في مثل هذا اليوم وقبل إثنين وثلاثين عاماً رحل مهندس الحكم الذاتي الشهيد إدريس البارزاني , وعندما تمر ذكراه العطرة نستذكر صفحات مشرقة لحياة مناضل خادم لمصلحة أمته وشعبه الذي ذاق الأمرين على يد الأنظمة الدكتاتورية ، ليسهم عبر مسؤولياته في ساحات النضال التي إحتضنته لصياغة إشراقة جديدة في التاريخ المعاصر للشعب الكوردي والذي تمكن بفضل نضال البيشمركة الأشاوس وتضحيات الشهداء أن ينتزع وبجدارة الموقع الذي يستحقه دولياً وإقليمياً ومحلياً .
ادريس البارزاني هو ابن الملا مصطفى البارزاني زعيم الحركة التحررية الكوردية ولد في منطقة بارزان في كوردستان العراق في عام 1944 مهد الثورات والنضال في كنف عائلة تعتز بإنتمائها الديني والقومي والنضالي وتربى على القيم الانسانية والنضالية عبر الشخصية الفذة لوالده البارزاني الخالد ، والذي كان ومازال يعتبر بحق أرقى مدرسة نضالية للكورد ، حيث تسلح بالوعي القومي والارادة التحررية والشجاعة في التضحية من أجل شعبه وقضيته المصيرية ، وتعززت في أعماقه قيم الاعتماد على الذات ومواجهة الصعاب والتصدي للتحديات المصيرية ، وإثر إندلاع ثورة أيلول التحررية عام (1961) ترك الشهيد إدريس البارزاني مقاعد الدراسة وتوجه لحمل السلاح لينخرط في صفوف قوات البيشمركة الأبطال ليتحمل المسؤولية الجسيمة التي تنتظره حيث قاد البيشمركه في العديد من المعارك ومن أبرزها ملحمة (هندرين) عام 1966، التي الحقت الهزيمة بكبار ضباط الجيش ومن دعاة الحرب وكسر إرادة الكورد وطمس الهوية القومية لكوردستان , وخلال المفاوضات العسيرة التي قادها عام 1970 واعلان اتفاقية 11 اذار كان العقل الراجح للتوصل الى الإتفاقية مع النظام الدكتاتوري المتعنت حيث كان بحق مهندس الحكم الذاتي في الوقت الذي رفع الحزب شعار ( الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكوردستان ) , كما له الدور الفاعل في رأب الصدع بين الحركة التحررية الكوردية وحكومة بغداد من اجل تطبيق بنود الاتفاقية ووضع نهاية للحروب المأساوية المتوالية نتيجة للسياسات الخاطئة للحكومات التي تعاقبت على إدارة الدولة العراقية .
انتخب المناضل ادريس البارزاني لاول مرة عضوا في اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني في المؤتمر الثامن للحزب عام 1970 ثم انتخب عضوا للمكتب السياسي عام 1976 وكان له الدور المشهود في إعادة التنطيمات الحزبية بعد نكسة الجزائر التي حلت بالحزب خاصة وبالكورد عامة بعد الاتفاقية المشؤومة عام 1975.
وفي شهر ( مايس ) من عام 1976 إندلعت ثورة كولان التقدمية ، حيث وظف الشهيد ادريس مهاراته السياسية لإعادة ترتيب البيت الكوردي ، وإستطاع التقريب بين وجهات النظر المختلفة التي ظهرت على الساحة الكوردستانية في وقتها ، وكان بحق مهندساً للمصالحة الوطنية التي مهدت لإعلان الجبهة الكوردستانية التي أثبتت جدارتها في قيادة الانتفاضة الكوردستانية عام 1991 ، وما أعقبها من إدارة شؤون كوردستان وإجراء الإنتخابات الديمقراطية وتاسيس المؤسسات الدستورية .
وبعد وفاة الأب الروحي للكورد (الملا مصطفى البارزاني) اصبح المناضل ادريس البارزاني قائدا للحركة التحررية الكوردية , كيف لا ؟ وهو من خريجي مدرسة النضال التي أرسى دعائمها البارزاني الخالد وتحمل اعباء القيادة وسعى لتحقيق اهداف الشعب الكوردي لأنه قدم التضحيات الجسام من اجل حياة حرة كريمة , فلقد ناضل وقاتل ولم تضعف عزائمه وبقي صامدا صابرا شامخا الى ان قدم روحه الطاهرة الزكية فداء للوطن وللشعب الكوردي الاصيل ففي يوم 1987/1/31 فاضت روحه الطاهرة الزكية وودع الحياة بعد ان افنى شبابه في خدمة الشعب الكوردي لتبقى ذكراه خالدة على مر التاريخ ويكون عنواناً للتضحية والنضال والفداء .
منطقة المرفقات