18 ديسمبر، 2024 11:43 م

الذكرى السادسة لفاجعة شنگال

الذكرى السادسة لفاجعة شنگال

كانت مدينة شنكال على موعد بلا سابق إنذار مع القدر لتعبث بمقدرات شعبٍ آمنٍ , ضربَ أروع صورة من صور التعايش السلمي على مدى سنوات خلت بين أطياف مجتمعه المعروف بالكرم والشجاعة , كصاعقة نزلت لتحرق الأخضر واليابس دون تمييز بغزو بربري لم يشهد التأريخ مثيلاً له في وحشيته على يد أعتى منظمة إرهابية عرفتها الإنسانية , وتحويلها الى مدينة أشباح خلال سويعات لتنشرالرعب وتبث الفزع في النفوس بأساليب رهيبة وتتفنن في الإقدام على أفضع الجرائم التي لا يتحملها العقل البشري لبشاعتها بعيدة عن أي شكل من أشكال العرف الوجداني والأخلاقي لتدخل موسوعة غينيس بأفعالها الشنيعة , بعد أن ذبحت خيرة شبابها كالخراف من الوريد الى الوريد وخطفت الشيوخ والأطفال وإغتصبت النساء بعد سبيهن وبيعهن في سوق النخاسة كالعبيد في دول الجوار لتفرض عقيدتها على من خالفهم بالعنف والقتل والتهديد , وتعمل على التفريق بين افراد العائلة الواحدة , وتجبر ما تبقى من سكان المدينة على النزوح عن بكرة أبيها تاركة وراءها ما جنوه بعرق جبينهم وما طاب من ملذات الدنيا هاربة الى إقليم كوردستان حيث الأمن والأمان , حتى تم إيصال صوت المظلومين من إخواننا أبناء الشمس كما يحبون أن نسميهم من الطائفة الإيزيدية الى أصقاع العالم أجمع لفضح جرائم الإرهابيين , حيث تم العمل من خلال القنوات الدبلوماسية على تدويل القضية كجريمة ضد الإنسانية بعد أن عرفت بالإبادة الجماعية ( جينوسايد ) في المحافل الدولية والمطالبة بمحاكمة كل من تلطخت أياديهم بدم الأبرياء ونيل جزاءهم العادل .

واليوم تمر الذكرى السادسه على الفاجعة الأليمة في الثالث من آب المشؤوم وشنكال لا زالت تبكي بمقلتيها وتذرف الدم بدل الدموع لما إقترفته أيادي السفاحين بحق أبناءها , فلا يوم كيوم شنكال في حزنها حيث توشحت بالسواد بعد كشف عشرات المقابر الجماعية أمام أنظار المنظمات الدولية وسط صمت الحكومة المركزية وكأنها غير معنية بالأمر لغاية في نفس يعقوب قضاها , في الوقت الذي سارعت فيه حكومة إقليم كوردستان الى إنقاذ المئات من المخطوفين والمخطوفات وإعادتهم الى عوائلهم المنكوبة وتأهيلهم من الناحية النفسية في دورات تخصصية بعد غسل أدمغتهم ليغيروا رغماً عنهم من معتقدهم ولغتهم وحتى تبديل أسمائهم في سابقة خطيرة ما أنزل الله بها من سلطان بعيداً عن كل شكل من أشكال الحرية والتعبيرعن الرأي ضمن لائحة حقوق الإنسان التي صادقت عليها دول العالم كافة والتزمت بمضمونها .

ذكرى حزينة وفاجعة أليمة وقلوب معتصرة ودموع منهمرة والأمل يحدو الشنكاليين الى العودة الى الديار بعد معاناة أوجاع الغربة , حيث ذكريات الطفولة وأيام الصبا ليعيشوا أخوة متحابين لا يفرقهم دين ولا مذهب كما عاش الأجداد في تآلف ووئام ويعمروا ما دمره الأشرار , ويجعلوا من شنكال رمزاً من رموز التضحية والفداء من أجل الإنسانية , وإعادة العلاقات الإجتماعية والعادات والتقاليد الشنكالية الى سابق عهدها والحافظ على العهد الذي كان من خلال تجديد مفهوم (الكريفايتي) بين مكونات المجتمع الشنكالي في صفحة جديدة من صفحات العيش الرغيد بهمة الغيارى من أبناء شنكال العزيزة , وليرحل المجرمون الى مزبلة التأريخ غير مأسوف عليهم لما جنته أياديهم القذرة من أفعال بشعة تخلد في ذاكرة الأجيال .