قولها؟ فقال: أنا لا أعرف الله كعالم الدين، ولا أعرف العدالة كالمحامي، ولكني أعرف أن هناك عقدة في حبل المقصلة، تمنع المقصلة من النزول،
فنظروا للمقصلة ووجدوا فعلاً عقدة، هي التي تمنع المقصلة من النزول، فأصلحوا العقدة وأنزلوا المقصلة على رأس الفيزيائي، فقُطعَ رأسه .
مما جاء في الأثر مقولة “الرزقُ بالحُمق” حتى أن بعضهم نسب حديثاً تضمن هذه العبارة لرسول الإسلام، وبالرغم من أننا نرى كثير من مصاديق هذه العبارة، لكن لا توجد لدينا إحصائية دقيقة حول ذلك، سواءً في النفي أو الإثبات، لكننا نستطيع رد العبارة من نفسها، فمن انواع الرزق هو العِلم، ولذا فكيف يكون الأحمق عالماً؟! فكان من الأجدر أن يقال: “الرزقُ بالتحامق” أي إفتعال الحمق والتظاهر بهِ، وهذا ما رأيناه في القصة أعلاه، فلو أن الفيزيائي تحامق وتغابى، وأفتعل شيئاً أو مقولةً بدل كشف المستور عن الجمهور، لنجى بنفسهِ مما نجى منهُ رفيقاه، وبكل تأكيد هما ليسا من الحمقى إنما إستغلا جهل الجمهور…
هنا يأتي سؤال مهم جداً وهو: هل كشف المستور للجمهور أفضل أم سترهُ عنهم؟
الجواب: إذا كان كشف المستور فيهِ مصلحة الجمهور، فلا بُدَّ من كشفه، وإذا كان بخلاف ذلك وجب ستره.
سؤال: كيف نستطيع تشخيص مصلحة الجمهور من عدمها؟
جواب: مصلحة الجمهور تكمن فيما يعنيهم، وصرفهم عما لا يعنيهم.
مثال على ذلك: أنا كمواطن أُطالبُ الدولة بتوفير الخدمات، ولا يهمني مع مَن ستتعاقد الدولة، للقيام بذلك من شركات، وإنما يهمني جودة الخدمات وفاعليتها، وليس من مصلحتي ولا واجبي الإطلاع على حيثيات التعاقد، ما دامت الأمور تسري بشكل جيد، وكذلك لو سائت الخدمات، طالبتُ الدولة وحاسبتها، ولا شأن لي بسوء إختيارها للشركات إن أخفقت…
بقي شئ…
من الذكاء أن تتغابى وتتحامق في بعض المواقف، حفاظاً على المصلحةِ العامةِ والخاصة.