لن ينسى التركمان الرابع والعشرون من حزيران لسنة 1980م ، ذلك اليوم الخالد الحزين الدامي بالدم التركماني ، حيث اعدم النظام البائد العشرات من شباب وأبناء التركمان وتم تسليم جثامين بعضهم في مثل هذا اليوم ، واستمرت اللوعة الحزن عند التركمان الى اخر يوم من حقبة البعث الكافر حيث فقدوا في تلك الفترة المظلمة اكثر من 550 شهيدا واكثر من 2000 مفقود ومهجر ونفوس التركمان في العراق لايتجاوز ثلاث ملايين , إنه رقم كبير في تاريخ الشعوب وتضحية سخية من اجل إحقاق الحق وإزهاق الباطل وعلى هذا اطلق التركمان على هذا اليوم الحزين بيوم الشهيد لتركمان العراق والذي هتك فيه حرمة الدم التركماني أمام مرأى ومسمع العالم وامام منظمات حقوق الانسان والامم المتحدة .
نحن التركمان نحترم ونقدس هذا اليوم , ونعتبره يوم انطلاق حركة التاريخ السياسي المعاصر للتركمان ، وان الدماء التي سكبت في مثل هذا اليوم وما بعده اعطى زخما ودفعا مضاعفا لعجلة السير التركماني نحو الامام , ففي مثل هذا اليوم انطلقت عجلته المتسارعة دون توقف ورفض كل اجواء الكسل والجمود واستعصى على الجبابرة والخصوم ، وابى إلا ان يسير على أبدان الرجال الأبطال وارواحهم الطاهرة ليحددوا بدمائهم بوصلة التاريخ ومساره نحو مستقبل زاهر مستدام .
نحن التركمان ناخذ من هذه المناسبات الخالدة عبرة لنعرف هامات شعبنا من الابطال واثارهم السرمدي على طول التاريخ وتاثيرهم على قضيتنا الحقة قضية التركمان الخالد , في مثل هذا اليوم نؤكد على شجاعة الشهداء من التركمان وغيرتهم على دينهم وحبهم لقوميتهم ، ببسالتهم وتضحياتهم وايثارهم انتقلوا من هامش الحياة إلى مُتنها ومن أطراف التاريخ إلى لبابها ومن زوايا الواقع الى مركزه ورسموا بدمائهم الطاهرة الخارطة السياسية المعاصرة للتركمان ورسخوا معادلة جديدة في العراق ينبغي ان تكون هي الأساس في تحديد مستقبل العراق ورسم صورته السياسية ودور مكوناته وحقوقهم .
يعيش التركمان ماساة جديدة في هذه الايام ومن نفس الوجوه الكالحة التي اعتقلت واعدمت ابناء التركمان في الثمانينات وفي نفس المناطق في بشير وطوز وتلعفر ، ما اشبه اليوم بالبارحة ، في مثل هذا اليوم اذ نترحم لارواح شهدائنا الابرار ونعيش بذكراهم ، يعصف علينا من جديد مأساة عارمة وعواصف عاتية من عصابات دواعش العراق ومجرمي النقشبندية الوارث الرسمي لحزب البعث على شعبنا التركماني من تلعفر الى أطراف قرآنية حيث القتل والتنكيل والذبح والتفخيخ لهذا الشعب الصابر الصامد ، وان مايدور من مذابح في تلعفر وبشير وجرادغلي وبروجلي وقره ناز وأمرلي حقا جرائم حرب نازية يندى لها جبين الانسانية ، وبهذه المناسية اذ نطالب ابناء التركمان وشبابه بالتهيأ للتصدي ومواجهة هذه الحقيقة المرة بالقوة والغلبة والتخطيط الاستراتيجي ، من هنا نناشد الدولة العراقية وكل المؤسسات الدولية احاطة ما تدور في المناطق التركمانية وذلك للدفاع عن هذه الشريحة ، أنها تواجه الإبادة الجماعية بيد داعش وأذنابه ، وبنفس الوقت نطالب القوى التركمانية التكاتف والاتحاد من اجل التركمان وقضاياها المركزية للحفاظ على وجودها في أراضيها وقصباتها ، وان لا تستغرق في صراعات هامشية وجانبية لتستنزف طاقاتها في أمور لاتغنيها بقدر ما تسبب للمصلحة التركمانية العليا المزيد من التعقيد والمشاكل والاضطراب , وان لا نخلد إلى الكسل وأجواء الاسترخاء ، والخصوم يخططون وينفذون دون كلل وملل, ألا يحق لنا ان نسأل هذا السؤال البسيط ؟ ونحن نعيش لحظات مع هذه المناسبة الكريمة ( ان الشهداء قدّموا أغلى ما يملكون من اجل عقيدتهم وقضيتهم وفازوا بأداء تكاليفهم على احسن وجه فماذا قدمنا نحن ؟!!) ان مسؤليتنا كبيرة جداً , هل استطاع أحد منا الجزم بانه أدّى تكاليفه القومية والشرعية بالشكل المطلوب ؟ وهل انه مطمئن على حسن الأداء لشعبه وخير العاقبة للاخرته ؟
ان الاتحاد الإسلامي لتركمان العراق و منذ اليوم الأول لتأسيسه حمل رسالة الشهداء و يتشرف بانه يعمل ويناضل من اجل القضية التي استشهد من اجلها الشهداء الابرار رغم قلة الإمكانيات وكثرة الصعوبات ولكن البيت التركماني والساحة التركمانية تبدو عاجزة عن إيجاد الإطار الموحد الذي يجمع الأطياف التركمانية تحت صيغة موحدة ومرجعية تركمانية مؤثرة في الوسط التركماني , صحيح حصل تقدما ملحوظاً في الشأن التركماني في الآونة الأخيرة بسبب الاحداث والظروف الدامية ادى الى تقارب ضمني بين القيادات التركمانية ولكن هذا لا يكفي لان الظاهرة الموسمية التي تسيطر على توجهات وأفكار بعض القيادات التركمانية لا تزال تهدد المشروع الوحدوي وتحيل دون وقوع ذلك .لا زلنا نؤمن ان وحدة الساحة التركمانية ضرورة ملحة تستدعي تفضيل مصلحة التركمان العليا على باقي المصالح وعلى أساس قاعدة مشتركة وبشكل متوازن ومتكافئ وان التمثيل التركماني يبقى ناقصاً وغير حقيقي ما لم يستند إلى إرادة سياسية جامعة للتركمان , وان الاتحاد الإسلامي لتركمان العراق سيواصل جهوده في تدعيم وحدة الساحة التركمانية .
في هذه المناسبة الأليمة وإحساسا بالمسؤولية أمام عوائل وذوي الشهداء وامام التاريخ نقترح ما يلي :
1- قبل كل شئ علينا ان نثمن عوائل وذوي الشهداء بما تحتوي هذه الكلمة من معنى وان أولويات التثمين ان نقدر هذه الشريحة وان تفتح المؤسسة العراقية الجديدة كل أبوابها لتحتضن هؤلاء وان يأخذوا دورهم الريادي في المؤسسة العراقية الجديدة , وان لا نسمع من قريب او بعيد أية آهات ، وان يتعين أولادهم وشبابهم في المؤسسة وان يرجع مفصوليهم السياسين الى دوائره ومؤسساته .
2ــ بناء وتشييد مزارات جماعية رمزية خاصة في مراكز المدن والقصبات التي تنتمي أليها الشهداء ليكون علامة بارزة تدل على شهداء تلك المدينة وان تسمى شوارع ومنتزهات المهمة للمناطق بأسماء هؤلاء , وان تبنى جداريات وتنحت أثريات في مداخل المدن الكبيرة لترمز بهذه الشهداء .
3ــ على وزارة الثقافة العراقية جمع آثار الشهداء من كتب وملابس وأشياء أخرى وعرضها في معارض خاصة في بغداد وأماكن أخرى وان تكتب مسلسلات وقصص لمآثر الشهداء ليعرض في دور العرض حتى يتعرف الشعب العراقي والشعوب الأخرى على دور هذه الأبطال
تبقى شهداء التركمان الشمس التي تسطع تاريخ التركمان وتبقى هاماتهم شامخة لبناء جيل قادر على تحمل الامانة التي ابت السموات والارض ان يحملنها فحملها الانسان .