23 ديسمبر، 2024 8:50 ص

الرجال والحق.. من يدل على من؟

الرجال والحق.. من يدل على من؟

يميل العرب بطبيعتهم إلى إتباع رمز, أو قائد بطل, والإقتداء والإكتفاء به.. والإتكال عليه.

إن لم يمتلكوا هذا النموذج, إختلقوه وأصطنعوا له بطولات, وإنجازات وأمجادا, ونسبوا له كل شيء جميل وحسن, بل وينسبون له إنجازاتهم هم.. وربما يصل الأمر ببعضهم, إلى أن ينسب له الأمور الخارقة عن المعتاد, وغير المعقولة!.

هي ليست صفة خاصة بهم, فربما شاركتهم أمم أخرى في ذلك, وخلال فترات من تاريخها, إلا أن ما يميزنا, إن الأمم الأخرى, تتجاوز تلك المرحلة, ونحن تمسكنا بها.. ولا نزال.

النضج وتكامل الوعي الاجتماعي والفردي, إلى درجة كافية.. تجعل الإنسان يثق بنفسه, ويفهم إن الإنجاز ناتج عن جهد جماعي لأفراد عدة, ولا يمكن لفرد واحد, أن يحقق شيئا لوحده.. إلا ما ندر.

هناك أفراد لهم دور كبير, في إستنهاض همم الأمم, وقيادتها إلى مستقبل أفضل, بل وتغيير بلدان, وأمم بأكملها, من حال إلى حال, لكن هذا لا ينفي دور الأمة, وحقيقة إن الإنجاز, من الناحية العملية هو للأمة.. لا لقادتها.

عملية دفع الشعوب, لإختزال نفسها في فرد, وتقزيم بلدانها في أشخاص, أحيانا تكون عملية مدبرة, ومسوقة بإحتراف, لتكريس حكم دكتاتور, أو جهة أو حزب ما, وإقناع الناس, بل إيهامهم, أن شخصا ما, هو الحامي الأوحد ولا بديل عنه ولا خلف, وأن حياة الأمة أو الجماعة, مرتبطة ببقائه, وأن الدين أو المذهب, لن يستقيم من دونه؟!.

شخص واحد, ربما يقود الأمة, و يتحمل مسؤولية القرارات, لكن أن تختزل الأمة, أو المنهج والفكر للتيار, أو الجهة في رجل واحد, مهما كبر شانه السياسي أو الاجتماعي, بكل تأكيد تكريس للدكتاتورية, فالأمة أكبر من أبنائها.

التعلق بالرموز عاطفيا, أمر طبيعي, لكن ليس لشخصهم فقط, إنما لما يمثلونه من منهج وفكر, ودور عظيم لأممهم وللبلد الذي ينتمون إليه.

روي عن أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم قوله” إعرفوا الرجال بالحق, ولا تعرفوا الحق بالرجال”.