6 أبريل، 2024 11:19 م
Search
Close this search box.

الرئيس السيسي ومسافة السكة بين القلق الأممي المزمن وغيبوبة الجامعة العربية

Facebook
Twitter
LinkedIn

نحن نعلم جيدا ان مبدأ عدم التدخل في شؤون الأخرين هو أحد ركائز سياسة مصر الخارجية, ونحن نحترم ذلك ونقدره كثيرا, وإنطلاقا من هذا المبدأ أقول, أننا لا نطلب عونا من أحد, بل نطالب بموقف انساني من عملية الابادة الجماعية الممنهجة التي يتعرض لها الشعب العراقي منذ 2003 والتي اصبحت اكثر دموية وبشكل علني تتناقلها الفضائيات خلال انتفاضة تشرين 2019 المستمرة .
نحن لانطلب منك ماهو ليس بمستطاع عندك يا فخامة الرئيس السيسي, لقد رفعت شعارا وطنيا “تحيا مصر” وكنت وفيا مخلصا له حين حققت انجازات عظيمة على طريق الإصلاح والبناء في مصر, ورفعت شعارا قوميا “مسافة السكة” لنجدة ونصرة الشعوب العربية, عذرا سيدي فخامة الرئيس هل كان مجرد كلام ؟ .
لانطلب منك سوى الوفاء بوعدك للشعوب العربية ( مسافة السكة), ليس من خلال العون أو التدخل , ولكن من خلال الدعوة الى قمة عربية طارئة لإدانة العدوان الغاشم والمجرم الذي يتعرض له الشعب العراقي من قتل للمتظاهرين السلميين , فلربما ((تتمخض)) هذه القمة “إن تمت”,عن طلب إجتماع عاجل للجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن لأجل إدانة هذا العدوان على الشعب العراقي الأعزل, واتخاذ السبل الكفيلة لوقفه والحد من انتهاكات حقوق الانسان الوحشية في العراق ..
من المؤكد أن مثل هذه القمة الطارئة لن تعقد, لسبب بسيط وهو استحالة الأجماع العربي بسبب غياب الموقف العربي الموحد منذ أمد طويل ” فكل يبكي على ليلاه ويغرد بعيدا منفردا عن السرب .
إن مجرد الدعوة هي موقف بحد ذاته, وهو يعني إستنكار وشجب العدوان على المتظاهرين العزل, وهو موقف انساني سيعزز من عزيمة الثوار واصرارهم, ويبين لهم أن مصر شعبا وقيادة متضامنين معهم, وهو موقف لن ينساه الثوار ولا العراقيون مستقبلا ..
هل هذا مطلب كبير وصعب تحقيقة من قبل أكبر دولة عربية تمتلك ثقلا إقليميا, يتذكر جيدا الرئيس السيسي أن مثل هذه التظاهرات السلمية التي خرج فيها الشعب المصري العظيم في ثورة 20 يونيو, هي التي اوصلته الى سدة الحكم في مصر, حين تعانقت ارادة الشعب مع موقف الجيش الوطني بمباركة الاهية, من خلال موقفكم الشجاع في التصدي لحكم الاخوان الذين حاولوا حكم مصر باسم الدين ..
هل نسيت يافخامة الرئيس أننا كنا من أقرب الشعوب اليكم خلال عقود مضت قبل غزو العراق في 2003؟ حين كانت ملايين الأسر المصرية تبعث أبناءها ابنائها للعمل في العراق طيلة تلكم العقود وما كان يعنيه ذلك لتلكم الأسر وللإقتصاد المصري, لقد كان العراق مقصدا وسوق عمل كبير ومفتوح على مصراعيه للملايين من إخواننا المصريين, والذين عاشوا بيننا منعمين مكرمين وكأنهم في بلدهم الأم ..
عذرا فخامة الرئيس السيسي, نحن لانمن عليكم ولا نعيركم “حاشا وكلا” بسابق فضلنا فالفضل هو لله وحده سبحانه, لقد كان ومايزال المصريين اخواننا في العروبة والدين, لقد تمتع المصريون العاملون في العراق في زمن صدام حسين وحكم البعث بحقوق وإمتيازات أكثر مما كان يتمتع به المواطن العراقي, ولك أن تسأل أي مصري كان يعمل في العراق عن ذلك في ذاك الزمان .
نحن نعلم أيضا يا فخامة الرئيس أن مثل هذا الموقف الذي نطالبكم به وعلى رغم تفاهته وبساطته ربما سيسبب لكم من الحرج الكثير, فنحن نعلم أن لديكم مصالح أقتصادية وعقود وإستثمارات مع النظام في العراق, ونعلم ان لديكم بضعة آلاف من الكوادر الفنية العاملة في قطاعي النفط والغاز في العراق, وأنت تعلم أن هذا التعاون الإقتصادي في مجمله لم يكن ليتم من دون موافقة النظام في أيران, وذلك من خلال التبعية السياسية للقرار في العراق, وأنت تفهم ذلك جيدا وتدركه بلا لبس لانه ليس بحاجة الى تفسير..
ولكن .. فلتعلم سيادة الرئيس السيسي, أنك تراهن على الطرف الخاسر في المعادلة, وأن الرهان على إرادة الشعب هي أفضل بكثير لمستقبل العلاقة بيننا من المصالح القريبة الآنية والزائلة بأذن الله وعزيمة الثوار الأبطال المتحدين لرصاص الغدر بصدورهم العارية, وانت خير من يعلم إرادة الشعب حين يريد ..
نحن كلنا أمل ان لايكون شعاركم القومي العروبي “مسافة السكة” مجرد كلام بل نتمنى عليك ان تترجمه الى قول وفعل, من خلال موقف صريح وواضح يستنكر ويشجب ما يحدث للشعب العربي أخوانكم في العراق, عسى أن يسمع العالم وكل من به صمم كالجمعية العامة للأمم المتحدة وأمينها القلق دوما, ومجلس الأمن وجميع المنظمات الدولية والإنسانية, ومن قبلهم جميعا منظمة العرب الجامعة الكسيحة والتي تعيش في غيبوبة منذ زمن طويل ..
نحن نتمنى والكثيير من التمنيات تبقى مجرد أمنيات, فهل ستصير تمنياتنا عليكم, كشعار”مسافة السكة” مجرد كلام, ومجرد تمنيات, يا فخامة الرئيس ..

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب