4 نوفمبر، 2024 9:29 م
Search
Close this search box.

الربيع العربي ،الاسلام، الاسلاميون، والديمقراطية!

الربيع العربي ،الاسلام، الاسلاميون، والديمقراطية!

الربيع العربي الذي تردد، اوتراجع  المثقف في المنطقة عن تاييده، بل حذر منه، وعاداه بعضهم بحجة اكتساح الاسلاميين للساحة السياسية، او تنفيذ “مخططات امريكية”!. للمتقف، واليساري خاصة تجربة مرة مع الاسلاميين. فلقد ساندوا ثورة الخميني مثىلا، ودعوا الى دعم “خط الامام”! لا زالت في الذاكرة  صحيفة الحزب الشيوعي اللبناني، “النداء” حيث وضعت صورة الخميني في صفحتها الاولى كاملة، متصورة، انه سيقود النضال ضد الامبريالية. نفس الوهم راود قطاعات واسعة من الحزب الشيوعي العراقي، والسوري، وغيرها. بالنتيجة فان الجنوب اللبناني “الشيوعي” صار “شيعيا” بقدرة قادر، وصار حزب الله ممثل المستضعفين، وليس الحزب الشيوعي الليناني حزب الكادحين، وقبلة خيرة مثقفي لبنان. في الجنوب، والوسط العراقي الحاضنة التاريخية للحزب الشيوعي العراقي، وبسبب الضربات العنيفة التي وجهها نطام صدام الى الحزب ثم الى الحركة القومية الكردية، ليصفى له المجال في حرب ايران.تحول معظم الشباب المتحمس نحو الاحزاب الاسلامية الشيعية، وخاصة حزب الدعوة الذي استفاد كثيرا من ثورة الشعب الايراني، التي اغتصبها الخميني، وغياب الحزب الشيوعي الواضح عن الساحة في الكسب الطائفي  بين جماهير الشعب المعادية للنظام الفاشي الصدامي. لكنهم تحولوا في الواقع الى طابور خامس، وميليشيات تعمل لصالح ايران ضد الوطن العراقي، بحجة الدين، والطائفية. ان تجارب افغانستان، وحكم طالبان، والافغان العرب، حرك الريبة، والحذر عند المتقف في المنطقة، والخوف من سيطرة الاسلاميين، الذين يعلنون بصراحة نيتهم بتطبيق الشريعة الاسلامية. الجرائم الفظيعة، التي ارتكبت على هذا الطريق في الجزائر مثلا، وراح ضحيتها مئات الالاف من الابرياء، بذبح بربري يذكرنا بجرائم المغول، والتتار، والنازية. لان الاسلاميين في الجزائر اعلنوها بصراحة انهم يتخذون الديمقراطية، وسيلة لاقامة حكم اسلامي يطبق نظام الحدود، والشريعة الاسلامية الحجرية. هذا ما جعل مظاهرات الجزائر، لا تاخذ مجالا اوسع، مثل تونس ومصر، بسبب تردد اليسار، واوساط المثقفين في تاييدها فاستغل النظام هذا التردد لتقوية مواقعه. وهو نفس الخوف الذي يراود المثقف السوري اليوم، للاسف، وراود المثقف المصري ايام ثورة يناير المجيدة، التي اطاحت باكبر صنيعة اسرائيلية امريكية في المنطقة. في تجربة مماثلة للثورة الشعبية الايرانية، التي اطاحت بالشاه. ثم اختطفت وتحولت الى “ثورة اسلامية” منع فيها كل الخصوم، والمعارضين، والمختلفين، حتى في صفوف الاسلاميين انفسهم، وحوربوا، كما يحصل الان في العراق. لقد قمعت الحركات المعارضة بعنف، وصفي بالكامل تقريبا الحزب الشيوعي الايراني”تودة”، الذي قاد اضرابات العمال، ونضالات الطلبة، التي كان لها الدور الحاسم في تردد الجيش، وحياده، واسقاط النظام الشاهنشاهي. طرحت الانظمة الديكتاتورية في سوريا، واليمن، ومصر، وليبيا، وتونس، والجزائر نفسها بانها حامية العلمانية، وصمام الامان لمنع استلام الاسلاميين السلطة، والعودة بالبلدان الى القرون الوسطى. اختار، ويختار الكثير للاسف اهون الشرين. انظمة ديكتاتورية تدعي العلمانية، والديمقراطية، وتمارس اقسى انواع البطش ضد معارضيها، وينخر انظمتها الفساد المالي، والاداري، وغياب حقوق الانسان بالكامل. لكن الشباب التونسي، والمصري، والليبي، والسوري، واليمني لم يتردد، ولم يتراجع. سار بالثورة وقبل بنتائج الاصطفاف السياسي. سرقت الثورة بشكل ديمقراطي في تونس، ثم في مصر، وسرقت بشكل همجي في ليبيا. المعادلة صعبة في اليمن، والمعركة لازالت مستمرة في سوريا. الاسلاميون بدأوا منذ اليوم الالتفاف على الديمقراطية تحت اسماء “دولة مدنية ذات مرجعية اسلامية” او “دولة ديمقراطية بدستور يسترشد بالاسلام”… الخ من محاولات