لاشك , ايها القاريء الحصيف , تبيّن بالأدلة الواقعية ان المسؤولين االأمريكيين المكلفين بإدارة الحملة الإنتخابية للرئيس بايدن , بدأوا أولآ وكما يفعل ميكانيكي السيارات عند اصلاح سيارة الزبون , بأخراج وفرش العدد الخاصةبتشعيث (= تفكيك) وترميم ظفائرخطواته السياسيةالسابقة لإقتلاع تهمة خساسة إنسانيته منها ,
وهذه التهمة اكتسبها عندما آزر الصهاينة في فعلة الحرب وهم يرتكبون جرائم الإبادة يوميآ ضد الشعب الفلسطيني حتى استوى معهم بالمقدار والقياس الى ان ينقضي اجله الى النار ,
ثانيآ , تحضير تصريحات انسانية جديدة تزكي فمه , كمن يزكي احدهم فمه النتن بالهيل والزعفران والمعطرات الأخرىامام مريديه , لتقف نصيرة بازاء تصريحاته السابقة الرعناء بعدما تهدّم سقفها فوق رأسه بسببها , وإن ينجم عن هذه التصريحات الإنسانية الجديدة نقدا شديدا من قبل دولة الكيان وباقي الحلفاء الغربيين , إلا ان ذلك سيتم فقطوبالاتفاق على نقد الشكل الخارجي لتلك التصريحات وليس على مضامينها التي هي جزء من ثيمة المحور السياسي الامريكي – الصهيوني البارزة بالتنكر لوجود الشعب الفلسطيني .
الجميع يتذكر بعد السابع من اكتوبر 2023 , هب الرئيس بايدن لنصرة الكيان الصهيوني وهبت من فمه ومن قلبه التصريحات تلو التصريحات بلا وجود اي شيئ من الإنسانية فيها , ما ادى ذلك الى تشجيع الكيان على القيام بالمجازر الجماعية اليومية , ومن ابرز تلك التصريحات انه لم يؤيد الرأي بإيقاف تلك المجازر مالم يتم القضاء على حركة حماس ,
وبهذا الرأي , الذي اصبح ثقافة سياسية , شاركه به وزير خارجيته بلينكن وقادة اوربيين فضلآ عن الكونغرس الأمريكي بدلالة تصويته على توبيخ النائبة الأمريكية عن مدينة ديترويت التابعة لولاية مشيكان ذات الجذور الفلسطينية رشيدة طليب عندما وقفت مع غزة في خطاب لها عن الحرب بين حماس والكيان الصهيوني قالت فيه : فلسطين عربية من النهر الى البحر , وهناك عدد كبير من شرائح السياسيين الأمريكيين والمهاجرين والمفكرين وافراد اقيلوا من مناصبهم بسبب هذه الثقافة وتعرضوا الى ماتعرضت له النائبة رشيدة طليب ,
في يوم الخميس المصادف 9 شباط 2024 , أي بعد اربعة اشهر تقريبآ من عملية طوفان الأقصى , عاد الرئيس بايدن بنهاية مؤتمر صحفي عقد في البيت الابيض الى تصريح ينتقد فيه دولة الكيان بشدة قائلا : إن الرد في غزة كان مبالغآ فيه , ثم عاد ليقول للصحفيين بذهن مشوّش : اعتقد كما تعلمون ان رئيس المكسيك ( ويقصد مصر ) عبد الفتاح السيسي لم يكن يريد فتح البوابة للسماح بدخول المواد الإنسانية.. كلمته واقنعته بفتح البوابة , وتحدثت مع نتياهو لفتح البوابة على الجانب الصهيوني , وتابع الرئيس بايدن قائلآ : لقد كنت اضغط بشدة وبقوة من اجل ايصال المساعدات الإنسانية الى غزة .
بهذه التصريحات الهوليودية الكاذبة التي حاولت بها إدارة حملته الأنتحابية إيقاظ إنسانيته التي فقدها وإن كانت على حساب الرئيس السيسي , إنما هي تمثيلية تمت ليظهر بها وكأنه كان نائمآ أو مشوشآ عند بدء العملية تلك , أو انه ادرك ان الحرب بلا انسانية تشوه صورة الانسان , لكنه لايدرك انه بهذه الغفلة ومعها هذا الأتهام الذي سلّطه على الرئيس السيسي , انما هو عمل سياسي نحتي من صنع ادارة حملته الانتخابية التي ترى لاوجود لرئيس بالعالم يفقد انسانيته ويطمح ان يكون مرجعآ محترمآ للشعب والقوى السياسية من دونها.
بهذا التصميم الغبي والمبتذل من إدارة الحملة الإنتخابيةسوف لن ينتج عنه الغاء التهمة عن الرئيس بايدن لأنه وقف مع من يقتل النساء والأطفال أمام شعوب مسهبة بالعمق الإنساني الغريزي ولا تنخدع بهذه التصريحات المزيفة او يتطابق بها المزيف مع الدليل الذي رأوه بأم اعينهم او ينفي عن الرئيس بايدن انه كان مثالآ لايحتمل بالتفاهة والحقارة والاجحاف امام الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني .
اما الشيء الوحيد الذي ينقذ شرف بايدن بغض النظر عن الفوز بالانتخابات , هو ان يخرج من حالة الذهان وقصر النظر السياسي ويكون متوازنآ عقليآ بالتصريحات ومقتنعآ بالحق الفلسطيني ويشرع فورآ بآلية حل الدولتين وتعويض المتضررين بالحرب واعمار غزة , أما اذا التزم جانب الصمتوبقي على ذلك أو جاء من بعده الرئيس السابق ترامب بالخلق السياسي والإنساني نفسه , فإن الشعب الفلسطيني ومعه كل العالم الحر والعرب الشرفاء لن يكونوا دمى تعبث بها مؤامرات امريكا الهوليودية والكونكرس والغرب بآلية انتقال السلطة بديمقراطية الحزبين المزيفة وسياسة الكذب اليومية .