20 مايو، 2024 9:14 م
Search
Close this search box.

الرجال الخطرون

Facebook
Twitter
LinkedIn

كان في طريقه لجلب الخضار لأسرته في فترة صار فيها مجرد الخروج من المنزل جريمة كبرى..كان جيش القائد المخلوع السابق قد دخل الى محافظات الجنوب والوسط لينظفها من (الغوغاء) الذين تجرأوا على الخروج عن طاعته،ولأن المسؤولين عن التنظيف كانوا على درجة كبيرة من الحرص و(النظافة) فقد حرصوا على إزالة كل (شائبة) تعترض طريقهم حتى لوكان الفتى عصام كبير إخوته الذي بلغ السادس الإعدادي بدعوات والدته الفقيرة، والتي يتوجب عليها طعام عائلته والخروج من المنزل حتى في اقسى الظروف، فهو بريء من حمل السلاح والمشاركة في (الغدر والخيانة)لمحبوب الشعب، لكن الرجال الأبرياء هم الرجال الخطرون كما يقول الكاتب السوري ياسين رفاعيه، وهو ماجعل رجال القائد الشجعان ينزلون عصام من على ظهر دراجته الهوائية ويقتادونه الى جهة انتهى أفرادها أما الى مقابر جماعية او عادوا محملين بالإهانة والحقد..
قبل أسابيع كان فؤاد قد استعد للخروج الى البصرة بعد إجازة قصيرة في شاحنته التي يحمل فيها بضائع من علاوي(جميلة) ويعرفه معظم تجار جميلة وموانئ البصرة، كما يعرفه اغلب رجال السيطرات في الطريق اليها..كانت عمليات تنظيف مناطق (حزام بغداد) من الإرهابيين قد بدأت بقوة بعد تهريب سجناء وفرار آخرين من سجن أبي غريب والتاجي في فضيحة وجد القائد لها مخرجاً يعيد اليه بعض ماء وجهه المسكوب أمام العراقيين في القبض على اكبر عدد ممكن من الرجال الخطرين (الأبرياء) في مناطق حملت وصمة (التواطؤ وحضانة الإرهاب) كما حملت مناطق قبلها وصمة (الغدر والخيانة)..وهكذا حل فؤاد ضيفاً على رجال الجيش (المخلصين) لقائدهم، لأنه لم يفكر في الهرب فهو بريء من وجهة نظره لأنه يعيل عائلة ويتجنب كل مامن شأنه ان يؤذي أحداً من أبناء بلده، لكنه خطر من وجهة نظر القيادة ففي شهادة ميلاده يحمل وصمة الانتماء الى مناطق موصومة بالأذى..
قبل أيام خرج فؤاد من المعتقل لأنهم اكتشفوا براءته من الإرهاب بعد حفلات تعذيب كهربائية أحالت جسده الرياضي القوي الى كومة عظام مهشمة وأعصابه المشدودة الى خيوط واهية..قال فؤاد ان أبرياء مثله حملوا سمة (إرهابي) بعد اعترافات اجبرهم عليها التعذيب وآخرون قتلهم التعذيب او كاد يقتلهم لكنه كان من بين المحظوظين الذين قاومت براءتهم كل أشكال الإرهاب الحقيقي في المعتقلات..فؤاد الذي كان يذبح الدجاج الحي رغماً عنه لشدة قرفه من الدم، شاهد وشهد كل مامن شانه ان يزرع الحقد في قلبه البريء وكذا الحال مع كل من يتعرض حالياً في مناطق حزام بغداد الى إهانة في الطرق واعتقالات عشوائية وتجميد لمصادر الرزق..
يقول المثل الألماني ان الانتقام والثأر يحولان الحق البسيط الى خطأ جسيم، والمنتقم يحفر قبرين احدهما لنفسه وهو مايحدث مع قائدنا (الحكيم) ورجاله، فهم يحولون رجالا أبرياء بكل بساطة الى رجال خطرين. انهم يفسحون الطرق للارهاب الحقيقي ليعبث بالبلد، لكنهم يحاسبون أبناء بلدهم الأبرياء على جرائم انتمائهم الى مناطق سبق وخرج منها قائد (حكيم) آخر حكم شعبه بالحديد والنار ليحافظ على بقائه في السلطة فقط. أما الرجال الأبرياء فسيظلون حطباً أبدياً لجنون القادة وانتقامهم ما سيحولهم يوماً ما الى رجال (خطرين) فعلا..

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب