18 ديسمبر، 2024 9:59 ص

الذكرى السادسة على رحيل المناضل نورالدين زيا بوبو

الذكرى السادسة على رحيل المناضل نورالدين زيا بوبو

( دكتور هرمز ) 4 – تشرين الأول – 20014
أنا لم أمت , أنا حي مثلك . إلتفت ألى خلفك ستجدني أمامك
جبران خليل جبران
في ذكرى أرتقائه العلى وجلوسه على عرش الخالدين بجانب رفاقه الغيارى ( يوسف توما , يوبرت بنيامن , يوخنا أيشو ) , كما وأيمانا بنزاهة تاريخ نضاله البهي وصلابته التي هي أمتداد لصلابة والده المناضل الخور أسقف زيا بوبو دوباتو الذي قارع وأفراد عائلته كل تهديدات ومضايقات الأجهزة القمعية للنظام الصدامي الدموي , والذين أبوا تقديم ولاء الطاعة للنظام على حساب قضاياهم القومية , وليسطروا أروع ملحمة في ثمانينات القرن العشرين آلا وهي ملحمة (( استعادة الكرامة والسيادة التي فرضها التاريخ الآشوري أمانة في أعناقنا )) عبارة مقتبسة من فكر الشهيد يوسف توما هرمز . والتحاقهم جميعا والبالغ عددهم 27 فردا بساحة الحركات في جبال آشور بشمال العراق ( بيث نهرين ) . والتي كانت وعن حق ضربة موجعة جدا للنظام القمعي وعملائه .. عليه وفي ظل هذه الذكرى الجليلة حيث أضع أمام القارئ الآشوري المحترم اللقاء بجزئيه الأول والثاني كي يطلع عليهما بتأني وبعد نظر , الذين كان قد أعدهما مشكورا في عام 2008 السيد وليد زيتو المركي – عن المؤتمر الآشوري العام تحت عنوان ( لقاء وحوار حول مستقبل شعبنا الآشوري ) …

لقاء وحوار حول مستقبل شعبنا الاشوري – الجزء الأول

إعداد ولید زيتو المركى – عن المؤتمر الاشوري العام

نيسان -٢٠٠٨

هذا الجزء من الحوار الذي أجريته معه اثناء لقائي به في نهاية زيارتي الأولى لمدينة نوهدرا ( دهوك ) .صراحة كان لقائي معه شيقاً ومثمرا لما أظهر من حكمة و حنكة سیاسيتين اكتسبهما مما اختبره عبر سنوات من النضال كأحد مؤسسي الحركة الديمقراطية الاشورية وكعضو مكتبها السياسيي ليلم بدقائق الأمور ويقف على حقيقة خلفياتها وحيثياتها وبما يجدر بالتقدير .
إن الأشوري العراقي الذي لا يعرف عائلة الخوري اسقف زيا بوبو ، راعي كنيسة المشرق الأشورية في نينوى ، والذي فرّ إلى ايران في عام ۱۹۸٤ هرباً من بطش السلطة واضطهادها له بما في ذلك تشويه لمواقفه القومية الجريئة بسبب وجود ابنه ( الأستاذ نورا ) في قيادة الحركة الأشورية أيام الكفاح المسلح ، فهو لايعرف إلا القليل عمن عانى من أبناء شعبنا ولايزال .
لقد كان لقائي بالأستاذ نورا مفيداً حقاً . وأقول هذا إعترافاً بفضله واضافة لسجله الحافل بالمواقف الشريفة . فقد تفضل بالاجابة على أغلب أسئلتي ، بينما ابدي تحفظاً تجاه القليل منها أي التي تمس بزملائه في قيادة الحركة الديمقراطية الأشورية ، حيث رد عليها باقتضاب : لن أجيب على أسئلة كهذه إلا بوجودهم وبمحضر الجميع .
س .كيف ترى مستقبل شعبنا ومصيره في العراق ؟
ج . بالحقيقة أن مستقبل شعبنا غامض . ولا يلوح في الأفق ما يؤمل حالياً. فقد أصبحنا منسيين ومهمشين من جميع الأطراف .
س . ماذا عن الحكم الذاتي الذي يروج له البعض ؟
ج . أنا لست ضد الحكم الذاتي ، ولكن يؤسفني بانه يطرح ضمن أجندة غيرنا .
س . ماذا عن احزابنا المطالبة بالحكم الذاتي ؟
…. هنا لاحت على وجهه إبتسامة عريضة فأجاب
ج . وهل لدينا أحزاب … صحيح أن لدينا عناوين كبيرة الأحزاب كثيرة لكن جميعها تعمل ضمن أجندة الغير.
س . هل تقصد بذلك أنها أحزاب عميلة ؟
ج. لن أقول ذلك عن كلُّ الأحزاب لوجود أفراد مؤمنين فيها ، ممن لايعرفون بأنهم وضعوا على السكة الخاطئة وفي مسار لايسعهم الخروج منه . وأعضاء هذه الأحزاب ( … ؟ ) منقسمون إلى عدة كتل ، فمنهم المخلصون ، والساكتون ، والمنتفعون ، وهناك العملاء والجميع يسير وفق برمجة غيرهم ولا حول لهم ولا قوة .
س . ماذا عن المجلس الشعبي الكلداني السرياني الأشوري ؟
ج . إنه إسم بلا جسم . وبنظر شعبنا ، ليس هذا المجلس إلا تلك البقرة الحلوب التي يحاول أعضاؤه الاستفادة من حليبها وهم أبعد ما يكون عن قيادة شعبنا .
س . هل من قائد لشعبنا في الوقت الراهن ؟
ج . لا … لأن القائد هو من ينال مصداقيته من الشعب ويشترع به أو يأتي فارضاً نفسه بطغيانه كما كان صدام . أما الذي يُعيّنُ من قبل الغير فهو لن يتعدى كونه أكثر من طفل ذلك الغير الصنيع ، فيكون وبالتالي مهزلة الشعب وليس قائده .
س . ماذا عن القرى التي تم تعميرها ورجوع سكانها إليها ، أليس ذلك حلاً لجزء من مشكلتنا ؟
ج. لست ضد تعمير القرى وعودة سكانها . لكن العودة الى هذه القرى غير مخططة لصالح شعبنا .فلا يمكنك بأن تشعر بمعاناة العائدين إلا إذا سكنت معهم في تلك القرى . فالمئات الذين عادوا إلى قراهم يعانون من صعوبة العيش .والأرض التي يملكها الواحد منهم بالكاد تنتج أية غلة ، هذا إذا كان يملك أرضاً يزرعها. فكيف بالآلاف ممن يعيشون في المدن وعليهم دفع الإيجار لقاء سكنهم في الوقت الذي يصعب عليهم ايجاد عمل ، وبالأخص ، أولئك الذين لايروجون لسياسة الأحزاب الحاكمة لترى اعتمادهم الكلي على أقربائهم الذين يعيشون خارج العراق . وقد فضل الكثيرون منهم الهجرة ، على هذه الاوضاع المعيشية الصعبة ، ناهيك عن الأمنية. وعلاوةً على ذلك، هناك العديد من القرى الاشورية المتجاوز عليها بوضع اليد من قبل الأكراد، ومنها ما كُردَتْ بالكامل، وأحزابنا وقادتها المار ذكرهم صُمُّ بكم وغير مبالين تماماً وكأن أمرها لا يعنيهم في شيء. وإنطلاقا من هذا الواقع أقول جازماً ، بأنه ما أن يستقر الوضع في بغداد حتى تُهجر تلك القرى المعمرة فتصبح کشواهد مرحلة أو يستولي عليها الأكراد المتربصون بها والمستعدون دوماً للسكن فيها.

 

 