تشويه، وركوب موجة الديمقراطية. هاهم الاخوان المسلمون في مصر يصرحون. “ده الشعب المصري، هو اللي اختار الاسلام”! في حين ان الشعب المصري اختار “حزب الحرية والعدالة” الذي تحدث عن حرية، وعدالة اجتماعية، وديمقراطية مستغلين العداء الشديد للانسان المصري البسيط، لنظام مبارك. الفلاح الذي تصور، وصوروا له، انهم الوحيدين الذين كانوا ضد نظام مبارك. ان تراجعاتهم الواضحة عن ادعاءاتهم، ومنذ الان عن الديمقراطية التعددية، والانتقال السلمي للسلطة، ومحاولة احتكار كتابة الدستور يجعل الشعب المصري  يعيد حساباته بسرعة ايضا. ” ما ساحة التحرير موجودة اهي” كما يصرخ بسطاء المصريين فكيف، بشبابها، وشارعها السياسي المتحمس. لقد تخلى الاخوان المسلمون عن شعاراتهم الاسلامية عند “اقرارهم” بالدولة المدنية، و”قبولهم” بالانتخابات، والنظام الديمقراطي، واتضح نفاقهم الوطني، والقومي عندما ايدوا اتفاقية كامب ديفد، بل خيانتهم لشعاراتهم، ومبادئهم، التي “حاربوا” بها مبارك، وذهبوا بانفسهم، لواشنطن، وقدموا تعهدات “بضمان امن اسرائيل”! و”التزامهم بالمعاهدات الدولية”! اي اتفاقية “السلام” بين مصر، واسرائيل. الديمقراطية المنقوصة، التي ستتحقق في مصر، وتونس، وليبيا، وسوريا، واليمن، كما هو حال العراق، لن تكون دائمة لصالح الاسلاميين، الذين يتعرون يوما بعد اخر. فتاريخ الانظمة الاسلامية، لم يحل مشاكل الشعوب في اي زمان، ومكان. ايران، والسودان، وافغانستان، والعراق، امثلة واضحة على التراجع الحضاري، والمدني، والاقتصادي، والسياسي في تلك البلدان. لان الاسلاميين سينشغلون، ويشغلون الناس بقضية الحجاب، والنقاب، وتقليص الحريات العامة والخاصة، اذا لم يتم منعها بالكامل، وتحجيم دور المرأة في كل المجالات. وهم اساتذة في ادارة ملفات الفساد، وسرقة المال العام، والاغتناء على حساب الجماهير مستغلين سلطة الدولة. فرفاقهم في ايران لم يقضوا على البطالة، ولا التخلف، ولم يجعلوا المستضعفين اغنياء. وفي العراق لم يعيدو، ولو الكهرباء الى وضعها الطبيعي، وبدل الاحتلال المباشر للبلاد، كبلوها، بمعاهدة استرقاقية مع “الشيطان الاكبر” امريكا “عدوة الشعوب”! ومثل ايران ازداد المستضعفين في الارض بؤسا، وضعفا، وتضاعفت بالملايين ثروات، واملاك، وامتيازات قادة الاحزاب، والحركات، والمنظمات، والمؤسسات الاسلامية. وكلما تعرت سياساتهم، وانكشفت الاعيبهم، وطالب الناس بالامن، والامان، والخدمات، والوقود، والادوية، والعمل، والغذاء، اثاروا فتنة الطائفية البغيضة، التي يعتاشون عليها، ويلجأون اليها، اذا اشتدت ازماتهم. كما يفعل، وسيفعل الاخوان المسلمون في مصر، كلما تعرت، وانفضحت دعاياتهم اثاروا الفتنة بين المسلمين، والاقباط، واستقدموا الوهابيين من الخارج، وحركوا هيئات الامر بالمعروف، والنهي عن المنكر. وهم يعلمون علم اليقين، ان السطة منكر ومبعث فساد، واثراء غير مشروع، لذا يقبلون عليها، رغم كل مناكرها. المعروف الوحيد، الذي يمكن ان يفعلوه، وسيذكرهم الناس بالخير، اذا فعلوه، هو العودة الى جوامعهم، ومساجدهم، وازهرهم، وترك السياسة للسياسيين، والاقرار بان الدين لله، والوطن للجميع. السلطة هي المحك، والديمقراطية، لن توصلهم الى السلطة فقط، بل ستكشفهم، وتعريهم، وتقلل شعبيتهم. لقد فهم اشقائهم في تركيا ذلك، فاعلنوا انهم ليسوا حزب اسلامي، وان السياسة للسياسيين فقط. والتجربة القادمة في تونس هي محك اخر، فاما الاقتداء ب”تلامذتهم” في تركيا، كما يدعون في حزب النهضة الاسلامية، واما تغيرهم صناديق الانتخابات القادمة بكل تاكيد. عهد الديكتاتوريات انتهى حتى ولو رفعوا القرآن على اسنة الرماح. والربيع القادم في ايران، والسودان، والعراق سيشهد نهاية التجارب الاسلامية البائسة في منطقتنا. ولن ينفع الاخوان في تونس، او مصر، او ليبيا اي خريف قادم فالشعوب العربية ذاقت طعم الحرية، ولن تتخلى عنها ابدا، والعالم لن يسمح بذلك ايضا.
[email protected]

أحدث المقالات