23 ديسمبر، 2024 4:47 م

الرأي رأيهم؟!!

الرأي رأيهم؟!!

عجائبنا السلوكية المدمرة أننا نبدوا وكأننا بلا إرادة ورأي , فالرأي رأيهم وعقولنا كأنها عاطلة عن العمل , ولا تجيد غير الإستنساخ ومناهج الببغاء.
والمقصود بهُمْ المجتمعات المتقدمة وخصوصا في أوربا وأمريكا.
فما يُكتب ويُنطق ويُنشر في وسائل الإعلام كافة , ما هو إلا ترديد لآرائهم , وصدى لكلماتهم وطروحاتهم بأنواعها.
فهم الذين إكتشفوا حضاراتنا , وكتبوا تأريخنا , وهندسوا أنظمة حكمنا , ونعتاش على ما ينتجونه ويبدعونه ونتمتع بالحياة وفقا لقدراتهم التصنيعية والإبتكارية , وبهذا فأننا وبلا إستثناء نتبعهم ونمضي على هواهم ومناهجهم , لكننا نناقض أنفسنا ونتوهم بقوة وتميّز وجودنا , مما دفعنا إلى الإنحدار إلى وديان وكهوف التوحش القاسية المدمرة.
ومن علائم هذا التماهي والتعبير الصَدوي , أن ما تكتبه الأقلام يمثل نسخا صريحا بلغة عربية , لمنطلقاتهم ورؤيتهم وما يقررونه بهذا الأمر أو الشأن , أي أننا نتبنى نظرتهم ونترجمها بعنجهية وجهل منقطع النظير , وبإنفعالية فائقة , مما يتسبب لنا بأضرار فادحة ومريرة.
وعليه فعلينا أن نعترف بقصورنا وعجزنا وتبعيتنا النفسية والفكرية والسلوكية لغيرنا , ولا بد من مواجهة النفس بقوة وشجاعة على الإنطلاق من مفردات الذات , التي يتوجب تفعيلها وضخها بالطاقات الكفيلة بإحياء وجودنا والتعبير عمّا فينا من قدرات أكون.
فالقول بوجود رأي عربي حرّ فيه الكثير من الخلط والتزييف , فالموجود هو ترديد أعمى لآراء غيرنا وتقمصها أو التقنع بها , وما نحن نعرفها أو لدينا صلة حية معها , لأنها مبذورة في تربة أخرى ولا يمكنها أن تنبت في تربتنا.
فعلى سبيل المثال الديمقراطية ليست فكرتنا أو من منتوجات وعينا وتفكيرنا , وإنما هي من إنتاج غيرنا , وهم الذين أوجدوها وطوروها وجربوها وعرّقوها وعالجوا أمراضها , وعبّدوا لها النفوس والعقول والسلوك بقوانين ودساتير تحافظ على الحياة الحرة الكريمة , وعندما إستحضرناها مستنسخين ببغاويين وجدتنا في محنة أمية مدقعة الجهل بها , فتحوّلنا إلى وحوش متصارعة لا هدف عندها غير التماحق والفتك بالآخر الوطني والذي يريد الحياة للجميع , لأن الديمقراطية قد أسهمت في إنفلات طاقات النفوس الدونية الأمّارة بأسوأ من السوء , فصنعت حاضرا معفرا بالويلات والدمارات العظيمة.
ولهذا فأن الآراء والتصورات والنظريات والتحليلات المأخوذة بعماء وببغاوية من الآخرين لا تنفعنا , وإنما تتسبب بأضرار وخسائر متواصلة.
فهل نمتلك قدرات صناعة الآراء الأصيلة؟!!