17 نوفمبر، 2024 11:33 ص
Search
Close this search box.

الذيول لا تقوم مقام الأنياب يا ذئاب الغاب

الذيول لا تقوم مقام الأنياب يا ذئاب الغاب

كنا نتوقع ان يقوم النظام الإيراني برد مزلزل كما وصفوه ضد المصالح الامريكية في منطقة الخليج وان رد الفعل سيشمل المصالح الامريكية في منطقة غرب ايران (أي دول الخليج بالتحديد) ومن بينها العراق، وكنا نتوقع ان الرد الايراني المزلزل سيجعل الإدارة الأمريكية تعيد النظر في جميع حساباتها العسكرية، وان الكيان الصهيوني سيرتجف خوفا من المارد الايراني الذي كشر عن انيابه، هو وذيوله من الميليشيات الولائية، سيما ان الكيان المسخ أوجع القواعد والمعسكرات الايرانية والعراقية في سوريا بضربات متلاحقة. ولم يخطر في بال البعض ان الإدارة الأمريكية تضخم قوة العدو وتجعله ماردا حتى لو كان قزما ضعيفا لا حول له ولا قوة لأغراض معنوية واستباقية قبل القيام تالعمليات العسكرية، كأنها تأخذ بقول عنترة اضرب الفارس الضعيف فيرتعد الفارس الشجاع ويسهل الإجهاز عليه. انها تعظم من قوة اعدائها، وهذا ما كررته الإدارة الأمريكية في المبالغة بالقوة الصاروخية البالستية الإيرانية.
الكثير من المحللين السياسيين ذهبوا الى ان الرد الايراني المزلزل سيتناسب مع حجم الخسائر التي تلقوها بقتل الشخص الثاني في النظام وهو الجنرال قاسم سليماني قائد الحرس الثوري والمسؤول عن ملفات الدولة والدويلات الخاضعة للنفوذ الايراني (العراق، لبنان، سوريا واليمن ومنظمة حماس)، ولابد للنظام من حفظ ماء وجهه أمام شعبة والميليشيات العراقية واللبنانية والسورية واليمنية والخلايا النائمة في دول الخليج العربي. وكنا نشاطرالمحللين السياسيين الرأي. جاء الرد الايراني المزلزل مصحوبا بأكاذيب روجتها بعض المحطات الفضائية ومنها الجزيرة الموالية للنظام الإيراني بأن المئات من القتلى والجرحى الأمريكان ينقلون بطائرات الى الولايات المتحدة جراء الهجوم الصاروخي الايراني المزلزل، وقد تراوحت التصريحات الايرانية ما بين (80) قتيلا امريكيا و(270) جريحا الى الإدعاء ” دمرنا المواقع الامريكية وقد يكون هناك قتلى امريكيون”، حسب تصريح العميد حاجي زادة في الحرس الثوري، ثم جاء الرد الامريكي المزلزل من الرئيس ترامب ودول التحالف الدولي والحكومة العراقية بأنه لا يوجد قتيل أو جريح واحد جراء الضربة الإيرانية التي زلزلت عقولنا فقط. سرعان ما انحرفت البوصلة الايرانية الى إتجاه آخر بقول حجي زادة” لم نستهدف قتل افراد، بل المعدات العسكرية”، والصواريخ استهدفت قاعدة واحدة في العراق (عين الأسد)، وليست عدة قواعد كما جاء في التقارير الأولية. وزعم زادة قائد الدفاع الجوي لحرس الثوري ” ان الخطوات اللاحقة بعد الصفعة الامريكية ستتم عبر جبهة المقاومة”، فهي ستتولى بقية الرد!
الحقيقة لو إمتنع النظام الإيراني عن توجيه هذه الضربة المزلزلة لكان حفظ ماء وجهه اكثر مما قام بها، فخسائر النظام كانت اكبر من الضربة، فقد تبين:ـ
1. ان القوة الصاروخية الإيرانية دعاية واكذوبة فالصواريخ غير دقيقة، والعشرات لم تنطلق من قواعدها، بل أبت التزحزح من مكانها حبا ببلاد فارس، وعدم الرغبة بالرحيل الى العراق، وبعضها إنفجر في الجو، وأخرى سقطت في مدينة هيت بعيدا اميالاعن أهدافه. كأنها خردة وليس صواريخ بتقنية عالية، ربما هي العاب نارية، ضربت بمناسة العام الجديد!
2. كشف النظام الإيراني عن مواقع صواريخه ومدى كفائتها، واعطى درسا للقوى العظمى ومجلس الأمن بضرورة الحد من تنامي قوته الصاروخية مستقبلا، وفرض عقوبات على هذا النوع من التسليح الباليستي خشية من تطويره لاحقا.
3. كشف النظام الإيراني عن عدم مصداقيته، فقد كانت الطائرة الأوكرانية المنكوبه هدفا للصواريخ الايرانية، وقد أصر النظام خلال ثلاثة أيام بأنها سقطت أثر خلل فني، مع ان الطائرة سبق أن فحصت قبل يومين من تفجيرها وكان كل شيء على ما يرام، كما ان النظام الإيراني رفض اعطاء الصندوق الأسود لأوكرانيا او الولايات المتحدة بإعتبارها الدولة المصنعة للطائرة (بوينغ 737) لمعرفة ملابسات القضية من الناحية الفنية وتحديد سبب السقوط، ولم يغلق النظام الإيراني منطقة سقوط الطائرة كما يفترض لغاية إنتهاء التحقيقات، بل سمح للناس التواجد في منطقة سقوطها وإقتناء بعض الأجزاء من محتوياتها ربما للذكرى او الإستفادة منها، كما رصدت الأقمار الصناعية وجود جرافات تقوم بإزالة مخلفات الطائرة قبل مجيء الخبراء والمحققين، وكانت هذه الأعمال مثار شبهات صحت فيما بعد عن سبب سقوط الطائرة، عندما اتهمت الولايات المتحدة واوكرانيا والمانيا ايران بإسقاط الطائرة بصاروخ، وليس بسبب خلل فني كما ادعى النظام الايراني، وتبين كذب نظام الملالي، فقد زعم (علي عابد) رئيس هيئة الطيران المدني” ان أمرا واحدا مؤكدا وهو ان هذه الطائرة لم تصب بصاروخ”، وقال (علي ربيعي) المتحدث بإسم الحكومة الايرانية” ان الحديث عن تعرض الطائرة لصاروخ يزيد من ألم أهالي الضحايا”. وبسبب معرفة النظام الإيراني بأن المحققيق الغربيين سيكتشفون الحقيقة أعلن بعد ثلاثة أيام من الكذب والرياء عبر بيان عسكري بأن ” ان ايران أسقطت الطائرة الأوكرانية بعد دقائق من مغادرتها المطار بسبب خطأ بشري”. أما جواد ظريف فقد برر عملية إسقاطها بطريقة تثير السخرية بقوله (( ان تحطم الطائرة نجم عن خطأ بشري وبسبب النزعة الأمريكية للمغامرة”. بالطبع لم يشهد تأريخ الطيران العالمي سقوط طائرات بسبب النزعات الى المغامرة.
4. كان التبرير الإيراني مثيرا للعجب فقد صرح (أمير علي حاجي) قائد القوات الجوية للحرس الثوري” أن احد الجنود أطلق الصاروخ من دون حصول الجندي على تأكيد لأمر الأطلاق بسبب تشويش على الإتصالات”، هذا القائد كأنه يتحدث عن رمي طلقة من بندقية وليس عن صاروخ أطلق من قاعدة عسكرية وبوجود ضباط كبار وخبراء عسكريين عند إطلاقه، هل لكل جندي إيراني صاروخ بالستي يطلقه بنفسه دون الحاجة الى أمر بالرمي؟ ان الهاون الصغير (60) ملم تعمل عليه حضيرة من الجنود بإمرة آمر صف، فما بالك بصاروخ أرض ـ ارض!! ثم الا يميز الدفاع الجوي بين الأهداف الصديقة والأهداف المعادية، ان كان الجواب نعم، فتلك بربي مصيبة ما بعدها مصيبة. ثم ما هو دور الرادارات؟ ام ان نظام الملالي ليس عند رادارات، او هي عمياء لا تميز العدو من الصديق! وان كان النظام يعلم ان صواريخه أسقطت الطائرة وليس بسبب خلل فني، فلماذا الكذب على الرأي العام لمدة ثلاثة أيام، الا يفترض كدولة تسمي نفسها اسلامية ان تذكر الحقيقة وان لا تكذب وتراوغ لأنها ستفقد مصداقيتها؟ كيف يمكن بعد الآن ان يصدق العالم بمزاعم ايران وتصريحات مسؤوليها؟
5. الغباء الإيراني تجلى بوضوح في عدم قيام الحكومة على غلق المجال الجوي الإيراني خلال إطلاق الصواريخ، وعدم ابلاغ سلطات المطارات الطائرات القادمة والذاهبة لايران لوقف الطيران وتغيير المواعيد أو تغيير مساراتها لتلافي الصواريخ. وهذا جهل مطبق لا يمكن تبريره، ودلالة على الفوضى وانفرد الحرس الثوري بالقرار.
