لم تنطلق الثورة الايرانية الشعبية ضد نظام ملالي طهران ، إستجابة لنداء الرئيس ترمب أو الرئيس الفرنسي ماكرون ، أو ميركل ، ولكنها إنطلقت إستجابة لنداء ضمير الشعب الايراني ، الذي ضاق ذرعا، بسياسات المرشد الايراني وتدخلاته في المنطقة ، وإشعال الحروب وتغذية الارهاب فيها ،في وقت يتضور الشعب جوعا وحصارا وحرمانا نتيجة هذه السياسة العدوانية تجاه الدول العربية، والتي من أولى أهدافها المركزية تصدير الثورة واقامة الامبراطورية الفارسية ، ضمن المشروع الديني الكوني التوسعي الفارسي ،الثورة انطلقت في بدايتها إحتجاجا على رفع أسعار المحروقات النفطية ، والمطالبة بعدم التدخل في شئون الدول العربية وصرف المليارات على الميلييات الارهابية التي تنفذ المشروع الايراني في المنطقة ، ثم تحولت الشعارات الى إسقاط نظام ولي الفقيه المرشد الخامنئي ، وتحميله كل مآسي الشعب الايراني ،حيث إنطلقت من مسقط المرشد الاعلى في مدينة مشهد الايرانية ،وتوسعت حتى وصلت العاصمة طهران،وسقط جراء قمع االمتظاهرين بالرصاص من قبل الحرس الثوري والشرطة ،اكثر من ثلاثين شهيدا ،وماتزال التظاهرات تعم جميع المدن الايرانية، وتتصاعد حدة التظاهرات وترتفع سقف المطالب لها ،الثورة كانت عفوية في بدايتها ،غير منظمة ولايوجد من يقودها ،وهذا سر نجاحها واستمرارها وتحقيق اهداقها ولو بعد حين ، ولكن وبسرعة تم دعم الثورة ومدها بالقوة الروحية والمعنوية والاعلامية، من اطراف داخلية وخارجية ،فصرح الرئيس ترمب بأن الثورة( يجب دعمها وحان وقت التغيير في ايران )أو ( ان القوة الوحشية لنظام طهران ضد المتظاهرين يجب ان تتوقف)، وخرج ابن الشاه رضا بهلوي بمظاهرة كبيرة في نيويورك دعما للثورة التي بنفس طريقتها أزيح والده من الحكم،موجها نداءه الى جميع الاحزاب والحركات والقوميات الايرانية بما فيها منظمة مجاهدي خلق الى التوحد والتلاحم والتنسيق ونسيان الماضي وترك الخلافات الفكرية والسياسية جانبا لمواجهة نظام طهران واسقاطه وازاحته ،وظهرت رئيسة ايران المنتخبة السيدة مريم رجوي بخطاب موجه الى الثورة تطالب الشعب الايراني بالاستمرار حتى اسقاط النظام، وبدء منظمة مجاهدي خلق بالدخول لايران والبدء بأعمال عسكرية داخل ايران تضامنا ودعما للثورة ،وهكذا خرج الشعب الاحوازي عن بكرة أبيه في مدن الاحواز العربية الى الشارع منذ بدء الثورة متلاحما مع بقية المدن ،هاتفا ضد المرشد وحكم الملالي، وتم الاستيلاء على دوائر ومواقع عسكرية واحراق مقرات دينية تابعة للمرشد الاعلى ،هكذا تلاحمت جميع طلائع المعارضة بإختلاف توجهاتهم الفكرية والقومية والدينية نحو هدف واحد هو إسقاط حكم الملالي وولاية الفقيه ، وأعلنت فرنسا دعمها الكامل للثورة والشعب ،في تقرير مصيره وطلب الرئيس ماكرون ،من الرئيس الايراني عدم استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين، ونددت الامم المتحدة من إستخدام القوة وقتل المتظاهرين من قبل الشرطة الايرانية ،وحذرت من تدخل الحرس الثوري، في وقت أعلن الجيش الايراني دعمه للشعب ،وعدم السماح للحرس الثوري بقمع الشعب، وحصلت انشقاقات في أكثر من جهة وشخصية وقيادة داخل ايران،الثورة مستمرة دون توقف بالرغم من اعلان( قمعها ووأد الفتنة ) كما يتبجح ويكذب قادة طهران ،الرئيس ترمب ومن خلال تصريحاته التي أعقبت اندلاع الثورة بأيامها الاولى ،قال يجب دعم ثورة الشعب وحماية المواطنين ، وحذر من استخدام العنف والقتل في قمع الثورة،واصفا الحكم في طهران بالوحشي، ولكنه اوضح إستراتيجيته في أيران في مرحلة مابعد اندلاع الثورة، قائلا (سنتدخل في