23 ديسمبر، 2024 1:26 ص

الرئاسات الثلاثة وتحديات المرحلة القادمة

الرئاسات الثلاثة وتحديات المرحلة القادمة

قبل الدخول في تفاصيل المقال لا بد من الأشارة بأن أنتخاب الرئاسات الثلاث جاء بعد مخاض عسير وبعد أنتخابات برلمانية كانت مثار شكوك كثيرة وأثير عليها لغط كبير وكثير حتى أن المفوضية العليا المستقلة للأنتخابات لم تحظى بالرضا والقبول والأحترام، من قبل كافة الأحزاب السياسية ومن قبل رئيس الحكومة نفسه، لكونها لم تكن على مستوى المسؤولية وأدينت بالفشل لعدم مقدرتها أدارة الأنتخابات بالشكل الصحيح والمرضي من الناحية الفنية والأدارية، كما أن نتائج الأنتخابات شهدت تعرض القسم الأكبر من صناديقها الى الأحتراق من قبل عناصرمجهولة!!، مما أستدعى أعادة أحتساب نتائجها بعملية العد والفرز المثيرة للجدل هي الأخرى؟!.والمعروف أن ألأنتخابات الأخيرة شهدت أقل نسبة مشاركة من قبل العراقيين، بسبب عدم ثقة العراقيين بالطبقة السياسية وقادة الأحزاب!، وبالتالي يمكن القول بأن الأنتخابات الأخيرة التي جرت في 12/5/2018 بكل تفاصيلها ونتائجها كانت مهزلة بحق وحقيقة وبأعتراف غالبية السياسيين؟!، وجعلت من العراق أضحوكة أمام العالم!. فمن الطبيعي أن تكون الطرق غير معبدة أمام الرؤوساء الثلاث( رئيس الجمهورية ،رئيس الحكومة، رئيس البرلمان) الذين وصلوا الى كراس الحكم، بل جاءت بعد صراعات وتحالفات ومناكفات وصفقات سياسية مريبة ومثيرة للشكوك وأثيرعليها جدل كبير!.هذا أذا أستثنينا ترشيح السيد (عادل عبد المهدي) من الصراعات أعلاه ، لكونه جاء كمرشح تسوية وتلك هي أكبر الكوارث! وسبق أن أشرت في مقال سابق عن التداعيات السلبية والخطيرة لمرشح التسوية لرئاسة الحكومة. حيث سبق أن جربنا مرشحي التسوية من قبل فالمالكي برئاسته الأولى للحكومة كان مرشح تسوية،! والعبادي هو الآخر حكم العراق كمرشح تسوية!، والكل يعرف ماذا أورثوا للبلاد(المالكي والعبادي)!. نعود بالقول أن أنتخاب الرئاسات الثلاث جاء والعراق وصل الى أسوء حال من ( أستفحال الفساد بشكل مخيف ومرعب وأستقواء حياتنه، جيوش من العاطلين من خريجين وغيرهم ، أنتشار الجريمة المنظمة بكل أنواعها، تفشي الأمية والجهل، أزدياد نسبة الفقر، أنتشار الأمراض الوبائية، أستقواء العشائر حيث أصبح حكم العشيرة هو النافذ، ضعف القضاء وأحكامه، أستقواء الطبقة السياسية كل بحزبه وله جيشه الخاص به، أنتشار الحشيشة والمخدرات بكل أنواعها،استمرار الأزمات وأسفحالها وأهمها أزمة الكهرباء والماء، جيوش من الأيتام والأرامل والمطلقات والعوانس، ضعف الأجهزة الرقابية، غياب أي هيبة للدولة،ضعف الأمن بشكل واضح، أستفحال التدخل الأقليمي والدولي بالشأن العراقي، وغيرها الكثير الكثير). نعود الى الشخصيات الرئاسية الثلاث لنرى خلفياتها السياسية والمهنية وهل ستكون على مستوى المسؤولية للتصدي لمشاكل العراق وأزماته؟، حيث تلفت الأنتباه بأن الرئاسات كلها مجربة سابقا!! فالفائز برئاسة البرلمان العراقي (محمد الحلبوسي) ليس له تاريخ سياسي واضح، سوى أنه كان محافظ للأنبار،والكل يعلم بأن وصوله الى رئاسة البرلمان جاء بصفقة مريبة ومخزية ودفعت فيها أموال ورشا! وهذا ما تكلمت عنه كل وسائل الأعلام (الشرقية تحديدا)!، أضافة الى الفضائيات الأخرى، وظهر ذلك جليا عند التصويت عليه داخل قبة البرلمان، حتى أن الدكتورة (ماجدة التميمي)، فضحت ذلك أمام كل العراقيين،( كانت وقائع التصويت لرئاسة البرلمان تنقل مباشرة عبر الفضائيات)، عندما صاحت بصوت عال، لقد بعتم العراق؟!، وكان عراب هذه الصفقة وتمريرها هو (أحمد الجبوري/ أبو مازن)! محافظ صلاح الدين السابق؟!. أما الدكتور (برهم صالح) الفائز برئاسة الجمهورية فهو الآخر مجرب لأكثر من مرة!، حيث سبق له أن شغل منصب نائب رئيس مجلس الوزراء عام 2004،ووزيرا للتخطيط عام 2005، ونائبا لرئيس مجلس الوزراء في أول حكومة منتخبة عام 2006، وتولى رئاسة اللجنة الأقتصادية في مجلس الوزراء!، والسؤال ماذا خطط وماذا قدم للعراق خلال شغله كل هذه المناصب القيادية والحساسة بأعتباره شخص (تكنوقراط)؟، حيث لم نسمع عنه أنه أعترض على شيء وأنتقد شيء ومنع شيء!؟