يحاول البعض أثارة الرأي العام السني كلما تضررت مصالحه الشخصية , ومواقف من هذا القبيل لاتنصف الرأي العام السني الذي يمثل أكثرية المسلمين في العالم , ولاينصف مرجعية أهل السنة العقائدية التي تنطلق من الكتاب والسنة بالرغم من دخول شوائب الرواية التي لايعرفها عامة المسلمين ومنهم ألاكثرية السنية التي تعتبر الكتاب والسنة مرجعها مع وجود الفوارق في القدرة على تفسير القرأن وتأويله , وتبقى أشارات التأويل تمثل خصوصية التفضيل العلمي التي شملت ألآنبياء ” تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض .. ” – 253 – البقرة – وأمتدت لتشمل عموم المسلمين كما في حديث رسول الله “ص” : أذا أجتمع خمس وعشرون نفر منكم ولم يؤمروا من هو أعلمهم فعملهم باطل ” وهذا التأسيس العلمي لمنظومة ألآجتماع ألآسلامي تخلف عنه عموم المسلمين حتى الشيعة الذين ألتزموا بمقولة ألآعلمية عندما أنتهى عصر ألآئمة المعصومين سنة 260 هجرية وبقي مشروع ألآنتظار للمهدي مفتوحا وهو أمر يمثل أستباق معرفي جيوسياسي ستكتشف النخب العالمية صحته والرجوع اليه , ألآ أن المرجعيات الشيعية أغلبها عبر التاريخ لم توفق لتطبيق مفهوم ألآعلمية تطبيقا كاملا أذ أختلط ألآمر عند البعض منهم بين الحواشي وغيرهم فرجحت كفة الحواشي وهذا مما يخالف القاعدة القرأنية ” هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون ..” ويخالف وصايا رسول الله “ص” : أذا أجتمع خمس وعشرون نفر منكم ولم يؤمروا من هو أعلمهم فعملهم باطل ” فالمرجع ألآعلم وجدنا من ينافسه وهو ليس بألآعلم , والمرجع الشيعي المعروف بأجتهاده وأستاذيته وجدنا من الشيعة من ينصب نفسه مرجعا وهو ليس مجتهدا ويجد من ألآعوان والحواشي مايجعله سادرا في غيه , ولم نجد من يعترض عليه ويرفضه ناصحا علنا , فغلبت المجاملات وهي نوع من النفاق .
والرأي العام السني شأنه شأن الرأي العام الشيعي ليس معصوما عن الخطأ , ولكن الرأي العام السني تعرض الى مايمكن تسميته ” ألاختزال ” و ” ألاعتزال ” ولهذين الظاهرتين أسبابهما ومنها ماهو تاريخي يرجع الى بدايات كتابة الرواية في القرن ألآول الهجري والتي كان بعضها مسخرا لخدمة الحاكم ومن أمثلتها ما أصدره معاوية بن أبي سفيان بعنوان ” تعميمات ” وهي مثل كتب التعميم التي تصدرها حكومات اليوم ومن تعميمات معاوية : هي مصادرة كل رأي يمتدح عليا أي علي بن أبي طالب رابع خلفاء المسلمين , وتشمل تلك المصادرة : القمع , والحبس , والجلد , والقتل , ومصادرة ألاموال والمنازل والضيع , يذكر ذلك : البلاذري , والسيوطي , وأبن أبي الحديد المعتزلي , وأبن كثير , ولذلك ظل يسب ويشتم عليا علنا على منابر بعض المدن لمدة سبعين سنة حتى منعها عمر بن عبد العزيز الذي سماه البعض بالخليفة العادل , ومن تلك الروايات التي شكلت ثقافة الرأي العام السني هي روايات عاشوراء التي تتعاكس مع أحداث عاشوراء وشهر محرم الحرام الذي أستشهد فيه ألامام الحسين بن علي سبط رسول الله “ص” وتلك الروايات جعلت نزول أدم عليه السلام وقبول توبته في شهر محرم وطوفان نوح عليه السلام في شهر محرم وفلق البحر لموسى في شهر محرم ونجاة يونس من بطن الحوت في شهر محرم , ولكن الصحيح أن بعض تلك ألاحداث منها ماوقع في شهر ربيع ألاول ومنها ماوقع في شهر ذي الحجة ومنها ماوقع في شهر محرم ولكن السلطة ألاموية وزبائنها تعمدوا خديعة المسلمين وصوروا لهم هذه المناسبات التي يعتز بها عموم المسلمين على أنها كلها وقعت في ألايام ألاول من شهر محرم الحرام الذي أستشهد فيه ألآمام الحسين ولآهمية الحسين عند عموم المسلمين لذلك صنعوا ميديا أعلامية مخالفة لتخفي حقائق شهادة ألآمام الحسين لذلك نجد غالبة ألاخوة من أهل السنة ممن لايعلمون الحقيقة يعتبرون أيام عاشوراء هي أعياد مما أنساهم أشد واقعة مؤلمة على قلب رسول الله “ص” تلك هي واقعة الطف في كربلاء , ومن هنا نفهم أعتزال غالبية أهل السنة مايجري للآمام الحسين من مراسيم عاشوراء التي تقيمها الشيعة بحزن كبير لايلام عليه المقيمون لتلك المراسم لآن التعبير عن المشاعر بطريقة سلمية هو عرف أنساني يقره علم النفس مثلما تقره الشرائع السماوية والمذاهب الوضعية , صحيح أن بعض أهل السنة يعتزون بعترة رسول الله “ص” ولكنه أعتزاز نظري لاتوجد أدلة عملية عليه , بينما نرى الغالبية من أهل السنة التي أعتزلت مراسيم أحياء مناسبة أستشهاد ألآمام الحسين قد أصبحت مخترقة من قبل الجماعات الوهابية الى الحد الذي جعلت منهم حواضن لآرهابها وتكفيرها , وماتقوم به داعش في العراق اليوم لولا بعض الحواضن لما أتيح لها التمدد بهذه المساحات الواسعة في العراق بحيث أصبح أخواننا من أهل السنة غير الموالين لداعش ضحية لآجرامهم وألاخوة من أبناء عشيرة البونمر وأل بو فهد والدليم والجبور والعبيد , والهايس وأبو ريشة وغيرهم من أهل السنة الشرفاء هم قرابين للوطن وللشرف وللدين .