لقاء وحوار حول مستقبل شعبنا الاشوري – الجزء الثاني

إعداد ولید زيتو المركى – عن المؤتمر الاشوري العام

نيسان -٢٠٠٨

س. ماهي برأيك الوسيلة الصحيحة لضمان بقاء هؤلاء الناس في قراهم ؟
ج. الجواب بسيط وهو ، ان تحاول مراعاة مصالح هؤلاء الراجعين وضمان معيشتهم في تلك القرى . اي توفر لهم الاشغال بالقرب من قراهم . وهنا اود أن انتقد مشروع وخطة التعمير ، إذ كان من المفروض والاصح ان تُضم عدة قرى في قرية عصرية واحدة لتأمين المعيشة لأصحاب جميع المهن والحرف ولتوفير الاشغال للجميع ، و كذلك المرافق التعليمية و مستشفى على الأقل . وإذ أمكن إنشاء مصنع او معمل او حتى مزرعة حيوانية تتيح العمل للمئات أو الألاف لتأمين حياة كريمة للجميع .
عندئذ فقط ستبقى غالبيتهم على الأرض ولن تلجأ إلى الهجرة الإقتصادية ، ومع مرور الزمن تتوسع تلك القرية العصرية لتصبح بلدة فمدينة و هكذا . ان الأشوري كغيره من البشر تواق إلى المدنية ، فهل من المعقول أن تتوقع بأن تعيش اربع او عشرة ، او حتى عشرين عائلة في قرية نائية معزولة عن الحضارة .
س . ولكن ما نشاهده على شاشة قناة عشتار الفضائية يخالف ماتقوله .
ج . لتـقـل قناة عشتار ما طاب لها لكن الواقع لايقرب ما تصوره إيجاباً.
س. لقد حدثتني عن وضعك الشخصي وعمّا دفعك إلى الابتعاد عن جميع الفعاليات الأشورية وأنت كنت واحداً من أوائل الملتحقين بالكفاح المسلح ضد نظام صدام ، ولقيت عائلتكم من الاضطهاد والعذاب مالم تلاقيه أية عائلة مسيحية في العراق على الاطلاق . وبصراحة ، بعد سقوط النظام ، كنت أتوقع بأن أراك وقد عينت وزيراً أو على الأقل مسؤولاً في موقع إداري وذلك مكافأة لك واعترافاً بنضالك ونضال والدك ( رحمه الله ) وتضحياتكما ؟
ج. سأجيب باختصار دون الخوض في التفاصيل . أقول ، بكل صراحة ، أن زمن المبادئ قد ولىّ وحل محله زمن المساومة بما تخدم المصالح الشخصية . وبات الفرد المبدئي غير مرغوب فيه لأنه لا يسير وفق الأجندة التي ترسم له .
س. إذن .. لماذا لاتهاجر وتعيش مع إخوانك في أستراليا أو آمریکا طالما إبتعدت عن الساحة السياسية الأشورية ، ولست تتقاضى أي راتب من أية جهة رغم السنوات الطويلة التي قضيتها في الكفاح المسلح والنضال من أجل قضية شعبنا الأشوري ؟
ج . لقد قلت لك إنني صاحب مبادئ ، فكيف تنتظر مني بأن أهاجر وأنا الذي بشرت على الدوام وأقنعت الكثيرين ولسنوات عديدة بعدم الهجرة وذلك حرصاً على وجود وبقاء شعبنا على أرض الوطن .
س . هل هناك من أمل لشعبنا لكي ينال حقوقه المشروعة أسوة بباقي مكونات الشعب العراقي ؟
ج . أنا شخصياً ، لم أفقد الأمل يوماً ، وإن كان لا يلوح في الأفق أي بصيص أمل في الوضع الراهن. ولكن إن استطاع الشرفاء من سياسيينا والنخبة الصالحة من أبناء شعبنا أن يوجهوا شعبنا للسير على السكة الصحيحة فأنا واثق من أننا سنحصل على حقوقنا كاملة و غير مبتورة . س. ماهي السكة الصحيحة برأيك ؟
ج . السكة الصحيحة هي التوجه الذي ينبع من إرادة الشعب … فلحد اليوم لا يعرف شعبنا ماذا يريد ، ويوم يعبّر ، وبصوت موحد ، عن إرادته فلابد أن يدرك غايته.
س. كيف لشعبنا أن يحدد غايته ؟
ج . لابد من شباب واع وشجعان لا يخافون شيئاً وينهضون شعوراً بالمسؤولية الكبيرة تجاه شعبهم ووطنهم ، ويتحلون بصفات المناضلين ، ناكرين ذواتهم ومستعدون للتضحية في سبيل قضية شعبهم إذا فرضت الظروف . ويكونون ممن يصّرون على وحدته ولا يتحيزون إلى أي مذهب كنسي أو دين وبالتالي ، لا يساومون اطلاقاً من مصالحهم الشخصية إذا أتى ذلك على حساب مصلحة شعبنا ، ومتى إلتمَّ هؤلاء الصابرون ، وللصبر حدود ، عندها وبمثالهم سيعبّر شعبنا عن إرادته الحقيقية .
