الذكاء الصناعي ومصباح علاء الدين

الذكاء الصناعي ومصباح علاء الدين

في أعماق التراث الشعبي، يقف مصباح علاء الدين كرمز للأمنيات المستحيلة والتحقيق الفوري للأحلام.
وفي عصرنا الحديث، يحاول الذكاء الصناعي أن يكون ذلك المصباح السحري، مقدماً حلولاً مبتكرة ومساعدات فائقة السرعة، لكنه – على عكس الجني – لا يعمل بالسحر، بل بالمعرفة والخوارزميات.
لكن الفرق بين المصباح القديم والمصباح الحديث يكمن في جوهر القوى التي تحركهما.
فالجني، ذلك الكائن المجبول على الطاعة المطلقة، يستجيب بلا نقاش، يمنح دون مساءلة، بينما الذكاء الصناعي—مهما بلغ من تطور—يظل محكوماً بمنطق المعادلات، لا يعمل إلا وفق ما يلقّنه العقل البشري من بيانات وتوجيهات.
إنّه ليس جنيًّا يهب العطايا كيفما شاء، بل مرآة تعكس ذكاء صانعيه.
قد يغري البعض بذلك المصباح الجديد، فيحاولون أن يجعلوا منه سلطاناً قائداً لعجلة العالم، يُدبّر القرارات ويهندس المستقبل، لكن الحقيقة التي لا ينبغي أن تغيب هي أن الذكاء الصناعي ليس أكثر من أداة في يد البشر، مهما بلغت دقة حساباته وسرعة استجاباته. وحده الإنسان، بما يحمل من بصيرةٍ وروح، يستطيع أن يحكم على الأمور بمعيار الحكمة، بعيداً عن البرود الرقمي الذي لا يعرف الرحمة ولا يدرك المعنى العميق للأخلاق.
إن الذكاء الصناعي، وإن كان بريقه يسحر العقول، يظل مصباحاً بلا جني، يتوهّج بالمعرفة لكنه يفتقد الدفء الإنساني، يتقن الحساب لكنه لا يفهم الشوق والأمل. فإذا كان مصباح علاء الدين يحقق الأمنيات، فإن المصباح الجديد لا يهب إلا ما يزرعه البشر فيه، فإن غرسوا فيه الحكمة، أضاء لهم طريق المستقبل، وإن أودعوه الطيش، صار وهماً يزيد العتمة ولا يهدي السبيل.

أحدث المقالات

أحدث المقالات