6. تمثلت خسائر الولايات المتحدة بإحتراق بعض الخيم، ومجموعة من الحفر في الأرض بسبب سقوط الصواريخ، وتصدع بعض الجدران القريبة من منطقة سقوط الصواريخ. أما خسارة ايران فهي:
أ. فقدان اكبر شخص في النظام بعد المرشد الأعلى، وهو قائد الحرس الثوري الجنرال سليماني المرشح لرئاسة الجمهورية، وقادة بارزين في النظام، علاوة الى أبرز عميل عراقي للنظام الايراني وهو ابو مهدي المهندس.
ب. مقتل حوالي ثمانين ايراني وجرح المئات خلال تشيع جنازة سليماني بسبب الازدحام والحشر وعدم تنظيم التشييع.
ج. ضياع هيبة الصواريخ الايرانية بسبب عدم دقتها وتبين انها صواريخ متخلفة لا قيمة لها، وليس كما صورها لنا النظام. والطريف ان وكالة فارس الايرانية نشرت صور قديمة منذ عام 2018 عن ضربات صاروخية، على أساس انها تصور الضربة الايرانية الأخيرة على قاعدة عين الأسد. والأطرف منه ان الحرس الثوري أنتج فلما دعائيا يصور قيام ايرانيين بالهجوم على البيت الأبيض واغتيال الرئيس ترامب ووزير خارجيته بومبيو كردة فعل على قتل سليماني!!! انهم يعيشون في خيال وخبال.
د. كشفت ايران بأن قوتها العسكرية لا تتناسب مع تصريحات قادتها حول ترسانتها التسليحية ومديات ودقة صواريخها البالستية، وتهديداتها المزلزلة ضد اسرائيل ومحوها من الخارطة خلال ساعات خلال ساعات.
هـ. قتلت السلطات الايرانية (176) شخصا وهم طاقم وركاب الطائرة الاوكرانية، جراء العملية الهجومية الغبية، وهي تتحمل المسؤولية كاملة عن هذه الخسائر في الأرواح.
و. على السلطات الايرانية تقديم المسؤولين عن اسقاط الطائرة الاوكرانية الى العدالة حسب طلب الرئيس الاوكراني (فولوديمير زيلينسكي)، والرئيس الكندي (جاستن ترودو)، وليس جندي كما زعم النظام، وتقديم التعويضات عن الطائرة المحطمة، وتعويض أسر الركاب القتلى بمبالغ جسيمة، وتقديم اعتذار رسمي لحكومات مواطني الضحايا، وهي” كندا، بريطانيا، السويد، اوكرانيا، المانيا وافغانستان)، واعادة جثث القتلى الى أوطانهم (تكاليفها تتحملها الحكومة الايرانية).
ز. تبين ان الطائرة اصيبت بصاروخين وليس صاروخا واحدا، اي إصرار على إسقاطها وليس نتجية الخطأ، وهذا أدى الى تعليق الدور الأوربية وبعض الدول الآسيوية التحليق في الأجواء الايرانية وستخسر ايران حوالي (350) مليون دولار سنويا، لأنها تستوفي عن اية رحلة في مجالها الجوي (800) دولار، حيث يمر في مجالها الجوي ما يقارب (1000) رحلة يوميا، علاوة على خدمات الشخن والصيانة وتزويد الطائرات بالوقود، يضاف الى ذلك انخفاض نسبة السواح القادمون الى ايران، علما ان العراق شمل بهذا الحظر ايضا جراء القصف الايراني للقواعد الامريكية، فبات مجاله الجوي غير آمن، هذه من تبعات نظام الملالي على العراق يا ذيول ايران.
ح. تبين قوة الدولة العميقة في ايران والمتمثلة بالحرس الثوري مقارنة بحكومة روحاني، فقد زعمت الحكومة ان الحرس الثوري لم يبلغها بأنه المسؤول عن اسقاط الطائرة الاوكرانية، وتم تبادل الاتهامات بين الطرفين مما يعكس شدة الخلافات بينهما.
والآن هل حفظت الضربة ماء وجه النظام الايراني ام لوثته بالخزي والعار، وفضحت كذبه وضعفه ودجله واوهام قوته الصاروخية؟
قال الامام الأوزاعيّ ” المؤمن يقِلّ الكلام ويكثر العمل، والمنافق يكثر الكلام ويقِلّ العمل”. ( الامتاع والمؤانسه).

الذيول لا تقوم مقام الأنياب

أحدث المقالات