ينتقد الناس ظاهراً الشخص الذي يتصرف وفق ما يراه في أحلام المنام او اليقظة، بالرغم من أنهم في ذاتهم مقتنعون من خلال احساسهم بانها رسالة تحتاج الى تفسير. لأن كثير من الأشياء التي نفعت الانسان كانت عن طريق رؤى واحلام، وبما ان الحديث في الدين او الكتب الدينية أصبح يزعج البعض، قررت اليوم ان أتكلم دون اقتراب للأديان او كتبها.
“تُعرَف الأحلام أنها قصص وصور، واقعية أو خيالية، تحوكها أذهاننا خلال النّوم، وتحدث الأحلام في أي وقت خلال دورة النوم، ولكنّها تكون أكثر عمقا ووضوحا أثناء فترة “الريم” (REM) (وهي مرحلة الحركات السريعة للعين)، ويحدث أن تكون بعض الأحلام واضحة (أيّ إننا نعلم خلالها بأننا نحلم)، وهي حالة متوسّطة بين الحلم واليقظة يكون خلالها الدّماغ قد بلغ ذروة نشاطه وفعاليّته”
سنروي هنا قصة:
نقلاً عن صحيفة القبس: قال فائز خان وهو يقف عند صورة بالأبيض والأسود، معلقة على أحد الجدران في بيت ديكسون هذه هي صورة «شجرة الحلم» التي كانت السبب في بداية التنقيب عن النفط. وتابع انه في احدى ليالي صيف 1934 رأى الكولونيل ديكسون وهو المعتمد البريطاني لدى الكويت من عام 1929 وحتى عام 1936 حلما وهو نائم شجرة وحيدة خارج السور يوجد بالقرب منها ماء. وايمانا من ديكسون بحقيقة وجود الماء روى حلمه لسمو امير الكويت الشيخ احمد الجابر الصباح مشددا على انه يجب البحث عن مصدر الماء هذا. وبحسب خان فان ديكسون خرج مع ثلاثة او اربعة من الرجال في رحلة في الصحراء دامت ثلاثة ايام بحثا عن «شجرة الحلم» وبعد البحث وجدوا في منطقة برقان البعيدة جدا عن السور شجرة كالتي رآها ديكسون في حلمه. وقال خان: كان هناك بالفعل سائل قرب الشجرة غير انه كان اسود اللون فأسرع ديكسون يبلغ ما اكتشفه للشيخ احمد الجابر قائلا له ان الله حرم الكويت من الماء ولكنه منحها ما هو أثمن. منحها النفط. وتابع قائلا: قام الكولونيل بإرسال برقيات على الفور الى لندن وسرعان ما وصل المهندسون البريطانيون بحرا ومعهم المعدات اللازمة للتنقيب عن النفط الذي تم العثور على كميات كبيرة منه. وذكر ان الشيخ احمد الجابر وقع في 23 ديسمبر عام 1934 على اتفاقية تم بموجبها تأسيس شركة (نفط الكويت المحدودة) معينا ديكسون كبير الممثلين المحليين بعد ان تقاعد من منصبه كمعتمد لبريطانيا العظمى. واضاف فائز خان ان والده محمد الذي قص له هذه القصة جاء الى الكويت من كشمير في عام 1948 وعمل لدى عائلة ديكسون حتى وفاته عام 1974، مشيرا الى انه اي فائز قدم الى الكويت عام 1976 بمساعدة زوجة ديكسون المعروفة للكويتيين بأم سعود وما زال يعيش فيها.
أما ما جاء في صحيفة الوطن عن هذه القصة ففيه كثير من التفصيل حيث يقول ديكسون: كنت وزوجتي نسكن في فيلا في معسكر «بحرة»، قرب شجرة سدر ضخمة، في إحدى الليالي هبت زوبعة رملية شديدة لم تهدأ إلا عند الفجر، وكانت دهشتي كبيرة عندما وجدت أن الرياح قد أحدثت قرب شجرة السدر فجوة واسعة في وسطها مصطبة حجرية بارزة يعلوها لوح حجري، يرقد فوقه شخص منبطح مكفن بقماش قطني قديم أصفر اللون، خرجت وزوجتي وأزحنا طرف الغطاء عن وجهه ورأسه، وكان القماش مهترئ من القدم فأخذ يتفتت بين أيدينا، وكانت دهشتنا بالغة عندما رأينا أمامنا وجه فتاة شابة جميلة جلدها جاف أشبه بجلد المومياء بلون بني باهت. كان منظر الجثة الذي نبشته الرياح كئيباً جداً، فأسرعنا ننادي الخدم ليساعدونا في حفر قبر جديد. وما إن عدت حتى أشارت زوجتي بانفعال إلى وجه المرأة الميتة التي بدأت تظهر عليها علامات الحياة بالتدريج، وفيما نحن ننظر إليها بحيرة، بدأ الرونق يعود إلى وجهها الجاف وبدأ الدم يعود إلى وجنتيها وبدأت أنفاسها تتردد وأخذ جسمها ينبض بالحياة. ثم فتحت عينيها وجلست تتخلص من الكفن الذي يلفها. أدارت المرأة رأسها نحوي وقالت فيما يبدو أنه لغة قديمة «إنني