أما ألاختزال الذي تعرض له الرأي العام السني فيتمثل في قيام البعض ممن لاينتمي للعمل بمرجعية الكتاب والسنة عمليا في حياته اليومية بألآحتماء بأهل السنة لالشيئ ألآ لآغراض شخصية وأخرى حزبية , فما علاقة صدام حسين بعقيدة ألآسلام التي هي عقيدة أهل السنة ومن معهم من باقي المسلمين , وما علاقة حزب البعث بأهل السنة حتى وأن أصبح البعض ممن يحسبون على أهل السنة بألاسم وبالنسب , ثم ماعلاقة الوهابية التكفيرية بأهل السنة وأن كان البعض يحسب على أهل السنة نسبا , والرسول “ص” كان يقول : أتوني بأعمالكم ولا تأتوني بأنسابكم ” ومن جراء هذا ألاختزال يحاول البعض أن يعتبر نفسه ممثلا للرأي العام السني حتى يحدث فتنة بين الشيعة والسنة , وقد قلنا وكتبنا ونؤكده هنا أن الشيعي الذي يقتل الناس أو يعتدي على أملاكهم وأعراضهم يحاسب ويعاقب ويقتص منه ولاتكون الشيعة غطاءا له لآنه بعمله ألاجرامي الموثق لايمثل الشيعة , وكذلك السني الذي يصبح أرهابيا قاتلا , أو السني الذي يعتدي على أعراض الناس وأملاكهم يجب أن يحاسب ويعاقب ولا يجب أن يستثار الرأي العام السني بسبب ذلك فليس السنة حماة المجرمين والمعتدين وهم في مقدمة الناس الذين يحرصون على تطبيق شرع الله والعدالة , لقد جرت محاولات متعددة لجر أهل السنة للفتنة حدث ذلك في قضية طارق الهاشمي الهارب عند أوردغان الذي جعل من تركيا مسرحا ومعبرا للعصابات التكفيرية من كل بلاد الدنيا وهؤلاء ألآغراب الذين يقتلون أبناء السنة في الرمادي هم ممن عبروا ألاراضي التركية الى سورية والعراق وحدث في قضية رافع العيساوي طبيب الزرقاوي ولقد سمعت أن البعض يحلو له أن يقول أن الطبيب يعالج حتى اليهودي هذا صحيح ولكن في الظروف الطبيعية لمزاولة مهنة الطب لا أن يصبح الطبيب طبيبا لمن جاء من أجل ألاجرام والقتل فعند ذاك تصبح المهنة الطبية خيانة للآمانة وتشجيع على هتك حرمة البشرية , ثم حدث أخيرا في قضية صدور حكم قضائي بحق المدعو ” أحمد العلواني ” الذي صوب سلاحه بأتجاه الجيش العراقي وقتل أفراد من الجيش الذين يقومون بواجبهم الوطني وبذلك أعلن وقوفه مع العصابات التكفيرية التي عاثت فسادا في الموصل والرمادي وتكريت وديالى وكركوك , وشهداء أهل السنة وجرحاهم والمعوقين منهم وأراملهم ويتاماهم بريئون ممن يساعد ويؤازر العصابات التكفيرية , والرأي العام السني أذا خدع مرة , فأنه لن يخدع بعد ذلك , ولسنة أهل سورية عبرة ونموذج يحتذى به حيث أكتشفوا الخدعة مبكرا ورفضوا ألانجرار وراء أهواء العصابات التكفيرية وهذا الجيش العربي السوري يسجل ملاحما بطولية مثلما يسجل الجيش العراقي أنتصارا على الدواعش المهزومين وسيكون تحرير الموصل من رجسهم هدفا وفرحة لكل العراقيين ولكل العرب والمسلمين , سيأتي اليوم الذي يتخلص فيه الرأي العام السني من ألآختزال وألاعتزال , حتى يعود متألقا يفخر بكتاب الله وسنة رسول الله “ص” وفي ذلك فليتنافس المتنافسون .