23 ديسمبر، 2024 10:13 ص

الرد الروسي سيكون حازماً.. لكن أين؟

الرد الروسي سيكون حازماً.. لكن أين؟

مقتل السفير الروسي في تركيا، على يد شرطي في وحدة مكافحة الشغب التركية، باسلوب بعيد عن العمليات الإرهابية، التي غالبا ماتكون بعمل انتحاري، أو عبوات ناسفة، مما يثير التساؤلات أكثر، فمَن الذي قتل السفير الروسي؟ وما هي تبعات هذه الحادثة، على مختلف الأصعدة، سواء الإقليمية أو الدولية؟
العلاقات الروسية التركية، شهدت تحسنا بعد حادثة مقتل الطيار الروسي، الذي اسقط الجيش التركي طائرته، قبل عدة شهور، وخلف أزمة سياسية، كادت أن تنهي العلاقات بين الدولتين حينها، اليوم يُقتل السفير الروسي بهذه الطريقة، وأمام وسائل الإعلام، مما يرسل رسالة سلبية للعالم عن الحكومة التركية، لأنها غير قادرة على حماية دبلوماسي رفيع المستوى، من القتل في بلادها.
لذلك ليس لتركيا أية مصلحة، أو غاية في قتل هذا السفير بهذه الكيفية، من حيث الزمان والمكان، بل على العكس، يضرها أكثر من غيرها، فلو أرادت أن تقتله؛ فما هي مصلحتها في ذلك؟ وإن كانت لها مصلحة، فإنها تستطيع أن تقضي عليه، بطرق ووسائل التنظيمات الإرهابية، وبذلك تبعد الشبهة عنها.
الاحتمالات المتوقعة والمفترضة، لتبعية القاتل ومن يقف خلفه متعددة، الاحتمال الأول: تركيا وقد بينا أن لامصلحة لها في ذلك، فهذا مستبعد، الخيار الثاني هو: أن يكون هذا الحادث عملاً إرهابيا،ً وهذا أيضاً مستبعد؛ لكون الإرهاب له أسلوبه وأدواته المعروفة، والتي يريد أن يقتل فيها أكبر عدد من الضحايا، فليس لديه فرق بين السفير والشرطي، فكلهم كفرة ويستحقون القتل بنظره.
الخيار الثالث: هو أن من يقف خلف هذه العملية، هي مخابرات دولية، تريد إشعال النار بين تركيا وروسيا، خاصة بعد التقارب الذي شهدته هذه العلاقات، في الفترة الأخيرة، وأثره على تراجع الإرهابيين في سورية، ونجاح النظام في استعادة السيطرة، على ثاني أكبر المدن السورية، ألا وهي مدينة حلب.
أما الخيار الأخير: فهو أن يكون هذا الشرطي، الذي أقدم على فعل هذه العملية، شاباً مؤدلجاً، وتابعا لبعض التيارات المتشددة، الداعمة للمعارضة السورية، والتي هُزمت وتراجعت كثيراً في سورية، وما يساعد على صحة هذا الخيار؛ هو هتاف القاتل أثناء عمليته، بالثأر لحلب وسورية.
المستفيدون من هذه العملية، ينقسمون لمحورين: الأول: وقد يكونوا هم خلف هذه العملية، فأصحاب هذا المحور، توقعوا وتمنوا خراب العلاقات الروسية التركية، وانشغال الدولتين بالصراعات فيما بينهما، وهذا ماتريده الولايات المتحدة الأمريكية، وحلفائها الخليجيون والغربيون.
أما روسيا فقد فقدت رجلاً دبلوماسياً منها، لكنها كسبت ملفاً سيكون عوناً لها في مباحثاتها وصراعها، مع الدول العالمية الكبرى في مجلس الأمن، وستجعل من هذه الحادثة دافعاً لها، لزيادة الدعم السياسي والعسكري للنظام السوري.
أخيراً أيّ كان المنفذ، فأن العملية هذه أحرجت تركيا أمام العالم، وأساءت لسمعتها الأمنية، وأما روسيا فستعزز من دعمها للنظام السوري، وعدائها للمعارضة، وليس هناك مانقوله، سوى على الإرهابيين في سورية، أن ينتظروا الرد الروسي على مقتل هذا السفير، لأنه سيكون حتمياً وحازماً.