س . هل تظن أنه لايوجد في شعبنا مثل هؤلاء الشباب ؟
ج. بالعكس ، فأنا لم أقل بأنه لايوجد في صفوف شعبنا مثل هؤلاء الشباب ولكنهم إما هم بعيدون عن السياسة أوهم أعضاء احزاب لم تجد السكة الصحيحة بعد ، ومع الأسف ، أغلب شبابنا هم أسرى التسلطات السلبية و الموروثة كالأتكالية على الغير وعدم الإيمان بالنصر وفقدان الثقة بالنفس ، وهذه الأخيرة ، تحبط عزيمة الكثير من الشباب المؤمنين الجريئين، وكما ذكرت أعلاه، متى إلتمَّ هؤلاء إلى بعضهم وحرروا انفسهم من ترسبات الماضي الأسود وظهروا على مسرح السياسة ، حينئذ ، سيمكننا القول بأننا منعمون بشباب جدي قادر على التغيير. لأن الفرصة المتاحة اليوم للانخراط في النشاط السياسي القومي والوطني قد لاتتوفر أمامهم غداً . وأنا بدوري أناشد هؤلاء الغيورين وأحثهم على زعم مسؤوليتهم القومية والمباشرة بالعمل دون الاعتماد على الموجودين في الساحة حالياً . إذا ليسوا إلا سراباً مضللاً أو أبواقاً مأجورة هدفها الأول والأخير هو تمرير أجندة الغير .
س . مارأيك بالكنيسة و كان والدك كاهناً نشطاً فيها لتواجه عائلتك الصعاب بسبب ذلك ؟
ج. الكنيسة لا تختلف كثيرا عن الأحزاب وقد تكون أحزابنا وريثة ما في الكنيسة . فالصراعات الداخلية ظاهرة في الكنيسة كما هي في الأحزاب . وكنائسنا في صراع دائم بعضها مع البعض ، لذا فهي لا تختلف عن أحزابنا ، وهي مبتلية أساساً بمرض الانشقاق.
س . وأين تكمن العلة فيما نراه واقعاً في شعبنا ؟
ج. العلة في القائمين على الكنائس والمسؤولين على الأحزاب . إذ أنهم لا يؤمنون بشيء . وهم ضعفاء النفوس ولا يميزون أي شيء غير مصالحهم الذاتية وأنانيتهم تعلو فوق كل شيء . فلو كانوا مؤمنين لكانوا شجعان لا يخافون شيئاً، وأقصد الإيمان بأي شيء كان، فكيف الإيمان بالمسيح الذي علمنا بألا نخاف من الذين يقتلون الجسد . ومتى ما آمن مسؤولونا بشيء غير مصالحهم الشخصية وهجروا أنانيتهم ، عندها ستتغير المعادلة السياسية العراقية التي أسقطنا منها لنجد أنفسنا اليوم مهمشين ، فنعود عنصراً هاماً في المعادلة السياسية الوطنية وخصوصا ًونحن على عتبة بناء عراق جديد على أنقاض الأسس التي اعتمدت في بناء عراق عام ۱۹۲۱ الذي إنهارت أركانه لركاكتها أصلاً.
س. هل تفضل عودة نظام صدام على الوضع القائم ؟
ج . مع إبتسامة واستغراب ، قال … لا بالطبع ، لا أفضل عودة نظام صدام الذي حاربناه طويلاً ، لكن القائمين على الحكم اليوم أثبتوا للجميع بأن صدام حسين كان أفضل منهم وأكثرهم عراقية ، ويوم إعدامه أثبت تمسكه بأفكاره وايمانه بها ، ولكني أتطلع الى اليوم الذي يعلو فيه القانون على الجميع ، ولا أن يعلو حكامنا على القانون ، كما يجري في الوقت الحاضر .
اكتفي بنشر هذا الجزء من الحوار لما فيه من أمور مفيدة لكي يطلع عليها أبناء شعبنا بكل إنتماءاته .
وأنا شخصياً يحزنني بأن أرى عائلة الأستاذ نورا القس زيا التي كرست حياتها في سبيل نهضة شعبنا وكانت حاضرة للتضحية في سبيله دون تردد او خشية ، وقد باتت منسية ومنزويه ونحن غير أبهين لها ، وختاماً أتطلع إلى اليوم الذي أرى تلك النخية وهي تستجيب لنداء مناضلنا المقدام أستاذي العزيز نورا القس زيا.
وإلى لقاء قريب إن شاءلله .

الرجال يموتون لكن مبادئهم لا تموت