23 ديسمبر، 2024 12:11 م

الرئيس مات .. الرئيس لم يمت… من كذب الاعلام ام السياسيون

الرئيس مات .. الرئيس لم يمت… من كذب الاعلام ام السياسيون

بالطبع كان يوم اول امس الثلاثاء يوما محيرا ممزوجا بالحزن ، بسبب نبأ مرض الرئيس مام جلال ورقوده في مدينة الطب على اثر نوبة قلبية او دماغية المت به كما تضاربت الانباء .
ومثلما تضاربت الانباء في تشخيص مرضه ، تضاربت ايضا في حالته الصحية ، وبات الناس لا يعلمون هل هو على قيد الحياة ام انه فارقها ، لاسيما بعد خروج انباء وفاته بالتزامن تأكيدات رسمية ببقاءه على قيد الحياة .
بعض وسائل الاعلام اكدت وفاته بثقة تامة ، والمسؤولين الرسميين يصرحون بنفس الثقة ويؤكدون بقاءه على قيد الحياة مع ضبابية بطبيعة مرضه ، فكل الذين خرجوا الى الاعلام اكدوا بقاءه على قيد الحياة ، لكن ما هي حالته الصحية بالضبط هل هو في غيبوبة مستمرة ام متقطعة ، ام ان الرجل لا يقوى على مقاومة المرض بسبب سنه الكبير الذي يقارب الـ80 عاما .
لكن المثير في الموضوع ان المسؤولين الرسميين كانوا غاضبين على الاعلام الذي اعلن نبأ وفاته ، ولم يغضبوا على انفسهم لانهم تعاملوا بضبابية مع حالة الرئيس الحقيقية ، ولم يلوموا انفسهم لانهم حجبوا المعلومات الصحيحة عن الشعب العراقي الذي ينتظر باهتمام شديد على صحة رئيسه المهم .
اذن نحن امام مسلكين ، مسلك تبنته بعض وسائل الاعلام التي اكدت وفاته ، واخر تبناه المسؤولين (الغاضبون) على نبأ وفاته ، وفي هذه الحالة ، اما ان الاعلام الذي نقل نبأ وفاته هو اعلام مذنب ، واما ان المسؤولين هم المذنبون .
فلو تناولنا طبيعة الانباء التي تناولتها وسائل الاعلام التي اكدت موته ، لرأينا ان هذه الانباء لم تكن بمصادر شاخصة ومعروفة ، انما مصادر مبهمة ، مثل (قال مصدر مقرب من طالباني) او (قال مصدر مسؤول في اقليم كردستان) او او او … الخ
صحيح ان المصدر (بدون الكشف عن شخصيته) يمكن له ان يكون قابلا لعدة احتمالات ، الا انه بنفس الوقت في حالة مثل حالة طالباني لا يمكن تجاهله باعتبار ان قضية مرضه هي التي فرضت نفسها على المشهد الاعلامي ، ودفعت وسائل الاعلام الى ان تتسابق فيما بينها من اجل الفوز بالسبق الصحفي ، وهذا مشروع بطبيعة الحال.
هذه المصادر التي نقلت ، اتت كلها في وقت صمت شديد ومستغرب من قبل المصادر الرسمية ، التي لم تصرح بمجرد نقل الرئيس للمستشفى ، وهذه المصادر لم تتكلم الا بعد ان تناولت وسائل الاعلام نبأ وفاة الرئيس التي لربما تكون غير دقيقية ، بل ان المصادر الرسمية (من خلال تصريحاتها) ، لم تخرج الى الاعلام لتؤكد استقرار الحالة الصحية للرئيس ، انما خرجت لتوبخ الاعلام الذي نقل نبأ وفاته بسبب صمتهم .
بدليل انه لحد هذه اللحظة ، كل المصادر الرسمية التي اكدت على استقرار الحالة الصحية للرئيس ، لم تظهر للشارع العراقي الذي من حقه الاطمئنان على رئيسه ، حتى مقطع مصور او صورة فوتغرافية للرئيس وهو في فراش المرض ، ما يعني ان الرئيس فعلا يعيش ازمة صحية عصيبة ، وربما ان هذه الازمة ليست مستقرة كما يصورها السياسيون الغاضبون .
وعليه فاذا اتهمنا الاعلام الذي اعلن نبأ وفاته بانه غير دقيق ، فهذا الامر يمكن ان ينطبق على السياسيون الذين اعلنوا استقرار حالته الصحية ، فلا الاول يملك دليل على وفاته سوى تصريحات يخشى مطلقيها خروج اسمائهم في الاعلام ، ولا الثاني قدم دليلا واحدا على استقرار حالته الصحية …. ويمكن القول انه من المحتمل ان يكون الرئيس ميتا ، ويمكن ان تكون حالته الصحية مستقرة !!!
بل انه يمكن القول ان ذنب السياسيون الغاضبون ، هو اكبر من ذنب الاعلام الذي اذاع نبأ وفاته ، فالاعلام لا يملك مصالح سياسية مثل التي يملكها السياسيون ، ولا محذورات مثل التي يملكونها ، فازمة الرئيس هي ازمة تدفعهم بالضرورة الى كتم كل شيء يحيط به ، اذ انه يحتم عليهم الاتفاق على اختيار رئيس اخر بدلا لطالباني ، وهذا الرئيس لا يمكن ان يكون وفق الاليات الدستورية التي لطالما لم يأخذوا بها ، انما يحتاج الى التوافق ، وهذا التوافق يحتاج الى اتفاق في داخل حزب طالباني ، واذا اتفقوا يحتاج الى موافقة حزب رئيس الاقليم مسعود بارزاني الذي من المؤكد انه سيرفض اختيار بديل من حزب طالباني ، واذا اتفق الحزبان الكرديان فانه يحتاج الى قبول احزاب بغداد به …. وهذه العملية كبيرة وصعبة بل عصية انجازها في هذا الوقت القصير .
اذن الاولى بهم حجب الحالة الصحيبة الحقيقية للرئيس ، والاولى بالاعلام البحث عن الحقيقة .
وبهذا السياسيون هم الملامون ، والاعلام هو الفارس الشجاع الباحث على الحقيقة.