23 ديسمبر، 2024 4:42 ص

الرجال مواقف..لا إنثلام في وطنية الطبيب العراقي

الرجال مواقف..لا إنثلام في وطنية الطبيب العراقي

• المنظومة الصحية في العراق بحجم التحديات برغم النقص في العدد والمعدات
أشادة بموقف أطبائنا في ديالى،  وتضامنا مع زميلنا رئيس هيئة فرع النقابة في المحافظة؛ إذ ينبري بين آونة وأخرى، صوت في هذه المنطقة أو تلك، منشزا بعبارات وتعليقات تمس الاطباء وخاصة بشأن بدل الأتعاب والأجور وغيرها…
وبعيدا عن أغراض العقول القابعة بين جدران العظام الصلدة والمحركة للحناجر وأهدافها، نؤكد على ان  بدل أتعاب الطبيب واجور الفحص في القطاع الخاص، لا تخضع للقوانين المنظمة للسوق (قوانين العرض والطلب والسعر الحدي) وغيرها، وغير مشمولة بسيطرة الدولة وإجراءاتها؛ لأن العلاقة بين المريض والطبيب تخضع للقانون المدني، فهي علاقة عقدية، أي ينظمها عقد، والعقد شريعة المتقاعدين.. محددة بين شخصين طبيعيين او معنويين، تقيم أجورها وفق مستوى الخدمة المقدمة.
وهي مناطة بقرار لجنة مشتركة من وزارة الصحة ونقابة الاطباء، وفق المادة ٧ من القانون رقم ٢٦ للعام ٢٠١٣.
وبما أن نقابة الاطباء مؤسسة قانونية، لها نظامها الخاص الذي يعلو على القانون العام، في تمثيل الاطباء وتنظيم حقوقهم وواجباتهم وسلوكهم المهني، كفئة سيادية حاكمة، وفق التوصيف الوظيفي خدميا؛ لذا فمجلس النقابة يعمل بالصلاحيات الممنوحة له، والتي لا تخرج عن قرار الهيئة العامة، خاصة في مايمس الرزق ولكن مع الأسف مركز النقابة العام راقد في الأعماق تحت وطأ التجميد والجمود لذا تنمر المتنمرون و واستغل المستغلون مهنة الطب والاطباء والتطاول عليها. 
 
حماة الصحة
لا بد من التفرقة بين بدل الجهود التي يبذلها الطبيب، ومدخلاتها العلمية والدراسية والمعنوية ومستلزماتها المادية والأمنية والعملية والاجتماعية، وحتى الشكلية وأثمان الخدمات الاخرى، كما يجب تمييز مفاهيم بدل الأتعاب والأجور وألأثمان من منطلق العلوم الاقتصادية والمالية واساليب حسابها .
يفترض بمن يتحدث في هذا الشأن، التوفر على الأهلية اللازمة للخوض في ميدان معقد ومركب وذي أبعاد متداخلة، ومن نافلة القول إطلاعه الدقيق على مهنة الطب وخصوصياتها وشجونها ومعاناتها، وان تكون له خلفية ثقافية.. تاريخية، لتطورها وحدودها الشرعية وأسسها الموضوعة من روادها، المسندة بالشريعة وسنن الأنبياء وسير الأئمة والمصلحين، فضلا عن تمتعه بحدود معمقة من الثقافة في ميدان علاقة الطب بالمجتمع، ويستحسن أن تكون له بحوث ودراسات وإطلاع كاف بهذا الشأن، وفي المقدمة منها القوانين المنظمة للعملية الصحية وإقتصادياتها، والعلاقة بين القطاع الخاص والعام، ودور كلٍ منهما في تقديم تلك الخدمة.
وان يخلو حديثه من أية أهداف، إنما يروم المصلحة الانسانية العامة، متفهما حال  الاطباء العاملين في العراق، الذين يمثلون ربع العدد اللازم، هم حماة صحة ستة وثلاثين مليون مواطن عراقي، من الأوبئة والامراض والمشاكل البيئية، بكل اتجاهاتها العلاجية والوقائية والتثقيفية والتعليمية، وهم المعالجون المسعفون، في حوادث الاٍرهاب والإصابات، والتي تعجز عنها الأنظمة الصحية في العالم المتطور، لكن المنظومة الصحية في العراق بحجم التحديات، برغم النقص في العدد والمعدات لدينا؛ فاطباء العراق يعملون بهمة وطنية وإنسانية، في ظل غياب المحفزات التي تشجعهم، لكنهم يواصلون العطاء بإخلاص، صامدين في العراق، خدمة لشعبهم، في ظروف الحرب والحصار والارهاب والفساد، يشاركونه الهموم والمعاناة، متحملين اعتداءات اعترفت بها الدولة من خلال اصدار قانون لحمايتهم، لم يحقق أهدافه، بسبب تلكؤ التطبيق وإلتباس شؤون البلد أمنيا وعشائريا، وقصور في صياغة نصه وضعف أداء النقابة.
 
بيئة طاردة
وبرغم كون العراق بيئة طاردة، نظير جذب الخارج، وفرص الرفاه السانحة أمام الاطباء، إلا أنهم رفضوا الإغراءات، ملتزمين وطنيتهم، ماكثين في البلد، يعملون بمدخولات مالية واطئة جدا، بالقياس الى نظرائهم في الخارج، والذين تتوفر لهم الحماية والرعاية الاجتماعية والعلمية، ومع ذلك لم تنثلم همة وحيوية ووطنية الطبيب العراقي، رافضا الهجرة.
يترفع الأطباء عن الطائفية، في علاقاتهم مع بعضهم، وفي أدائهم للمريض، إذ يعملون تحت هاجس الأسرة الواحدة، في أرجاء العراق كافة، بتضامن ووحدة مهنية تؤطر الموقف وتؤشر حدوده.
لذا فإن الاساءة غير المبررة، للاسرة الطبية، تطاول مرفوض شرعا وقانونا وعرفا.. يعد تشهيرا وتحريضا، يعاقب عليه القانون الجنائي والمدني، في وقت  يعاني خلاله المركز العام لنقابة الاطباء، من ظروف تنظيمية وقانونية ومالية معقدة، أدت الى إيقاف الدعم لمجالس فروعها في المحافظات؛ إضطرتها للعمل بجهد ذاتي؛ لذلك لابد لكل الاطباء من اتخاذ مواقف تأييد تمنع أي خرق، الأمر الذي يجعلني أشد على يد زملائنا رئيس وأعضاء فرع ديالى، وندعوهم للاستمرار بهذا المستوى المسؤول المسنود بالقانون والعرف ووحدة الاطباء وموقعهم وتأثيرهم وخياراتهم الدستورية.