، هذا أذا علمنا بأن دودة الفساد بدأت تنخر في جسد الدولة العراقية منذ تشكيل مجلس الحكم من بعد سقوط النظام السابق عام 2003؟!.نأتي الى السيد (عادل عبد المهدي) المكلف بتشكيل الحكومة والذي سيكون رأس الرمح في الحكومة، لكونه سيكون على رأس الجهاز التنفيذي للدولة، كما وستسمى الحكومة تاريخيا بأسمه ( حكومة المهدي). فالتاريخ السياسي للرجل يشير الى تقلب مزاجه الفكري والسياسي من أقصى اليمين الى أقصى اليسار، من البعث والحرس القومي!، الى الشيوعية( تأثره بأفكار الزعيم الصيني ماو تسي تونغ)، وكذلك تأثره بشخصية القيادي الفلسطيني المناضل المرحوم (جورج حبش)، ثم ينتهي به المطاف الى حضن أحزاب الأسلام السياسي، حيث الأنتماء الى المجلس الأعلى الأسلامي بعد نجاح الثورة الأسلامية في أيران عام 1979،( وهنا لا بد من التوضيح أنه لا يعتبر شخصية مستقلة، كما يروج عنه بل هو محسوب على المجلس الأعلى الأسلامي). وأرى أن تقلبه السياسي والفكري هذا مؤشر غير أيجابي عليه!. وأيضا يعرف عنه بأنه يميل الى كتابة المقالات الصحفية في صحيفة العدالة التي يمتلكها والتي يكتب فيها عن الشأن العراقي السياسي مؤشرا جوانب الخلل في العملية السياسية، يعني يمكن أن يكون منظرا جيدا على الورق فقط وليس على الواقع، فأن تكون خارج السلطة شيء وأن تكون على رأس السلطة شيء آخر تماما!. ومن خلال ما عرضت عنه الفضئيات من تفاصيل ومقابلات سابقة، يلاحظ أن الرجل مهتم بنفسه وصحته كثيرا!؟( ينهض صباحا، يمارس الرياضة والسباحة لمدة ساعتين، ثم يتناول فطوره، ثم يعود للنوم ثانية، وينهض بعد ذلك للأطلاع على البريد وأجراء اللقاءات والمقابلات، ثم العودة الى البيت كأي رب أسرة، يتناول غذاءه وينام بعد ذلك والتي تسمى (العادة الشرقية)!. وقد واضب على برنامجه اليومي منذ أن شغل منصب وزير المالية في حكومة الدكتور أياد علاوي، ونائب رئيس الجمهورية عام 2005، ووزيرا للنفط عام 2014. كما ويعرف عنه بأنه طالما يحمل في جيبه طلب الأستقالة لتقديمها أذا ما عجبته الأمور!؟؟. وعلى الرغم من كونه دكتور في الأقتصاد يعني شخصية ( تكنو قراط)، وله مؤلفات وأبحاث في ذلك، ألا أننا لم نلمس منه أية بصمة واضحة لا على الأقتصاد ولا على وزارة النفط !؟، بل أن بعض الأختصاصيين والمتابعين للملف النفطي العراقي والسياسة النفطية بالعراق من بعد الأحتلال الأمريكي للعراق، ذكروا عنه مالا يسر ولا يفرح (( راجع مقال / صائب خليل/ بعنوان( عادل عبد المهدي – الأخطر) المنشور بتاريخ 16/9/2018 ))!!. بعد كل هذا الموجز عن الشخصيات الرئاسية الثلاث وأزمات العراق ومشاكله التي لها أول وليس لها آخروالتي ذكرناها آنفا، يمكن القول أنهم أمام تحدي كبير وصعب ويحتاج الى جهود أستثنائية وسهر ومتابعة والأهم من كل ذلك هو حب العراق أولا وأخيرا والأخلاص والنزاهة، فهل هم قادرون على ذلك؟. ولا بد من الأشارة هنا((بأن السيد السيستاني زعيم المرجعية رفض مقابلة السيد عادل عبد المهدي حسب ما أكدته الأخبار؟!! ولا ندري لكونهم جربوا المجرب أم لسبب آخر؟!، مما يعني عدم رضاه عن مجريات ما وصلت أليه أنتخاب الرئاسات الثلاث!؟، وأستمرار غلق أبواب المرجعية أمام القادة السياسيين، القرار الذي أتخذته المرجعية منذ سنوات)). ومن وجهة نظري المتواضعة، ((كنت أتمنى على المرجعية أن تغلق أبوابها منذ سقوط النظام السابق وبداية الأحتلال الأمريكي للعراق، وأن لا تزج نفسها بالتدخل بالشأن السياسي أبدا لا من بعيد ولا من قريب، حيث أن تدخلها، أثار عليها لغط كثير وسبب لها أحراجا كبيرا، كما نسب لها الكثير من التصريحات التي لم تصدر عنها!، لا سيما والكل يعرف تماما أن المحيط السياسي العام والعالمي وليسط المحيط السياسي العراقي فحسب هو محيط فاسد، يلوث أيا من يقترب منه ويزج نفسه فيه!)). أخيرا نقول:لا أريد أن أكون متشائما، وبنفس الوقت لا أستطيع أن أكون متفائلا لقادم الأيام، لأن الخوف سيبقى ملازما لي وللكثيرمن العراقيين من أن هذه الحكومة قد تكون كسابقاتها!، لكونها ولدت من نفس رحم المحاصصة السياسية والطائفية والقومية، التي سببت كل هذا الدمار والخراب للعراق!!.