18 ديسمبر، 2024 6:49 م

الرد الكردي على أردوغان في تركيا

الرد الكردي على أردوغان في تركيا

فشلت تركيا في تحقيق مساعيها المختلطة بأوهام “العثمانية” لاخضاع شمال العراق وبالأخص محافظتي نينوى وكركوك الى سلطتها والتحكم فيهما عن بعد عبر الموالين لها سواء من ابناء جلدتها او اصحاب فكر “اخوان المسلمين” الذي يمثل المرجعية الفكرية لحزب العدالة والتنمية “الحزب الحاكم”. هذا الفشل كان لاسباب عديدة، منها الرد العراقي على تصريحات الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الذي توقع ان بغداد وحيدة ولا تمانع من تواجد الاتراك العسكر في مدينة بعشيقة او تحرير مدينة تلعفر ذات الاغلبية التركمانية، وايضاً السبب الاخر الدور السياسي الدبلوماسي غير المعلن من قبل حلفاء العراق وبعض دول جواره الذين لعبوا دوراً وسيطاً بردع تركيا وايقاف ثرثرة خارجيتها الدبلوماسية. اردوغان يعلم بان البقاء من دون صناعة أزمات للتعايش عليها أو إشغال الراي العام التركي بها بعد خيبة آماله في العراق، سيوقعه في مشاكل بفتح باب التساؤلات عن مصير مئات الالاف من المواطنين الذي عزلهم عن مناصبهم واعتقال الكثير منهم بذريعة تورطهم في محاولة الانقلاب على السلطة التركية، فاضطر لاشعال ماهو مشتعل في جنوب تركيا باعتقال مسؤولين ونواب عن حزب الشعوب الديمقراطي “الموالي للكرد” ثالث اكبر كتلة بالبرلمان التركي وصاحب الـ59 مقعداً، بتهمة الانتساب لمنظمة إرهابية مسلحة ويقصدون فيها الانتماء لحزب العمال الكردستاني “pkk”. حملة الاعتقالات تحمل بعدين، الاول لأغراض انتخابية مستقبلية بجعل الشارع الكردي في تركيا ينزعج من سياسييهم بسبب جلبهم المشاكل مع الشرطة والمؤسسات الأمنية، وبالتالي انعدام نعمة الامن والاستقرار في مناطقهم بانتخابهم لحزب الشعوب. والبعد الآخر يتعلق بدول الاتحاد الاوروبي الداعمة لكرد تركيا والتي تكثر فيها مقرات ومؤسسات ثقافية تابعة لهم، بان مصير اصدقائهم او حلفائهم الجدد سيكون خلف القضبان، وانهم لن يعرفوا الراحة ما لم تتنازلوا عن هذا الدعم او الاستجابة لما تريده انقره في المواقف اللاعقلانية التي تتخذها. لكن اردوغان، بسبب عقليته العنجهية يتجاهل بان ردة فعل حملة اعتقالات المسؤولين الكرد ستكون داخلياً مختلف الادوار، فان حزب العمال الكردستاني سيشد من قتاله اماكن القتال ضد الجيش التركي في سلسلة جبال قنديل، خاصة وان عناصر الحزب يستعدون لشن حرب اوسع هذه الايام قبل هطول الثلج في مناطقهم التي تعيق حركتهم، وارتفاع قرقعة البنادق سترتفع اصواتها لاخذ ثار اعتقال النواب المعتقلين في السجن التركي، وهذا مايدور داخل العناصر. اما الرد الاخر، فكان عن طريق “وحدات حماية المدنيين” وهو تنظيم شبابي من الرجال والنساء المناصرين للعمال الكردستاني في المناطق الكردية بتركيا تشكل في السنتين الأخيرتين ويعرف عنهم بارتداء اللثام على وجوههم بالاعلان عبر مقاطع الفيديو عن تشكيلاتهم او بتنفيذهم للعمليات العسكرية ضد الأجهزة الأمنية التركية، وتعرف الادارة التركية بان هذا التنظيم المدني هو امتداد لـ”pkk” وانهم من القومية الكردية ولا تستطيع تجزئه او تفكيكه. وأقوى الردود وأعنفها على اجراءات اعتقال المسؤولين الكرد، كانت من قبل منظمة حرية صقور كردستان المعروفة باسم “TAK” نسبة لاختصار اسمها باللغة الكردية “Kurdistan Azadiya Teyrêbazên” التي تأسست بعد اعتقال عبدالله اوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني، وتدعي انها غير مرتبطة بالحزب، لكنها تتخذ من فلسفة وأفكار اوجلان إيديولوجية لمسيرتها، ومارست عملها بشكل فعلي منذ “الخميس 29 تموز 2004”. تنشط اعمال المنظمة التي تضم انتحاريين في الاماكن العسكرية والسياحية التركية، لاعتقادها بان الحكومة التركية تقوم بارتكاب الجرائم ضد الكرد. والمعروف ان المال التركي والمؤسسات الاستخباراتية عجزت عن معرفة تواجد أعضاء التنظيم وأي الأماكن التي يستهدفها لسريته، لذا ستستمر تركيا بسياساتها الحالية بشن حملات اعتقال بحق المسؤولين الكرد، يقابلها تأزم امني تركي.
[email protected]