كان الرد الإيراني على قصف القنصلية الإيرانية في دمشق في شهر نيسان رد تحذيري عرض قوى أكثر منه رد بيان القوة لإيران، أما اليوم وبعد عودة إسرائيل لاستفزاز طهران واغتيال إسماعيل هنية في دار الضيافة وسط طهران والذي أصاب طهران كما قال السيد حسن نصر الله في كرامتها وشرفها فلا يمكن أن يكون الرد استعراضي أو تحذيري.
إذاً لماذا تأخرت ايران في الرد؟، هناك عدة أسباب أهمها أن المعروف عن الإيرانيين هادئون في السياسة ولا يجعلون رد الفعل يؤثر عليهم وكما يقال عندنا (خلكهم طويل)، والسبب الآخر حتى لا تجعل إسرائيل تستفيد وتظهر بموقف الحمل الوديع وأنها معتدى عليها، حيث دعت ايران إلى مؤتمر الدول الإسلامية والتي سوف يحضره (57) دولة مسلمة من أجل التأييد والدعم وإن كان معنوياً، وسوف تبلغ مجلس الأمن بممارسة حقها بالرد على إسرائيل وفق المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة لتعلم المجتمع الدولي أن الضربة القادمة رد على اعتداء قامت به إسرائيل، والأهم من كل هذا أن تجعل إسرائيل في حالة انذار شديد وهذا يكلفها الكثير الكثير من الناحية الاقتصادية والاجتماعية.
وعلى هذا تتضح الرؤيا أن الضربة قادمة لا محال وموجعة، أي بيان قوة وليس استعراض قوى، فمن يقوم بهذه الضربة إيران وحدها أم مع حلفائها من فصائل المقاومة أم تكون الضربة من هذه الفصائل وبتوجيه إيراني، اعتقد أن الضربة سوف تكون ثلاثية وليست رباعية، حيث تكون الضربة من داخل الأراضي الإيرانية ومن جنوب لبنان من مجاهدي حزب الله إضافة إلى الصواريخ الموجهة من اليمن، وهذا يعني استبعاد مشاركة فصائل المقاومة العراقية والتي هي من صلب محور المقاومة وذلك لرفع الحرج عن الحكومة العراقية التي تتألف في معظمها من هذه الفصائل، واعتقد في حالة واحدة تشترك هذه الفصائل إذا وجهت ضربة لإيران من قبل القوات الأمريكية من داخل الأراضي العراقة وإن كان هذا الخيار مستبعد.
أما نتائج هذه الضربة فأتوقع أنها ضربة لمواقع عسكرية إسرائيلية موجعة ومحدودة، ومن خلال المفاوضات الأمريكية الإيرانية التي جرت في عُمان في الأيام الماضية أن تكون الضربة لئِم جرح كرامة إيران ولن تكون ضربة ساحقة ما حقه لأن هذا يعتبر تجاوز لكل الخطوط الحمر وتكون ايران بمواجهة أمريكا لأن الكل يتذكر تصريح بايدن قبل فترة (لو لم تكن إسرائيل لأوجدنا إسرائيل)، وكذلك يبقى في حسابات إيران أن الضربة رغم قوتها لا يجب أن تقوض انفتاح إيران على المجتمع الدولي من خلال رئيسها الجديد، وإذا كانت الضربة ضمن الحدود المتفق عليها يمكن أن تكسب العودة إلى المفاوضات حول ملفها النووي ويمكن أن يخفف عنها الحصار بعض الشيء، ويمكن أن يكون من نتائج هذه الضربة انتهاء الحرب في غزة خاصة وأن نتنياهو أصبح يشعر بالحرج من المجتمع الإسرائيلي وحتى المجتمع الدولي بل أن الرئيس بايدن أبدى وفي أكثر من موقف امتعاضه من نتنياهو وهذا يعني أن الأخير أصبح يشكل عبئاً على إسرائيل وأمريكا معاً وإن استمرار حرب غزة هي رغبة نتنياوهية حفاظاً على استمرار رئاسته للحكومة الإسرائيلية بل يمكن أن يكون تفكيره أن نهاية الحرب هي نهايته سياسياً واقترابه أكثر من فقد حريته.
ومن الصعب أن نتناول الضربة الإيرانية إلى إسرائيل ولا نتناول الموقف العربي الرسمي، أقول أن هذه الضربة سوف تفضح القادة العرب أكثر وأكثر وستزيد من حقد هؤلاء القادة واعلامهم الموجه ضد إيران الفارسية الرافضية، وهذا المصطلح الأخير لكسب الشارع السني الذي يغلي وهو يشاهد ما تفعله اسرائيل بإخوتهم الفلسطينيين وخذلان هؤلاء القادة والله من وراء القصد.