أشعر بالبرد، أعطوني بعض الملابس الدافئة وشيئاً من الطعام». ثم قدمت لنا قطعة نقد نحاسية قديمة. فأمسكناها وأدخلناها إلى المنزل، وقامت خادمتنا بغسلها وإلباسها الثياب، فيما كنا نحن نعد الطعام. وبعد أن شاركتنا الطعام، أعربت المرأة عن رغبتها بالخروج إلى الحديقة والجلوس تحت شجرة السدر، فسمحنا لها بذلك، عندها رفعت رأسها وقالت «إنني في خطر ويجب أن أرى القنصل البريطاني، أو صاحب السمو شيخ البلاد، لا يوجد غيرهما من يستطيع أن يحميني». طلبنا مزيداً من الإيضاح فقالت «هناك رجال أشرار، لو عرفوا أنني عدت إلى الحياة لحاولوا قتلي ودفني ثانية. فأنا أريد أن أعيش»، وفيما هي تتكلم سمعنا صيحات رجال، ثم رأينا عدداً منهم مسلحين بالهراوات والسيوف والشرر يتطاير من أعينهم، وكان يقودهم رجل مسن ذو لحية بيضاء ويحمل في يده خنجراً ووجهه الكريه يقطر بالشر. ولدى اقترابه صاح بأتباعه يأمرهم بالقبض على الفتاة التي كانت تتراجع مذعورة لدفنها حية. وفيما كان البعض يقيدون يديها ورجليها، كان آخرون يحفرون قبراً عميقاً لدفنها. بينما قامت مجموعة ثالثة بملء القبر بالماء. ثم صاح الرجل الملتحي قائلاً: إننا سندفنها حية في قبر الطين. وانقض عليها كالوحش، وساعده الآخرون في سحبها إلى جانب القبر إلى أن غاصت قدماها في الطين، وهي مدلاة في حافة القبر. أخذت الفتاة تقاوم المهاجمين بضراوة. وفجأة زال السحر الذي كان يشل حركتنا، ويمنعنا من تقديم العون للفتاة، وبعد أن قتلت الرجل العجوز بضربة على الرأس، هاجمت بقية الرجال بضراوة، وفي لحظة أصبح المكان خالياً إلا من جثة الرجل العجوز، ومن زوجتي والفتاة. ثم أمسكنا بيد الفتاة وساعدناها على الوقوف ووضعنا عباءة حولها وأدخلناها إلى المنزل. يقول ديكسون: وبعدها استيقظت من الحلم الغريب، وفي اليوم التالي توجهت لأرى العجوز البدوية «أم مبارك» وأخبرتها بالحلم، وكانت كلماتها المتأنية هي: اذهب يا بني وأخبر مدير الشركة أنه لن يجد نفطاً حيث يحفر الآن، واطلب منه أن يغلق البئر، وينقل معسكره من «بحرة» في شمال الكويت إلى «برقان» جنوب الكويت، وليبحث عن شجرة سدر هناك، وليحفر بالقرب منها، وسيجد الزيت، هذا هو تفسير حلمك يا بني». وأضافت «إن المرأة التي خرجت من قبرها هي النفط الذي تبحثون عنه، وشجرة السدر التي عثرتم عليها عندها هي شجرة السدر الوحيدة قرب تلال برقان، بل هي شجرة السدر الوحيدة في الصحراء كلها، وقريبة من «آبار جعيدان»، أما الرجل ذو اللحية البيضاء فهو يمثل الأشخاص المعادين للحكومة، والذين لا يريدون أن يظهر النفط في الكويت، ورغبة الفتاه في أن تؤخذ إما إلى الشيخ أو الوكيل السياسي، يعني أنهما صادقان، ويصران على العثور على النفط وتنميته وحمايته من الأعداء، أما العملة القديمة فهي الثروة التي ستحصل عليها الكويت». يقول ديكسون: أخبرت المدير العام وأخبرت حاكم الكويت الشيخ أحمد الجابر، وبعد شهرين اكتشف النفط قريباً من شجرة السدر عند «آبار جعيدان»، وهكذا أدى حلمي إلى اكتشاف أكبر حقل للنفط في العالم آنذاك».
من المُسلَّمات أن الأحلام والرؤى لغة منسية كما يصفها إيريك فروم، لغة تَشارَكها منذ القِدَم وإلى اليوم جميع سكان الأرض، وانكب عليها الفلاسفة والفنانون والمحللون النفسيون لعدة قرون لمحاولة قراءتها، وتحليلها، والتوصل إلى ماهيتها، وعلّتها، وأهميتها، ومحاولات تفسيرها. ربما لهذا دوَّن ملوك بلاد ما بين النهرين أحلامهم على ألواح الشمع في الألفية الثالثة قبل الميلاد، وبعد ألف عام كتب المصريون القدامى في كتاب الحلم تعداد أكثر من مئة حلم مشترك ومعانيها.
بقي شيء…
الى أبنائنا الأعزاء: يجب ألا نهزأ بالأمور والقضايا بسبب أن الاخر يهزأ بها، فقد تكون هذه الامور رسائل تحمل بين طياتها سر سعادتنا، فتعلموا وادرسوا وابحثوا ولا تجعلوا من عقولكم محطة لنفايات الاخرين.