15 أبريل، 2024 3:07 م
Search
Close this search box.

الرد على الشبهات المثارة على الاحتجاجات

Facebook
Twitter
LinkedIn

لا يهمنا ما تثيره القوى السياسية المعادية للجماهير، والموالية لنظام ولاية الفقيه، والمتمسكة بالسلطة والامتيازات، وإنما يهمنا ما تنبعث من شبهات عند القليلين أو الكثيرين من عامة الناس من غير المشاركين في الاحتجاجات. وهذه الشبهات انبعثت إما من خلال إعلام القوى المتضررة من الاحتجاجات، وإما من خلال بعض الممارسات غير المقبولة، من ذوي الوعي السياسي والاجتماعي الواطئ وغير المنضبطين من الذين يشاركون في هذه الاحتجاجات، أو من قبل أفراد مندسين، منهم لا يبعد أن تكون نفس القوى المتضررة هي التي دستهم لتشويه صورة الاحتجاج، وبالتالي تقليص مساحة التعاطف معها، ثم إن هؤلاء المندسين سرعان ما يلتحق بهم أحيانا الشباب غير الواعي ولعله غير المتعلم وهم في فورة الحماس. والآن لنمر على أربع شبهات تثار ضد الحراك الشعبي الثوري الشبابي.
1. شبهة العامل الدولي والإقليمي في تحريك الاحتجاجات: نتذكر كيف سارع نوري المالكي عندما خرجنا إلى ساحة التحرير في شباط 2011 في اتهامنا بأننا بعثيون، وإن وراءنا السعودية وغيرها من دول الخليج. وعندما انطلقت ثورة أكتوبر 2019 بزخمها وعنفوانها اللذين فوجئت بهما السلطة وأحزابها، راحوا يتهمونها بأن وراءها أياديَ أمريكية وإسرائيلية وسعودية. فأية نكتة (بايخة) هذه، أن يتهم الشباب المنتفض بالعمالة لأمريكا وإسرائيل والسعودية. وحتى لو باركت أمريكا وإسرائيل والسعودية هذه الانتفاضة، ليس حبا للشعب العراقي، ورغبة في رؤية قيام دولة ديمقراطية حديثة قائمة على أساس مبدأ المواطنة، لا على أساس المحاصصة الطائفية والعرقية، وإنما كرها من هذه الدول الثلاث للنظام الإيراني، مع إن رفضنا لنفوذ النظام الثيوقراطي الإيراني في العراق ينطلق من منطلقات غير منطلقات بغض الدول الثلاث لإيران. فقاعدة عدو عدوي صديقي لا تنطبق هنا، كما لا تنطبق في الكثير من الحالات، ولذا يردد كثيرون خطأ ويعممون ما يعتبرونه قاعدة، والتي مفادها «الأصدقاء ثلاثة والأعداء ثلاثة، فأصدقائي هم صديقي وصديق صديقي وعدو عدوي، وأعدائي هم عدوي وصديق عدوي وعدو صديقي»، وهي قاعدة خاطئة ناقشتها قديما ولا مجال لإعقحام مناقشتها في هذه المقالة.

شبهة العنف والتخريب: العنف والتخريب من قبل المتظاهرين هو مرفوض لدى كل عاقل، وكل وطني، وكل ديمقراطي، بينما حصلت فعلا حوادث عنف وتخريب وحرق من قبل المتظاهرين. لكن كما بينت في المقدمة، الذين زاولوا ذلك، هم إما من المندسين فعلا، وإما من الميالين للعنف في وسط المتظاهرين، مما هو بتقديري غير مقبول من الأكثرية الساحقة من المتظاهرين، لأن فيها إساءة للحراك الشعبي نفسه، ثم هو غير مقبول خاصة عندما ينتج عنه إضرار بممتلكات الدولة التي هي ممتلكات الشعب وليست ممتلكات السلطة، كما إنه من غير المقبول التعرض للمدارس الأهلية ودور اليتامى وغيرها حتى لو كانت تابعة للفاسدين من السياسيين، كما لا يجوز تعريض أسر السياسيين، مهما كانوا سيئين للرعب، عبر الهجوم على بيوت المسؤولين، ولو إني أتصور إن الدور التي هوجمت كانت خالية من أهلها. مع إننا نتفهم لغضب الجماهير الذي صب على مقارّ الأحزاب الشيعسلاموية الفاسدة والميليشياوية، مع إن التفهم لممارسة غير الدعوة لها.
شبهة البذخ في التمويل: البعض انبعثت لديه شبهات من خلال ما رآه من بذخ في أنواع الطعام والشراب الذي وزع في بعض ساحات الاحتجاج، كساحة التحرير، وطرح سؤال «من أين لهم هذا؟»، وعندما تحريت عن الأمر شخصيا، علمت إنه من تبرعات المتعاطفين مع المحتجين. ومن هنا لا أدري، لماذا لا يشككون بالبذخ في إطعام الزوار في المناسبات الدينية، بينما يشككون، عندما يكون هناك مواطنون متمكنون ماليا يبذخون بكرم على أبنائهم المحتجين وهم يمارسون أفضل أنواع العبادة، عندما يخرجون لإنقاذ الوطن من الفساد والتبعية الخارجية والطائفية السياسية وتسييس الدين والمتاجرة به.
شبهة وجود أياد بعثية: كما حاولوا أن يتهموهم بأنهم بعثيون، ومعظمهم ولدوا بعد سقوط الصنم، فلا ندري كيف أصبحوا بعثيين. البعثيون لهم عداءان، عداء للسلطة الشيعسلاموية، ثأرا منهم لسيدهم الطاغية الذي لا أقول أسقطته هذه السلطة، بل فرحت واستبشرت لإسقاط الأمريكان له، كما فرح كل الشعب العراقي لذلك باستثناء الشواذ، والعداء الثاني للبعثيين هو عداؤهم للشعب وتطلعاته، ولذا من الطبيعي أنهم يحاولون أن يركبوا الموجة، ومع هذا لم نجد مؤشرا واضحا لوجود البعثيين في هذا الحراك، كرفع العلم ذي النجمات الثلاث، أو لعله حتى رفع صورة صدام. نعم، نقل إلي إن مديرة إحدى مدارس البنات، وهي بعثية رفعت صورة الطاغية الهالك. لكن هل من الإنصاف أن تبرر لكم حادثة مفردة أن توصموا الانتفاضة بأنها بعثية، وشبابها لا علاقة لهم لا بحزب البعث، ولا بصدام، بل فتح معظمهم عينيه على واقع سياسي أنتم أبطاله وقادته. ثم إن هاجس عودة البعثيين للحكم في العراق، لا نجد له واقعا أو مؤشرا، فحزب البعث أصبح والحمد لله من الماضي، ولن يعود.

وأخيرا أعجب لمن لا تثير حفيظته دماء وأرواح ما يقارب المئتي شاب، ويسلط أضواء السماوات والأرض على هفوات وتجاوزات، هي غالبا من قبل مندسين أو جهلة.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب