حسم الرئيس الامريكي دونالد ترمب، أمر الاتفاق النووي الايراني، الموقع مع الدول الخمس الكبرى ،وألغى هذا الاتفاق الذي وصفه بال(كارثي)، بالرغم من كل المحاولات التي قامت بها الدول الاوربية ،لثني الرئيس ترمب عن قراره هذا،إلا أن ترمب أصرّ على إلغاء الاتفاق النووي غير آسفا عليه، بل أضاف إليه إعادة العقوبات الاقتصادية بأقسى وأشد من قبل ، فيما أنذر وزير الخارجية الامريكية جميع الشركات الاوروبية بضرورة مغادرة إيران في ظرف أشهر معدودة،فماذا يعني هذا الإصرار على إلغاء الاتفاقية، ببساطة شديدة نقول أن الاتفاق وكما بيننا في مقال نشرناه بعيد توقيع الاتفاقية بأيام، أن الاتفاق النووي (فخ ) لأيران لإغوائه الدخول اكثر في مستنقعي سوريا والعراق، وأنه فرصة لقصقصة أظافرها التي طالت وعبرت كل الخطوط الحمر،ولكن نسأل لماذا جاء إلغاء الاتفاقية بهذا الوقت بالذات ؟؟، وماهي تداعيات وإنعكاسات هذا الإلغاء على منطقة الشرق الاوسط خاصة ،لأنها ستكون مسرح لعمليات عسكرية مفترضة، وإستباقية ، ضد حكام طهران ، وعلى العالم بشكل عام ، لاسيّما وأن روسيا والصين ،قطبا الصراع المناهض لأمريكا في المنطقة ، لهما مصالح إستراتيجية بعيدة المدى ، وحينما نراجع المشهد ،ونجيب على التساؤل المفترض ،لماذا بهذا التوقيت، نحاول الاجابة ، أن مرحلة مابعد داعش أصبحت منظورة وإن داعش وخطره ، أصبح من الماضي، وأن صفحتها قد طويت تماماً ، والتي كانت إحدى أهم استراتيجيات الرئيس ترمب حين تسلّمه رئاسة الولايات المتحدة الامريكية، والبدء بالخطة (ب) قد آن أوانها ، ونقصد بها إستراتيجية الحل الجذري ومواجهة الاسلام الراديكالي المتطرف،وتجفيف منابع الارهاب ، والتي تعدّ إيران وأذرعها وميليشياتها في العراق وسوريا ولبنان واليمن، إحدى أخطر من يدعم ويمارس ويسلح ويدرب الارهاب في العالم ،وإن إيران هي (راعية الارهاب الاول في العالم)، حسب التوصيف الامريكي، وإنها تزعزع أمن وإستقرار المنطقة والعالم ، والان حانت ساعة الحساب ،وما نشهده من تنفيذ لأستراتيجية الرئيس ترمب على الارض ،هو إستجابة ملحة لما تشكّله إيران من خطر حقيقي على مستقبل المنطقة وزعزعة أمنها واستقرارها، ففي العراق، تجري ألآن إنتخابات برلمانية تصرّ إمريكا على (التغيير)، وإبعاد الاسلام السياسي الذي تمثلّه الاحزاب الاسلاموية في العراق، وهاهي الاحزاب تنكفيء وتدخل الانتخابات بتسميات(مدنية)، وتدعو الى حكم مدني (يالبؤسها)، بل وإن زعيم التيار الصدر مقتدى الصدر أدخل في قائمته (الحزب الشيوعي العراقي) وشخصيات ليبرالية وعلمانية ، في قائمة (سائرون)، وزعيم المجلس الاسلامي الاعلى سابقا عمار الحكيم دخل بمسمى( تيار الحكمة) نائيا بنفسه عن اسم( الاسلامي)، في حين (ذاب وإختفى أو تخّفى ) الحزب الاسلامي العراقي ، في قوائم مدنية وليبرالية ،وإنتشر في بقية القوائم بعيدا عن تسمية (الحزب الاسلامي) ،بعد إفلاسه في الشارع العراقي، الذي يتنّدر ويسخر من تسميته الى ( الحزب الاسباني بدل الاسلامي) ، في حين تشظّى حزب الدعوة الحاكم ،الى عدة قوائم في المحافظات وبتسميات مختلفة مستخدماً لعبة التموّيه والخداع في تضليل الشارع العراقي، وأصبح العبادي رئيساً لقائمة النصر (حزب الدعوة)، ونوري المالكي دولة القانون، وله فروع بكل المحافظات تحت أسماء أخرى أيضا، لخداع الناخب العراقي، هذا فضلاً عن التحذيرات والتهديات الامريكية من إشراك الحشد الشعبي وقادته في الانتخابات، إذن يتزامن قرار الرئيس ترمب مع إنتخابات العراق ولبنان ، ونرى في الموقف الامريكي، والاصابع الامريكية ،والدعم الامريكي، واضحاً في البلدين، وصولا لتحقيق هدف إبعاد الاذرع الايرانية عن الحكم وتحجيم الدور الايراني والهيمنة الايرانية على