23 ديسمبر، 2024 2:39 م

الذي لبس حذاء رجل المرور…طالب

الذي لبس حذاء رجل المرور…طالب

بعد مضي عشرة اعوام على تركي لمقاعد الدراسة والتحاقي بسوق العمل حيث مارست اعمالا مختلفة وعرفت من خلال ذلك الكثير من التجارب التي وسمت حياتي بميسم الكدح في سبيل توفير لقمة العيش ,فكرت في ان القي نظرة على مدرستي ,لماذا افكر في الأمر …؟تساءلت مع نفسي  …؟ حاولت ان اتراجع عن القرار ,لكن شيء في ذهني يلح عليَّ اشد الالحاح في ان اقف قريبا من المدرسة ,ان القي عليها نظرة  أعتذر فيها لكل زاوية وركن بل لكل لبنة شهدت ايام دراستي وصبوتي واحاديث الرفقة والآمال التي لم تتحقق  رغم كوني طالبا ناجحا في الدرس لكنه مشاكسا اكسبه ذلك بغضا كان في غنى عنه اضافة الى شدة محاسبته من قبل الهيئة التدريسية  وخاصة مدير المدرسة .

دون ارادة مني ضغطت على دواسة البنزين وانطلقت بسيارتي الى الشارع العام ومنه الى الطريق الفرعي متجاوزا الكثير من الدور والمحلات وكان الهدف هو اللوحة التي تحمل اسم مدرستي التي كانت مدرستي قبل عشر من السنوات خلين.

البيت الابيض ثم عدة منازل تغيرت بعض معالمها فمنها هدمت واعيد بناءها ومنها اضيفت لها طوابق جديدة او غيرت ابوابها ونوافذها او جعلت واجهاتها حوانيت تجارية …

ياه …كم تغيرت يا ايها الطريق …

هكذا هتفت وانا ابحث ببصري عن اللافتة التي تحمل اسم مدرستي التي كانت قبل عشر من السنوات.

ومضيت في الطريق وانا استعيد تلك الذكريات والصور…

قف…

هتف بي رجل المرور …

ترجل من سيارته واستوقفني وسألني بنبرة حادة قائلا…؟

لماذا هذه المخالفة…؟
اية مخالفة…؟   سألته بدوري
الا ترى انك تسير في الطريق المخالف…؟ اجابني وقد ارتسم على محياه غضب وفي نبرته لوم وتقريع..
آه …آسف   …وبعد لحظة  اضفت  …اكرر اسفي
ذلك لا يعفيك من توجيه العقوبة ..هكذا قال وتقدم مني وهو يناولني ورقة تبين مخالفتي ومقدار الغرامة المالية ازاءها وما كاد يقترب مني حتى نظرت اليه مندهشا….كان هو الرجل ذاته …اجل الرجل ذاته لكنه في رتبة عليا ودرجة وظيفية متقدمة

ابتسمت فشعر بمزيد من الغضب ونظراليَّ نظرة شزراء متسائلا ..هل تستهين بالعقوبة…؟

عفوا …ليس هذا بل لأنني تذكرت حادثة ما جمعتني وحضرتك ذات يوم ..
ما هذا الكلام …لا أذكر انني قابلتك يوما ما
نعم قابلتني  …وقدمت لي مساعدة
هز رأسه نفيا  وردد
كلا…كلا …اظنك  مشتبها وربما كان آخر ..الم يقال (يخلق من الشبه اربعين)
ذلك حق ولكني أؤكد لك انني سبق لي معرفتك … قبل عشر من السنوات حيث كنت تؤدي واجبك الرسمي في الفلكة المقابلة لإعدادية التمريض .
اجل كنت اذ ذاك في بداية حياتي العملية شرطيا قبل ان اكمل دراستي وحصولي على الشهادة الجامعية.
اجل ..وانا كنت يومها طالبا في الاعدادية المرحلة الثانية وكان يوم الامتحان النهائي حيث اخرجني المدير لأني لم اكن البس حذاء ولم يكن بقي على موعد الامتحان الا عشرا من الدقائق ولم يقبل دخولي الامتحان رغم توسلي وحين خرجت من المدرسة كنت انت تؤدي واجبك في تلك الفلكة فما كان مني الا ان توجهت لك  بطلب استعارة الحذاء الذي تلبسه ريثما انهي الامتحان ولما عجبت من طلبي اخبرتك بأن ليس لي من الوقت لدخول الامتحان الا خمس دقائق  فتعاطفت معي واعرتني حذاءك وجوربك وركضت عائدا الى المدرسة وهنا استوقفني المدير قائلا : ما هذا …هذا حذاء شرطي المرور…؟
اجل وما في ذلك من ضير ..المهم انه حذاء…المهم انني ادخل الامتحان.

فما كان من المدير الا ان اغرق في الضحك لكنه ادخلني قاعة الامتحان و احرزت فيه درجة ممتاز .

هنا اغرق في الضحك هو الاخر ومضى الى ممارسة مهامه الرسمية…

الشيء الذي لم اخبره به هو انه لم يعرني الحذاء دون مقابل بل قال لي بالحرف الواحد سأعيرك الحذاء على ان تأتيني بعلبة سيكار فاخر…قلت له نعم سأفعل .

هتف قائلا وما يدريني انك سوف تفي لي بذلك …؟

ما كان مني الا ان انتزعت ساعتي وتركتها لديه رهينة ريثما اتم امتحاني وابتاع له علبة سيكار فاخر ….وهو ما كان