21 ديسمبر، 2024 7:55 م

ندوات توعية ضرورية:

موضوع الذكاء الاصطناعي بات ملحا دراسته كتأثير اجتماعي أكثر من كونه تقنية انفجارية في التوسع والتطور التقني الذي يتسارع ليتوسع فيه الإدراك، من اجل هذا أقام مركز الرشد في نينوى ورشة حوارية تحدث فيها قامة موصلية هو البرفسور محمد زكي خضر وكانت بعنوان بعض من تحديات الذكاء الاصطناعي اللغوية والشرعية والأخلاقية.

ماهية الذكاء الاصطناعي

انه حديث عن طفل ذكي يتعلم بسرعة وإجاباته تكون متقنة وتتطور خلال عام من أجوبة مبعثرة إلى أجوبة مرتبة وواضحة ومن خلال تجربة أجريت بشكل علمي، لكن هذا الذكاء مازال يمكن برمجته وتوجيهه بحيث قد تجد حسب اللغة والبيئة والسائل إجابات متعددة، لكنه مع هذا يبرمج وفق قواعد البيانات التي تغذى منا جميعا باستخدام تقنيات كوكل وميتا وفالكون الذي يستخدم في الإمارات ولكن باللغة الإنكليزية وغيرها من التقنيات GPT Chatمثلا، فالذكاء الاصطناعي بماهيته برنامج له قابلية على تجميع البيانات واختبارها وتنسيقها والبحث في الإنترنيت كعالم عن كل سؤال بزمن قياسي وان لم يجد بلغة السائل فيترجمها إلى لغة أخرى ويبحث عن الجواب ثم يترجمه إلى لغة السائل وهنا تحصل الأخطاء باختلاف المصطلحات عن اللغة الأم لكن هذا سيتجاوز مع التطور.

الذكاء الاصطناعي يتطور في اللغة والخطاب لكنه لا يصلح للفتوى ولا ينبغي أن يسأل عنها لان الفتوى فيها جانب حسي يتعلق بالشخص المستفتي إن كان قد فعل الأمر ويسال أم يسال ليفعله.

إلى اليوم المعروف من الذكاء الاصطناعي مازال مبرمجاوتحت السيطرة ولا يخترق محددات الخصوصية، وهو يتطور لدرجة ممكن ألاّ تميز محاورك هل هو روبوت أم إنسان! لكن ماذا لو تطور هذا الذكاء سواء كان جهازا أو روبوتا ليتخذ قرارا في مواضيع متعددة متعلقة بمصير إنسان أو انه يستغل في أمور تتخطى محددات القانونبل لا نغالي إن قلنا أنه سيضع قيما خاصة وهنا تصبح الاحتمالات كبيرة والإمكانات المتاحة ليست في قواعد البيانات.

التأثيرات الأخلاقية:

فاعلية الذكاء الاصطناعي ممكن أن تحدث تأثيرا في أي مكان من العالم فاذا كان الغرب يقع في سلوكياته وحفظها تحت معياري السائد منها النفعية وسيادة القانون فان هذا الذكاء بإمكانه تجاوز القانون والالتفاف عليه وعندها نجد أن وقفة تأمل نحتاجها في الاحتياطات اللازمة للسيطرة على أي سلبية من فاعلية الذكاء الاصطناعي وان الغرب بحاجة إلى تنشيط منظومة قيمية تحميه.
في الواقع الإسلامي عند تمكن الذكاء الاصطناعي من أمور الفقه التي يُعمل ولو بشكل أولي على شحنه بها لغرض إلا يستقي المعلومات من مصادر غير موثوقة، فان هذا أيضا فيه محاذير كبيرة فهو مادة منقولة عن عصور قديمة واجتهاد بشري ما خلا القرآن والسنة والسيرة بعد تنقية الأخيرتين لان هنالك اختلافات واسعة أدت إلى تزويدنا بجهاز معرفي محمل بإسقاطات مازالت تُستدعى للاختلاف، أو تبرز نقاط مكبرة على اعتبار أنها مضيئة وتغفل السلبيات والسلبيات هي الغرض من مراجعة التاريخ للعبرة لا كما نفعل أن نعيد السلبيات إلى حياتنا ونختلف ونتصارع عليها، لكن هل الذكاء الاصطناعي سيكون سلبيا فعلا، هو احد الاحتمالات  بيد إن هنالك إمكانية واحتمالا عند تطوره أن يجري نقدا للمعلوماتية وينصح بالأفضل وهو عمل يقوم به المصلحون الآن في معالجة المعلومات وتنقيتها وهذا احتمال يحتاج إلى الحس وقد يخرج بمذهب جديد أو ما يمكن من الوصول لأمر مستنبط من استقراء الواقع، وهذا ليس مستبعدا مع احتمال العمل لهذا الذكاء بشكل ذاتي مستقل أو شبه مستقل أو يتمكن في مرحلة ما تعديل برمجة ذاته الممكن حصوله مع التقدم الهائل الذي نلاحظه في الإلكترونيات وبشكل متوالية هندسية.
تطور العالم ومنه الذكاء الاصطناعي يضعنا اليوم أمام حقيقة وجوب أن نصلح الجهاز أو المنظومة المعرفية التي عندنا وان يعمل العقلاء على استقراء الواقع واستخدام المتاح من تقنيات في الاستنباط ودراسة البدائل المدنية المستنبطة من الفكر الحضاري ليقود العصر ويكون بمعايير واضحة يستوعبهاالذكاء الاصطناعي ليقدمها كحلول للعالم ليعم السلام والتفاهم بين الأمم.
إن عملا كبيرا مطلوبا من جانبنا للمساهمة في الجهد البشري هذا وهو امر يحتاج إلى أرقام كبيرة من الدعم المالي للجهد والبحث العلمي سواء في مركز دراسات المراجعة الفكرية وإعادة تفعيل الفكر الإسلامي الذي قفلنا الدرب أمام أي تجديد أو توسع فيه لتكون النتيجة كما نرى وهي ارتباط بالفقه القديم وبالتالي ظروف تلك العصور  والتي تنقل لواقعنا بأسوأ أوضاعها واكثر تشويها وتخلفا، ومثل هذا الطائفية التي تمزق الأمة، وطغيان التغلب الذي يهمش الشعوب والأمة عن حقها في اختيار حكامها ومحاسبتهم، وفهم معنى البناء بدل أن يتمكن الطغيان من خلق قوة طاردة للطاقات فيسود الظلام في الأرض وتتعب النخب في غربتها.

موضوع الذكاء الاصطناعي لا يكفيه مقال وحتى ما كتبنا يحتاج إلى تفاصيل لتوضيحه لكن الغاية من الكتابة إبراز وتسليط الضوء استباقا على موضوع إنأهمل فحتما سيكون في مسار صعب إلى الخطر، وإن أحسنّا التعامل معه فهو خير وفير للإعمار والسلالة الآدمية.