الرئيس اوباما .. عفى الله عما سلف !

قد يعترف الساسة والحاكمون بأخطائهم وجرائمهم ولو بعد حين ، وقد يكلف المعترف بخطأه  مستقبله السياسي او بحياته ،  والعكس قد يرفع قدره بين افراد شعبه لا سيما اذا استطاع ان يصحح ما حدث . اليوم وبعد مسيرة متهاوية يرافقها  تراشق الاتهامات بين القيادات الامريكية وعلى رأسهم الرئيس بوش الابن بشأن احتلال العراق وما آلت اليه المواقف والاحداث من خراب وقتل وتهديم دولة وارجاعها الى ما قبل العصور الوسطى وهذا ما اكد عليه وزير الخارجية الامريكي في تسعينيات القرن الماضي عندما احتل العراق الكويت  . الرئيس اوباما  في خطابه الاخير بشأن العراق اعترف بجرأة وشجاعة في جملة حقائق  اهمها  ، وجود اكبر قاعدة مخابراتية في العالم وهي السفارة الامريكية في بغداد  والتي تقود سراً وعلناً وتتحمل مسؤولية تمزيق الدولة والمجتمع وتغذية الارهاب ، فيما يقدم الرئيس اعتذاره للشعب العراقي ويوعده بغيير السياسة التخريبية الامريكية بصورة جذرية ومن الان ويقول ( مثلما خربنا العراق ، سوف نحييه ) ، وان السفارة الامريكية ستغير من سياستها بدلا من دعم الفساد والارهاب ستكون للبناء والسلام ، وسيوفد السناتور ( جون ماكين ) بجولة مكوكية في دول الجوار الاقليمي للعراق وايصالها رسائل واضحة كل حسب تدخله ونفوذه . الطلب من السعودية وقطر بايقاف دعم الجماعات الارهابية والخارجة عن القانون بالمال والسلاح وعدم قبول اي حجج او تبريرات بشأن ايجاد توازن مذهبي في العراق ، الاتصال بالحكومة الايرانية والضغط عليها بايقاف دعم المليشيات وايواء بعض رموزها والتوجه الى مساندة الكتل السياسية بلا استثناء لتشجيعها وحثها على تشكيل الحكومة باسرع وقت ممكن ، الطلب من ( اسرائيل ) عدم التدخل في الشؤون الداخلية بتشجيع جماعات عراقية على الانفصال . فيما اتفق مع الكونغرس الامريكي على تشكيل لجنة من الخبراء لاجراء عملية اصلاحية جذرية للقيادات العراقية السياسية والاقتصادية والامنية لتمكينها من الارتقاء بدورها في تطوير الدولة والمجتمع . امام هذا التطور الدراماتيكي للادارة الامريكية واعترافها الموضوعي بما احدثه الغزو الامريكي بدوافع شخصية من الرئيس بوش وتسببه في تدمير العراق شعباً ومؤسسات ودخوله في نفق مظلم لا يرى بصيص من الامل للخروج منه . السؤال المطروح لماذا لم تعترف الادارة الامريكية سابقاً بتبعات هذا الاحتلال ؟  وما هو سبب توقيت هذا الاعتراف وعلى لسان الرئيس اوباما ؟ . اعتقد ان لعنة العراق بدأت تطارد المسؤولين عن هذا الغزو وحتى لا تلحق الرئيس اوباما هذه اللعنة وترديده ( عفى الله عما سلف ) ، ام هناك سبب اخر لا يعرفه الا الراسخون في العلم ؟ .