23 ديسمبر، 2024 12:25 ص

الرؤية الواقعية لمرحلة مابعد الانتخابات

الرؤية الواقعية لمرحلة مابعد الانتخابات

اقولها لا اريد ان احمل نفسي وزر غيري، ولن استشهد هنا بكلام اي احد، بل اذكر ما تناوله السياسيون في كل موقف وتصريح.. واعي تماما انها( الى حد ما) شجاعة في القول ، وتصريحهم هو كالتالي:( اثبتت الكتل السياسية واحزابها والنخب الحاكمة في العراق فشلها في بناء الدولة بسبب عدم قدرتها على بناء العملية السياسية الديموقراطية الحقيقية المطلوبة)
ما يجب معرفته ، انهم بهذا الفشل وضعوا الشعب العراقي في بؤر الازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي انعكست على امن الوطن والمواطن، المجتمعي والقومي وتعايشهم السلمي بعد ان اخذ القادة والسياسيين طوائفهم الى غير مواقعها الوطنية والانسانية المسؤولة، وخندقوها ورسموا لها اهداف غير اهدافها المطلوبة وبالتالي تفاقمت الازمات المستعصية بعد ان تضخمت واصبحت اكبر من حجمهم واستعصت عليهم و عجزوا عن حلها اوالتخفيف من حدتها، ازمات وكوارث حلت على العراق والعراقيين بسبب صراعات الكتل السياسية واحزابها على سلطات الدولة مفضلين مصالحهم ومنافعهم السياسية والشخصيه الغير مشروعة على المنافع الوطنية العليا والتي انتجت لنا زمر الفساد والفاسدين فيما نراهم اليوم عاجزيين عن لملمة الاوضاع وردم الخنادق والفجوات الخطيره بعد ان ادى خراب المشهد السياسي في العراق الى خراب الدولة وتراجع وانحسار سلطاتها وتردي ادائها واصبحت شبه عاجزه عن اصلاحها حالها والايفاء بالتزاماتها الوطنية والتعامل مع الدول الاقلمية والدولية بندية ومن منطلق سيادي وطني يبرهن على رصانة الدولة العراقية وهو مطلب وطني شعبي عراقي.

بيئة متشظية
هكذا بيئة سياسية واجتماعية وامنية حتما تصبح حاظنة طبيعية لكل التناقضات، بيئة نمت وترعرعت وتضخمت فيها افة الفساد التي زادت من فقر العراقيين وتفاوتهم الطبقي ودمرت العدل والانصاف و عيشهم المشترك ، وهي ذاتها عوامل ومناخات وظروف اسقطت هيبة الدولة وهجرت كفاءاتها الوطنية
لقد نالت كل هذه الاضطرابات من استقرار حياة العراقيين وعلى جميع المستويات، وفي خضم كل هذه الإحداث ما زالة الكتل السياسية واحزابها وتيارتها تعمل من اجل تجسيد واقع المحاصصة التي تحقق منافع ومصالح هذه الكتل السياسية واحزابها وتياراتها والتي يراد من خلالها (المحاصصة) تجسيد وتعميق وتجذير الخنادق الطائفية والمذهبية والعنصريه التي تؤدي بالنتيجه الى تفكيك العراق ارضا وشعبا، فيما العراقيون يناشدون القيادات السياسية والطبقات الحاكمة ويدعونهم التنازل للوطن ولشعبهم من اجل الحفاظ على وحدة العراق والعراقيين واحترام الديمقراطية وحمايتها .
لقد عرض الفساد السياسي العراقيين إلى شتى أنواع النكبات والاحداث المؤلمة على مدى ما يقرب عقدين من الزمن و مازال القادة والسياسيين يلوحون بين حين واخر بافلاس الدولة والعجز الشديد في موازناتها خاصة وبالامس القريب خرج علينا وزير المالية لينذر بالاخطار التي تواجه العراق في السنين القليله المقبلة بسبب اقتصادنا الريعي الذي تتحكم فيه اسواق النفط ناهيك عن الديون التي اثقلت كاهل العراقيين و التي ستواجهها الاجيال القادمة بدلا عن انتاج وبناء عملية سياسية ديموقراطية و حكومة وطنية مهنية علمية قوية تتمكنمن اعادة بناء الدولة وهيبتها واستعادة عافيتها لتتمكن من ممارسة مهامها في فرض القانون وتحقيق حياة بامكانها تحقيق تكافئ الفرص للعراقيين وكل هذه المنحنيات الخطيرة السلبية والازمات المتحققة والضعف بسبب العيش تحت وطأة قادة وسياسيين واحزاب ونخب اثبتت واعترفت بفشلها وعلى لسان قادتها في السر والعلن بانها عجزت عن تقديم الخدمات للعراقيين وحل ازماتهم وتفكيكها والانتصار عليها وهذا ناتج عن الاخفاقات والفشل في ادارة العملية السياسية.
قد يتبادر سؤال مهم في الاذهان، ما معنى وفائدة اعتذار واعتراف القادة والسياسيين بفشلهم ونحن ما زلنا في اسوء احوالنا وفي خضم كل هذه الاوضاع وميادينها المضطربة نتمسك بالمحاصصة بيت الداء ونحن نشهد النقاشات والحوارات الجارية بعد نتائج انتخابات تشرين بشأن تشكيل الرئاسات الثلاث بشكل عام والحكومة (ونوعها وموديلها) هذه المرة بشكل خاص؟؟ .
بمعنى آخر، مالذي سيجنيه المواطن من سيناريو مكرر في كل مرة وعند كل انتخابات؟؟ احد المواطنين اجابني: الدولار سيصعد..اسعار المواد في الاسواق ستنطلق بمكوك فضائي نحو السماء، ستتأخر الرواتب ومعها اجور العمال البسطاء.. وستهبط مستويات المعيشة لكل فقير في العراق الى قعر العوز.. وعندما ستتشكل الحكومة بعد اتفاق الاطراف المستفيدة سنعود الى الحال الذي سبق الانتخابات!!.
كل هذه المارثونات والصراعات تعني تحديد مستقبل العراق والعراقيين الذين تعودوا على مثل هذه النقاشات والحوارات بل الصراعات، وخبروها ويعرفون جدواها مسبقا ورغم ذلك هم ينتظرون نتائج هذه الحوارات التي تقلق العراقيين وتشغل بالهم وتشعرهم بالمخاطر على حاضرهم ومستقبلهم، اضف لذلك اختلاف الظروف على الصعيدين الداخلي والخارجي في الوقت الحاضر.