الوقت المناسب)، ومن جملة مؤشرات هذا التدخل وهذه الاستراتيجية،ان الرئيس ترمب بالرغم من تشاؤم البعض وعدم ثقته بالرئيس ترمب وادارته،فإن ترمب وضع إيران في الهدف الثاني بعد القضاء على تنظيم داعش في العراق وسوريا، و(حان وقت التغيير في ايران) ، وهذا الكلام يؤكد أن قيام التحالف الدولي ،يعمل سوية مع البيت الابيض لتنفيذ استراتيجية ترمب، وكانت مندوبة ترمب في الامم المتحدة نيكي هيلي ،(طلبت في كلمتها امام الجمعية من الدول الغربية والعربية قيام تحالف دولي لاسقاط نظام ايران )،ثم حدثت أزمة سعد الحريري وتم التنسيق مع السعودية لانشاء تحالف دولي وعربي، لأسقاط نظام طهران،بينما كان تصريح ولي العهد السعودي واضحا ومباشرا في هذا السياق ،عندما قال( أن السعودية لاتنتظر دخول الجيش الايراني الى السعودية، ويجب تحويل المعركة داخل طهران)،هذا التناغم والتخادم الامريكي –السعودي ،والامريكي –الاوروبي (فرنسا التي ستقود الحرب على ايران وبريطانيا والمانيا) ،والسعودي الاسلامي (التحالف العسكري الاسلامي الذي يضم اربعين دولة ) ، كل هذه التصريحات والتحالفات العسكرية والسياسية والماكنة الاعلامية الهائلة ،هي في خدمة الثورة الايرانية الشعبية ، وهي تعرف أن العالم كله ،ضاق ذرعا بسياسة حكام طهران العدوانية ، ورعايته المباشرة للارهاب الدوليوالتنظيمات المتطرفة وفي مقدمتها تنظيم داعش والنصرة، لزعزعة أمن وإستقرار العالم والمنطقة، وما يجري من تغول إرهابي لأذرع إيران في العراق وسوريا ولبنان واليمن ،هو دليل على خطر إيران المستقبلي ، وسعيها للهيمنة والسيطرة على منطقة الشرق الاوسط لأقامة إمبراطوريتها الفارسية،هذا التغول الايراني ،يجعل من أسباب الدعم الدولي للثورة الايرانية بكل الوسائل الاعلامية واللوجستية وحتى العسكرية ،لأزاحة نظام ملالي طهران القمعي الوحشي واجبا أخلاقيا ومبررا واقعيا،لذلك كانت بيانات البيت الابيض واضحة، للعمل على دعم الثورة في مرحلة لاحقة بكل السبل، واضعا الرئيس ترمب كل الامكانات اللوجستية في خدمة الثورة، ومحذرا النظام من التدخل عسكريا، اذا تم قمع الثورة بالقوة وإستخدام العنف والقتل ضد المتظاهرين ،بكل تأكيد ورغم تشاؤم البعض من مراوغة ترمب وعدم تنفيذه لوعوده ، وإن تصريحاته هواء في شبك وهي للتسويق الاعلامي وتخويف الاخرين فقط، وهو غير جاد في مواجهة طهران وإسقاط نظامها، نقول أن الواقع على الارض يؤكد العكس تماما، فهو لايريد تكرار (خطأ ) الرئيس بوش التأريخي، بإرسال الجيش الامريكي للحرب خارج الولايات المتحدة الامريكية ، وإنما يعمل ببطء وبقوة لمواجهة نظام طهران من خلال تحشيد الدول الاوروبية وقد نجح ، وتحشيد الدول العربية، للتمويل والدعم العسكري وقد نجح، ونجح أيضا في اعلان دعمه الكامل للثورة الايرانية، والعمل معها بقوة حتى إسقاط النظام (الوحشي)، هذه هي سياسة الرئيس ترمب وهذه هي إستراتيجيته تجاه إيران، والتي أعلنها منذ عام ، قائلا إن عام 2017 عام القضاء على داعش وإنتهى داعش الى الابد، واليوم يعمل على تحشيد العالم كله لقيادته، ضد إيران ومواجهة إيران إعلاميا وعسكريا ، وقد نجح الى الآن في إقناع الجميع ،بضرورة التخلص من نظام الملالي، الذي أثبتت الوقائع والافعال الاجرامية والتدخلات العسكرية لايران وميليشياتها في العراق وسوريا واليمن ولبنان ،أنها تزعزع أمن وإستقرار العالم كله، وهذا جزء مهم جدا في إستراتيجية الرئيس ترمب ضد ايران ، نقول أيضا الثورة في بدايتها ولن تتوقف حتى إسقاط النظام ، ولو بالقوة العسكرية التي يلوّح بها ،الرئيس ترمب وحلفاؤه في العالم كله ….