طلبات الاستغاثة واستنهاض الروح الإنسانية كانت العناوين الأبرز التي رفعوها أصحاب محال تجارية من نادي النهضة الرياضي قرب المسرح الوطني وسط العاصمة مؤكدين أنهم استأجروا محلاتهم بشكل أصولي من نادي النهضة وبمعرفة ودراية وزارة الشباب التي أعادت النظر مجددا وبقرار من الوزير سيتم إخلاء تلك المحلات التي يرتزق منها العشرات من فقراء هذا البلد الذي لا زال على ما يبدو يعيش تحت رحمة أمزجة أصحاب القرار ويدفع ثمن خصا مات المسئولين فيما بينهم بالإشارة إلى إن عقود تلك المحلات ابرمها مدير النادي السابق وهو ما وجدوه المسئولون ألان غير مجدي وهناك فكرة باستثمار أهم وذي فائدة مالية اكبر على قول أصحاب المحال متناسين انعكاسات قرار مثل هذا على حال العديد من العوائل التي ترتزق منها منذ أعوام
محاولات اللقاء بالوزير أو بأي مدير عام بالوزارة لم تنجح فكان اللجوء إلى الإعلام أو نشر استغاثاتهم عبر قطع
قماش كبيرة وهي تحمل عبارات طلب الرحمة وكذلك عبارات السخرية من انجازات الوزارة ونجاحاتها العديدة
والتي أرادت أن تتوجها بطردهم من أماكن رزقهم لكن يبدو إن الإعلام لم يتقدم بخطوات تغطية مناسبة بسبب خشية اغلب الصحفيين نقد وزارة الشباب التي سبق وان رفعت قضية تعويض مالي بحق صحيفة العالم مما أدى إلى تخوفهم من التلميح أو التصريح بعرض أي شكوى بحق وزارة عرفت كيف تسكت السنة المنددين بسياستها باليات تتشابه فيها مع باقي الوزارات
ولا أنكر إنني من المترددين في كتابة أي سطر قد يثير حفيظة جلالة المبجلة وزارة الرياضة التي تتمتع بروح رياضية عالية ومتسامحة!!!!!
لكنني وددت عرض الحالة كما هي إنصافا للحقيقة رغم معرفتي بصعوبة وصول أي مقالة أو متابعة إعلامية تحمل شيئا من العتب أو قد تغضب الوزير فأكثر ما يهم المقربين من الشخصيات الكبيرة في حكومتنا هو تجنب إزعاج أولي الأمر لذا فلا غرابة من ما يطلقه بعض المهضومين من تصورات بعدم علم المسئولين الكبار بعسر حالهم في ظل تزايد أعداد حراس أمزجة الوزير وبطانة عملاقة تعمل على حجب التوسلات وأناشيد الاستغاثات
وهي قاعدة لا تختلف بها وزارة عن أخرى فأسهل عمل يقومون به هو استهداف الضعفاء ممن يتعذر عليهم المواجهة في حرب الظهور الكبيرة وفي وطن المحسوبية الذي يتيح للكبار احتلال مناطق بأكملها والاستحواذ على بنايات دولة ومناصب عليا بمباركة القانون والدستور وشريعة الأقوى
الغريب إن اغلب أصحاب المناصب الكبيرة في دولتنا هم من الأحزاب الدينية التي تعرف وتعترف بان الرحمة والضمير عليها إن تكون في مقدمة أولويات التعامل مع شعب عاش مسلسل الإذلال وسيطرة المتنفذين على مدى عقود من الزمن المر…
وهنا لابد الإشارة بموضوعية إلى إن قرار إخلاء المحلات وفق القانون ولا غبار عليه لكن المحتجين قدموا طلبات اللقاء وشرح الحال والتفكير ببدائل أو منحهم مهلة مناسبة قبل الطرد وهي مطالب إنسانية تتطلب قليل من الشفقة بأوضاع إفراد عكس صراخهم الهستيري بوجه الصحفيين الذين تجمعوا قرب محلاتهم حزن عميق وفقدان الأمل بحوار مع الكبار وهو ما يثير القلق أكثر من فعل الطرد بحد ذاته فعندما بفقد المواطن الأمل بمد الجسور مع المسئول وانعدام الحيلة للقاء به تكون القضية أكثر خطورة وقسوة ..
عندما هممنا نحن الصحفيين بمغادرة مكان الاعتصام أو التظاهر استوقفتني طفلة اغرورقت عيناها الصغيرة بالدموع (عمو راح أترجعون لابويا المحل هو يومية باليليل يبجي ويكتل أمي ) متصورة إننا أصحاب القرار
فملابسنا الأنيقة وتجمع الناس حولنا وحملنا الحقائب ودفاتر الملاحظات أوحى لها بذلك لم يخطر ببالها أن رجال الدولة يصدرون الأوامر من خلف الزجاج الأسود المظلل وإقدامهم تكره أرصفة الجوع والحرمان .
[email protected]