23 ديسمبر، 2024 12:07 ص

الرجل المناسب لكل المناصب

الرجل المناسب لكل المناصب

تكلم كثير من الأغبياء وبعض المغرضين، عن شخصيات تسلمت مناصب متعددة، وأبدوا إستغرابهم وإستهزائهم، من شخص يمتلك عدة مواهب، ويستطيع النجاح في عدة مناصب، والذي نسطيع القول عنهُ:” الرجل المناسب لكل المناصب”.
لن أذهب بعيداً لأذكر إبن سينا وأقرانهِ، وأُعيدُ سيرة التاريخ، ولكن لأتيهم من مكانٍ قريب… مهاتير محمد: كان طفلاً ويعمل بائعاً للموز، وله من الأخوة والأخوات ثمانية، ووالدهم يعمل معلم إبتدائي، وراتبه لا يكفي لتحقيق حلم إبنه الأصغر مهاتير، في شراء دراجة، ولكن هذا لم يمنعه من الحلم، وكان حلمه أن يُصبح طبيباً يُعالج الفقراء، وهو ما حدث بالفعل.
إستطاع مهاتير محمد، بفضل جهده وتفوقه، أن يلتحق بكلية الطب، وبعد تخرجه عمل بسلاح الخدمات الطبية، وإلتحق بالحزب الحاكم(منظمة الملايو القومية المتحدة)، ثم فاز بعضوية مجلس الشعب، ثم خسر مقعده في المرة التالية، وتفرغ لتأليف كتاب عن مستقبل ماليزيا الإقتصادي، وألف عدة كتب اقتصادية هامة، أشهرها”مُعضلة الملايو”، الكتاب الذي منعهُ قادة الحزب من النشر، لأنه كان ينتقد الشعب المالايو، ويتهمهم بالكسل والتخلف وعدم حبهم للعمل.
لُقب مهاتير بأنه متمرد، حاول مهاتير إقناع قادة الحزب، بأفكاره وآرائه، وتم إعادة إنتخابه ثانياً في المجلس، وفاز بالتزكية، وتم إختياره وزيراً للتعليم، فقام بإصلاح هذه الوزارة، ووضع الخطة لمن بعده، ثم تركها وصار وزيراً للصناعة، وفعل في وزارة الصناعة مثلما فعله في التعليم، ثم أصبح مساعداً لرئيس الوزراء ثم رئيساً للوزراء.
لم يتوقف حلم مهاتير محمد عند هذا الحد، وبعد أن كانوا يعيشون في الغابات، ويعملون في زراعة المطاط والموز والأناناس وصيد الأسماك فقط، وعندما أصبح رئيساً للوزراء في 1981 بدأ النهضة الشاملة لماليزيا، وإستطاع النهوض بهذه الدولة، ذات الأعراق المتعددة(الملاي والصينيون والهنود)، فحرية العقيدة مكفولة للجميع، ولذلك فماليزيا يسمونها(آسيا الحقيقية).
إستطاع مهاتير أن يُحقق حلمه لتنمية وتقدم بلده وأن يُغير وجه ماليزيا عن طريق الاهتمام بتنمية الإنسان والتعليم والبحث العلمي والتصنيع، ورفع شعار تطهير ماليزيا من الفساد ورفع الكفاءة والأمانة وتطبيق القوانين وتقديس العمل.
ترك الحكم وهو في قمة مجده في 2003 وترك خريطة وخطة عمل اسمها 2020 لتصبح ماليزيا رابع قوة اقتصادية في آسيا بعد الصين واليابان والهند .. وترك إرثاً عظيماً من الحضارة الماليزية التي أصبحت إحدى النماذج التي يُحتذى بها في العالم.
بقي شئ…
التغييرات التي يتبناها العبادي والذي دفعهُ لها من ذكرناهم، يجب أن لا تطال الناجحين والكفوئيين.