البلدين، اليوم نرى أن إلغاء الاتفاق النووي، هو بداية عصر جديد ، كنا قد أسميناه في مقالنا السايق عصر ما بعد الاتفاق النووي، هو عصر تنفيذ مواجهة إيران بكل الطرق، وإعادة سيناريو العراق، الى واجهة الاحداث مع تغييرات بسيطة في السيناريو، وهي عدم زّجّ الجيش الامريكي في قتال مباشر داخل إيران ،كما حصل في غزو العراق،فهي تسعى وقد حقّقت هدف إقامة تحالف دولي كبير جدا ،لمواجهة طهران عسكريا ، وهذا التحالف أصبح جاهزاً لعمل عسكري واسع وكبير ،وقد جهّزت له إدارة الرئيس ترمب كل مستلزمات التغيير، وتدمير جميع مواقع المفاعلات النووية، بصواريخ صُنعت خصيصاً لها، وتدمير كامل لمقرات القيادة والجيش والحرس الثوري، وقد أعلنت إسرائيل جهوزيتها ، وأعطتْ الضوء الاخضر، لجيشها وقواتها وصوريخها وقواعدها الجوية العسكرية، فيما أرسلت بريطانيا وامريكا وفرنسا والمانيا حاملات الطائرات والصواريخ والبوارج الحربية الى موانيء الخليج العربي والسوري، ونصبت امريكا منظومات صواريخ باتريوت، في جميع قواعدها العسكرية في الدول الخليجية وغيرها، بمعنى أن المواجهة مع إيران أصبحت حتمية، بعد إلغاء الاتفاقية ، وأصبحت فرصة الحرب أقرب من فرصة السلام، وبهذا يمكن القول ، أن إيران التي هددت على لسان رئيسها حسن روحاني، بأن إيران ستواصل تصنيع الصواريخ الباليستية العابرة ، وستبدأ بالتصنيع النووي وتخصيب اليورانيوم فورا ،فيما صرح قائد الحرس الثوري الايراني ان إيران غير قلقة وخائفة من إلغاء الاتفاق، وستتصدى له ، ولاقى قرار ترمب إرتياح شديد وتأييد من قبل الدول الخليجية والعربية (عدا العراق ولبنان)،مع تأييد خجول من الدول الاوروبية ،التي تريد إعادة النظر في الاتفاقية وتشديد بنودها على إيران ، الذي وجد المقترح الاوروبي ،رفضا قاطعا من حكام طهران، وعلى لسان وزير الخارجية ظريف،نحن نرى إن التصعيد الاسرائيلي، والاستفزاز بقصف جوي اسرائيلي ، لمقرات ومطارات ومواقع داخل الاراضي السورية تتواجد فيها قوات إيرانية وحرس ثوري وميليشيات عراقية تابعة لايران ،هو تمهيد لحرب أوسع في عموم سوريا ، تمهيدا لانتقاتلها الى عمق الاراضي الايرانية، لاسيما وان الطائرات الاسرائيلية قد حومت فوق طهران ومدنها لعدة ساعات قبل شهرين ، والتقطت صورا جوية لمواقع حساسة عسكرية داخل ايران، ومن ثم الفضيحة الكبرى التي أعلنها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، عن إستمرا طهران بتخصيب اليورانيوم وتصنيع الصواريخ الباليستية المحرمة، خلافاً للأتفاقية وتحدياً لها ولقرارات مجلس الامن الدولي،ناهيك عن (خمسين الف وثيقة ) حصلت عليها إسرائيل في اكبر قرصنة بشرية في التاريخ، لاهداف ومعلومات غاية في الاهمية القصوى ، كل هذه الفعاليات والانشطة العسكرية والاستخبارية العالية الدقة ، هي من توجيه ودعم إدارة الرئيس ترمب، ثم الاشارة الاكبر للمواجهة والتهيئة لحرب طويلة مع ايران هو إستبدال الرئيس ترمب لطاقم إدارته بجنرالات شديد العداء لايران ، مثل ماك بومبيو وجون بولتون وهاسبل مديرة السي اي إي، بمعنى أن ألادارة الامريكية ، ألآن أصبحت جاهزة بطاقمها العسكري المتشدّد ضد إيران، وتفويض مجلس النواب للرئيس ترمب لأعلان الحرب في أي وقت تراه إدارة ترمب مناسباً، وبعد إستكمالها التحالفات الدولية ، وتهئية الشارع العالمي وتحيّيد حلفاء إيران ، وإقناعهم بتوجهات التحالف الدولي ضد طهران، ومنهم الصين وروسيا ، أما تركيا فهي أصبحت ضمن التحالف الدولي الذي تقوده امريكا، وبالنسبة لانعكاسات الحرب على إيران على العراق، كان كلام الرئيس ترمب واضحا، حينما قال ، سنتصدى لكل من يدعم إيران في المنطقة ويصطف معها، ويقصد بذلك أتباع إيران في العراق من أحزاب وميليشيات….؟؟