في سلسلة التراث البغدادي في التاريخ كانت لنا محاضرة عن الرحاله البغداديين ذلك ان ما تم كتابته يتعلق بالرحاله غير البغداديين الذين زاروا بغداد في رحلاتهم كابن بطوطه وابن جبير وغيرهم دون ان يذكروا البغداديين الرحاله الذين زاروا البلاد الاخرى ذلك ان أدب الرحلات فن اشتركت فيه سائر الامم القديمة بما فيها مدينة بغداد إذ من البغداديين الرحاله سلام الترجمان وسليمان العراقي وابن حوقل وعبد اللطيف البغدادي
أما عبد اللطيف البغدادي فهو عبد اللطيف بن يوسف بن محمد بن علي البغدادي وهو عالم بغدادي يعرف باسم ابن اللباد وابن نقطه عالم بغدادي كبير كان واسع الثقافه درس الفلسفه والطب واللغه وعلوم الدين وترك مؤلفات كثيره ولد في بغداد بدار جده عام 557 هج وتوفي فيها عام629 هج وزار مصر وخراسان ودمشق والحجاز وحلب وبلاد الروم وفلسطين وغير ذلك واهم رحلاته هي التي قام بها الى مصر وجمعها في كتابه (الافاده والاعتبار في الامور المشاهده والحوادث المعاينه بأرض مصر) حيث يقدم وصف شاهد عيان عن مصر وأحوالها الاجتماعيه والاقتصاديه ووصف حالتها العمرانيه وآثارها ومعالمها وطيورها ونباتاتها ثم يوصف المجاعه التي ضربت مصر عند زيارته لها حيث يقول : ان مصر من البلاد العجيبة الاثار الغريبة الاخبار وهي واد يكتنفه جبلان شرقي وغربي يبتدئان من أسوان ويتقاربان بأسنا حتى يكادا يتماسان ثم ينفرجان قليلا قليلا وكلما امتدا طولا أنفرجا عرضاً والنيل ينساب بينهما وجميع شعبه تصب في البحر المالح وهذا النيل له خاصتان اولها بعد مرماه فأنا لا نعلم بالمعموره نهرا ابعد من مسافه وثانيها إنه يزيد عند نضوب سائر الانهار وأما ما يوجد من الاثار القديمه فشيء لم أر ولم أسمع بمثله في غيرها فمن ذلك الاهرام
ومن الرحاله البغداديين سلام الترجمان الذي أرسله الخليفه العباسي الواثق الى بلاد الصين ليشاهد السد الذي تم بناؤه بين يأجوج ومأجوج ذلك ان خليفة بغداد هذا رأى في منامه كأن هذا السد قد أنفتح فطلب رجلا يرسله الى الموضع فيستخبر خبره وقيل له ان الذي يصلح له سلام الترجمان الذي كان يتكلم ثلاثين لسانا اي لغة وارسله الخليفه بعد ان ضم اليه خمسين رجلا ووصله بالمال وبرزق سنه واستغرقت هذه الرحله ثمانية عشر شهرا وعندما عاين سلام السد اخرج من خفه سكينا وحك به موضع شق به فأخرج منه مقدار نصف درهم وشده في منديل ليريه للخليفه الواثق عند عودته ثم سأل من هناك هل رأوا من يأجوج ومأجوج أحدا فذكروا انهم رأوا ذات مره عددا منهم فوق الجبل فعصفت ريح سوداء فألقتهم الى جانبهم وكان مقدار الرجل شبراً ونصف وقام سلمان بهذه الرحله عام ٢٢٧ هج
وسليمان العراقي من الرحاله البغداديين عاش في القرن الثالث الهجري وكان من التجار الذين ينقلون عروض الهند والصين الى البلاد العربيه وترك لنا كتابا في رحلته يعد من أقدم ما وصل الينا من رحلات العرب البحريه ألفه عام 237 هج نقله كاتب اسمه أبا زيد السيرافي ولقد استخدم البحر في رحلته الى الهند والصين حيث كان يمر على المحيط الهندي والمحيط الهادي وعني بوصف طريقه البحري وما شاهد من جزائر فلقد تضمن وصفا للبحار وحياة الناس في تلك الدول ولاحظ شربهم للشاي لأول مره حيث يقول ان عند أهل الصين حشيشاً يشربونه بالماء الحار ووصف العادات والنظم الاجتماعيه والاقتصاديه ولأهم المنتجات في الهند والصين وسيلان وجاوه في اندونيسيا والاخبار عن علاقة المسلمين في الصين ومما يذكره عن عاداتهم انهم اذا أرادوا التزويج تهانئوا بينهم ثم تهادوا وشهرون الزواج بالالات الموسيقيه من طبول وصنوج وهداياهم على قدر امكانياتهم والكثير من عقوبات السرقه هي القتل وحيطان اهل الصين من الخشب وبناء اهل الهند الحجاره والجص والآجر والطين ويتزوج الهندي والصيني ما شاء من النساء والطعام في الهند الأرز والطعام في الصين الحنطه والأرز وأهل الصين يعبدون الاصنام ويصلون لها ويتضرعون لها وأكثر أهل الصين بلا لحيه خلقة واهل الصين والهند يقتلون ما يريدون أكله ولا يذبحونه والصين أصح وأقل امراضا وأطيب هواء ولا يكاد يرى بها أعمى أو أعور ولا من به عاهة
ومن الرحاله البغداديين محمد بن علي الموصلي البغدادي الشهير بابن حوقل الذي نشأ في بغداد الذي طاف بالعالم ثلاثين سنه وعده أصحاب الاختصاص على رأس قائمة جغرافيي القرن الرابع الهجري اذ قرأ كتب الجغرافيه وشغف بهذا العلم حيث طاف في العالم الاسلامي ووضع كتابه المسالك والممالك وهو ليس سردا جغرافيا وانما رحله كبيره في العالم الاسلامي رحلة جغرافيه بديعه ويصف الممالك العريقه حضارة وتنظيما وله وصف جميل ودقيق لجزيرة الاندلس