يبدو مشهد الرئيس فؤاد معصوم في مؤتمره الصحفي تحت ظلال العلم العراقي، رسالة واضحة المعالم قبل وصوله الى أربيل لمناقشة الحلول التي يمكن الاتفاق عليها قبل وصول وفد كردي متوقع الى بغداد.
مهمة الرئيس معصوم ليست بالسهلة، مقابل تصريحات السيد مسعود البارزاني في اجتماع المجلس القيادي للحزب الديمقراطي الكردستاني، الأحد، بقوله إن “ما حدث لا علاقة له بالاستفتاء، انما هي خطة معدة مسبقا من قبل بغداد، وحتى ان لم يحصل الاستفتاء كانت التحركات ستحدث على كركوك”،
في مقابل تصريحات لحركة التغيير تفترض استقالة حكومة إقليم كردستان وتشكيل حكومة مؤقتة تحت عنوان (حكومة شراكة حقيقية)، والا فإنها ستقوم بالشراكة مع الجماعة الاسلامية والاتحاد الاسلامي (اذا لم يغير الأخـــــــــير موقفه كالعادة) بسحب وزرائهم وحينها ستــــــــــسقط الحكومة بالــــــــضربة التوافقية القاضية !!
لذلك لا تبدو نتائج زيارة الرئيس معصوم لأربيل واعدة في التعامل مع مشكلة المشهد السياسي الكردي ، بعد ان افترضت حكومة السيد العبادي ان أي حوار داخل الاطار الدستوري للحكومة الاتحادية يتطلب حضور وفد يمثل الطيف السياسي للمشهد الكردستاني في العراق ، فيما واقع الحــــــــال ان المشاكل الحالية في الإقليم تتعدى الاختلاف على نتائج الاستفتاء بإلغائه او تجميده او حتى بوضــــــــعه على طاولة الحوار بقدر ما تتعلق بالمشاكل الاقتصادية للإقليم بعد ان صرح مسؤول بارز بحركة التغيير ان (ديون الاقليم للشركات النفطية والمستــــــــثمرين ولجهات اخرى تبلغ 14 مليار دولار. عدا ديون الموظفين على الحكومة نتيجة قطع وتخفيض رواتبهم الى النصف خـــــــــلال العامين الماضيين لدفع ديون سابقة).
وما بين ضغوط الواقع الاقتصادي وتشدد السيد البارزاني وتمسكه بنتائج الاستفتاء يفترض ان يكون الحوار المفترض في بغداد على أسس سياسية وليس دستورية ، وشتان بين الحالين، طاولة الحوار السياسي تفترض تحالفات مبكرة للانتخابات المقبلة وبالتالي تقديم المصالح الحزبية على مصالح الشعب والرقي الى احترام سلطات الدولة الاتحادية ، فيما طاولة الحوار الدستوري تخالف ذلك كليا ، وفي هذا السياق تظهر حنكة الرئيس معصوم في طرح ورقة سياسية تمثل الموقف الكردي الجامع للحوار مع الحكومة الاتحادية ما بين رغبات الحد من تفرد حزب البارزاني في التحكم بمصادر النفط وبين إمكانية اطلاق رواتب موظفي الإقليم الحقيقين بعد تدقيق قوائم الرواتب في بغداد ودفعها من خلال إدارات المحافظات بموافقة حكومة الإقليم ، فضلا عن افتراض وجود توافق سياسي على ترك الأمور للحوار السياسي داخل المشهد الكردي أولا وبينه وبني بقية الأحزاب العراقية لتشكيل تحالفات انتخابية مقبلة .
مثل هذا التصور لورقة الحـــــــوار الكردية على طاولة حوار دستوري – سياسي لن تأتي من فراغ ، بل من ممارسة واقعية يجيدها الرئيس معصوم للنقد الذاتي في الممارسات السياسية ما بعد الاستفتاء على الانفصال، وطرح الحلول الواقعية لتغادر الحالة الطوباوية التي انتجت نوعا من الخدر السياسي ما قبل و بعد الاستفتاء الذي شاركت به جمـــــــيع الأحزاب الكردستانية، والوقوف من جديد على ارض الواقع السياسي العراقي للخروج من عنق زجاجة ازمة الغاء الاستفتاء كشرط للحوار مع الحكومة الاتحادية من جهة ، وأزمة الرفض المتصاعدة لإدارة الصراع مع بغداد بعقـــــــــــلية التعامل مع نظام صدام حسين ووصف إجـــــــــراءات الحكــــــــومة بانها نوع جـــــــديد من الانفال او حرب الإبادة الجماعية ، فيما أموال النفــــــط لاحد العوائل الحاكمة تنتهي الى أرباح تصل الى 100 دولار في الدقيقة الواحدة !!