اذا كانت مصطلحات المناخ والطقس هي من تعبر عن ما يدور الان من تغيرات كبرى في دول كانت بالامس القريب ترزح تحت نير الانظمة المستبدة الفاسدة الحاكمة وبالاخص دولنا العربية والشرق اوسطية فمن نافلة القول ان ننعت هذا الحال بربيع عربي ينتهي باعصار الطائفية والاسلام السياسي .
لقد كنت في فرح غامر وانا اشاهد المواطن العربي يمتلك ارادته ويعبر عن رايه بدون خوف او تردد ويتصدى للفساد والمفسدين وظلم الحكام ويدعوا الى التغير حتى باتت جملته الشهيرة “الشعب يريد اسقاط النظام” تعد من اكثر الجمل التي ارعبت الحكام والحكومات المستبدة واصبحت كابوسا يقض مضاجعهم ,فلقد شمر الشعب عن سواعده وحناجرة في ظاهرة غير مسبوقة لم نشاهد لها مثيل على مدى تاريخ هذه المنطقة حيث اعتادالحكام فيها, على التنازع على السلطة وبالتالي الظفر بسدة الحكم دون اي اكتراث لمصالح الشعب حيث الغاية هي الحكم ولفترات طويلة وتصفية الخصوم الذين يهددون العروش ,وذهبوا بعيدا في ذلك حتى راحوا يورثون لابنائهم واقربائهم وكانهم مالكي الارض ومن عليها .
نعم كنت فرحا باسقاط وتداعي تلك الانظمة وكان فرحي مبنيا على اساس ان من يشعر بالحرية والكرامة لا يمكن ان يحيد عنها حتى لو كلفه الامر حياته .تلك كانت الشرارة الاولى التي وضعت تلك الشعوب المظلومة على ناصية الحياة الحرة الكريمة التي سبقتها بذلك كل الامم بمن فيها الافريقية والجنوب اسيوية الفقيرة الموارد والارث الحضاري .ولطالما شعرت ان من بدا الثورة وضحى بالغالي والنفيس ليس له اي هم سوى تخليص شعبه من الظلم والاستبداد دون الالتفات لمرحلة ما بعد اسقاط تلك الانظمة .وبالفعل هذا ما حدث لاحقا اذ استطاعت قوى رادكالية شوفينية عنصرية وطائفية ان تتسيد المشهد السياسي وتركب الموجة وبتنسيق واضح مع القوى العالمية الكبرى كالولايات المتحدة والغرب وتناغمها مع مشروع تقسيم المنطقة وتحويل اتجاه التطرف الاسلامي الذي كان يهدد تلك الدول الى الداخل والتهيئة للاقتتال الطائفي والديني وابعاد الخطر عن مصالح الدول العظمى والغربية تحديدا كنتيجة حتمية مترتبة على ذلك .
للاسف ان من حلم بالحرية والخلاص وضحى بالغالي والنفيس من اجل ذلك وجد نفسه خارج اللعبة لا بل اصبح عدو ومخرب وعميل من وجهه نظر هولاء الحكام الجدد ,وبعد ان اطمئنت الدول الغربية على مصالحها بشكل كامل عن طريق تعهدات واتفاقات قام بها هؤلاء الذين يحكمون دارت وجهها عن ما يدور من اقتتال طائفي ونزاعات دموية وتصفية التيار المعتدل والمثقف لا بل باركت كل هذه الاعمال بسكوتها وتايدها الاقتصادي والسياسي لمن يقوم بها .
نعم هذا هو ما وصفناها ابتداءا من ان الربيع العربي انتهى باعصار الطائفية والاسلام السياسي ,ولكن نقول لهولاء الحكام الجدد ان من كان قبلكم كان اكثر اخلاصا لمصالح الغرب وتجاهل شعبه فانظروا ما حل به ,ان الشعوب تبعث برسائل بالغة الاهمية لحكامها فان من لم يستطع قراءتها جيدا لسبب او اخر فان عليه ان يعلم ان ما ينتظره هو وجماعته مصير مروع وسقوط مدوي .انظروا لرسائل الشعب في تونس ومصر وانظروا للشعب السوري الذي هب بكل اطيافه عند بداية انتفاضته على نظام مستبد وقاسي سانده بذلك كافة الشرفاء والاحرار بالعالم اقول انظروا لرسائل هذا الشعب اليوم انه منكفئ على نفسه وبدأت ثورته تتلاشى لا بسطوة وقسوة النظام كلا والف كلا, ان نظام بشار الاسد اضعف ما يكون عن مقاومة شعب متوحد منتفض ضده. بل ان عزوف الجزء الاكبر من هذا الشعب عن الاستمرار بثورته خوفا من تسلم نفس الجماعات الحاكمة في مصر وتونس وليبيا السلطة واستبدال طاغية بطواغيت يروجون لمشاريع طائفية ونظريات بالية متخلفة تدغدغ مشاعر الجهلة ولا تحوي اي افق واضح اومنهاج عملي وعلمي معاصر ينقذ الشعوب من واقعها المرير,كان هو دافعهاالاكبر للانكفاء على نفسهاوهبوط المستوى البياني لمقارعتها للنظام خوفا من تكرار نفس التجربة . ان الشعوب حية.., وان زمان الخنوع والاستكانة قد ولى.., ولا تغركم السلطة وصناديق الاقتراع البائسة التي لا تمثل سوى صوت من هو منتظم لمجاميعكم ومستفيد ومنتفع منكم ولويصحوا احدكم من غفلته لعرف جيدا ان شرعيته من صناديق الاقتراع لا تشكل سوى 20 بالمئة من جموع الشعب والاغلبية صامته شكلا امام اعينكم وابصاركم القاصرة ولكن مضمونا فهي تهيء الى زلزال قوته 20 درجة على مقياس رختر!! لاستأصالكم والى الابد والعبور الى الخلاص والحرية والانعتاق فبئس ما كنتم تعملون وبئس ماعملتم ولن تدعكم شعوبكم ان تدركوا ما سوف تنوون فعله .