طموحات مشروعة
العراق والعراقييون بانتظار نتائج تحقق طموحاتهم وترتقي الى تضحياتهم الجسيمة وصبرهم بعيدا عن صراعات المنافع والمصالح الشخصية للااحزاب والكتل السياسية الحاكمة من اجل تجاوز الازمات والاشكاليات السياسية بمعالجات وطنية ايجابية جاده ومقاربتها بالشكل الذي يتلاءم مع ما نواجهه من تحديات.
حتى الان كل هذه الاوضاع هي من دفع بالعراقيين للنزول الى الشارع محتجين منتفضين يطالبون بوضع وصياغة مشروع التغير الشامل في جميع مرافق الدولة والحكم والعلاقة بين الحاكم والمحكوم لان حقيقة التعامل مع اي سلطة يجب ان ينطلق من سلوكها اتجاه المواطن والدولة وهذا غائب عن النموذج العراقي الذي يخص التعامل بين المواطن والسلطة ويحدث مثل هذا الخلل بسبب غياب المساءلة الحكومية والثواب والعقاب ما يؤدي الى ضعف علاقة المواطن بالدولة هذه العلاقة التي تقوم وتعتمد على اسس وقواعد وثوابة جوهرية قوية تشكل القاسم المشترك بين الحقوق والواجبات المتبادلة بين الدولة والمواطنين والمدخل الاساسي في العلاقة بين الطرفيين والمواطن يشكل المركز المحوري فيها وفي مناهجها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ورؤها في تطوير التربية والتعليم والثقافة والاداب والفنوان وبناء العائله وعمادها المراة والطفل التي تشكل العوامل الاساسية في بناء الامن القومي العراقي.
وقبل كل ذلك مطلوب من كل الاحزاب والتيارات والكتل السياسية تقديم كلا منها مشروعها الخدمي القابل للتطبيق الميداني والعملي لتقديم افضل الخدمات للمواطنيين وكل هذه المطالب هي تحديات كبيره تواجه الاحزاب والتيارات السياسية وتجبرها على قراءة الاحداث والواقع العراقي والبيئة الوطنية السياسية بدقه وموضوعية ومهارة وبعقلية متفتحة ترتقي لمستوى التحديات ومطالب الشعب العراقي من اجل بناء الدولة وقيادتها بكفاءة ووطنية عالية بعيدا عن صراعات المصالح والمنافع والبهرجة الضيقة والفساد الذي افقر العراقيين وبدد ثرواتهم ودمر دولتهم.
تتطلب الاوضاع الان، مراجعة الاحزاب والتيارات السياسية لبرامجها الثقافية والسياسية والتظيمية مراجعة دقيقة جادة وعملية سريعة، من اجل تغيير واقعها الداخلي وبالتالي لتتمكن من كسب ثقة الشارع العراقي وصولا لتحقيق الثقة المتبادلة بينها و بين المواطنيين وهذا يتطلب من جميع التيارات مطالبة اعضاءها الالتزام بضوابط مهنية وسياسيه اخلاقيه وطنيه عالية بعد ان اصبح من الضروري ايضا ان تجلس هذه الاحزاب وتناقش فيما بينها استحضار مسيرتها وتقيم تجاربها للمراحل الماضيا والتعرف على اسباب فشلها في حكم العراق.. هذا الفشل الذي اعترف به كما ذكرنا جميع قادة هذه الاحزاب .
ان احد اهم مشاكل هذه الكتل والاحزاب والتيارات السياسية التي تحكم العراق هي غياب صلب حقيقة الرؤى الستراتجية لبناء الدولة العراقية المدنية الحديثة التي تعتمد على بناء الهوية الوطنية العراقية بعيدا عن كل المسميات المذهبية العنصرية الطائفية يعني غياب مشروع النهضة الوطني الحقيقي لبناء الدولة الديمو قراطية التي تليق بالعراقيين الشرفاء ودولتهم المدنية، والعراقيين يطالبون بوضع هذه الثوابت الوطنية نصب اعين القادة والسياسيين من اجل بناء دولة قادرة على قيادة البلاد وخدمة العراقيين في مرحلة ما بعد نتائج الانتخابات.