بعيدا عن الأضواء وبصورة مبكرة، ذهبت معظم المسميات السياسية بإتجاه قواعدها وجماهيرها, لغرض مسك الصوت الإنتخابي ومضاعفته.
بطبيعة الحال توجد بعض العوامل, التي تتحكم بنسب المشاركة وتهيمن على قرار المواطن, في التفاعل الإيجابي من عدمه، منها ما يتعلق بمزاج المواطن نفسه, ومدى رضاه عن مجمل العملية السياسية ومخرجاتها, خصوصاً ما يتعلق بالشأن الخدمي والمعيشي.
هذا الامر يتعلق بالسواد الاعظم من الناس, الذين يتعاملون مع الشأن السياسي, تبعا لنوعية الاداء ومصداقيته, ولا علاقة له بجمهور الاحزاب وقواعدها الجماهيرية، كونها ملتزمة لدرجة ما بعقد بطريقة ما مع جهاتها السياسية, بحسب البعد المذهبي او المناطقي او القومي, او الفكري العابر لتلك المحددات.
كثيرة هي العوامل التي تتحكم بنسبة المشاركة بالفعاليات الإنتخابية, ولعلها في العراق مختلفة عن سواه، حيث توقع كثير من المراقبين تزايد الإقبال عليها تدريجياً منذ سقوط النظام والى آخر ممارسة، حيث التأثير السلبي للإخفاقات الحكومية السابقة في كثير من الملفات, على تفاعل المواطن مع الإستحقاق الإنتخابي, ناهيك عن الثقافة الإنتخابية التي تعتبر عرفا جديدا على مزاج الاجيال, التي أنهكها نظام البعث.. تقابلها نزعة التمرد التي تبنتها الاجيال اللاحقة, ومواقفها من الواقع السياسي برمته, والتي تكللت بتبني دعوات المقاطعة, التي اثرت بشكل او بآخر بنسبة المشاركة.
ربما يمثل ثبات القاعدة الجماهيرية الموالية للاحزاب المتصدية, عامل إطمئنان على إستمرارها بصدارة المشهد، وهو امر واقعي بنسبة ما، لكن العبرة بخواتيم الإمور, فلا قيمة إنتخابية لمئات الاصوات المنادية بحياة هذا الزعيم, او المؤيدة لذاك المشروع, ما لم يكن هذا الفرد المؤيد لتلك الجهة, متسلحا بسلاح المواجهة الإنتخابية, الا وهو البطاقة البايومترية التي تمثل رأس المال, بالنسبة لكسب الصوت الإنتخابي المحتسَب في يوم الإنتخابات، وهذا احد مصاديق الثقافة الإنتخابية التي تمت الإشارة اليها سابقاً.
بناء على ذلك فإن جميع الأحزاب والمسميات, مطالبة بتوعية الجمهور على إدراك تلك الحقيقة, المتعلقة بإمتلاك السلاح البايومتري, وإستثمار الخطوات الإيجابية التي تنتهجها مفوضية الإنتخابات, بتعاملها الشفاف مع المواطنين, بغية التحديث والتسجيل والنقل, لضمان سلامة الإدلاء بالصوت الإنتخابي, الذي يحدد وجود تلك المسميات من عدمه, ويتحكم برسم سياسات البلد المستقبلية, ويساهم في إستقراره ونيله الإحترام المستحق من باقي دول العالم, بما يناسب تاريخه وتضحيات أبناءه في مواجهة الصعاب, وآخرها منازلته الكبرى مع الإرهاب الداعشي, عقب صدور الفتوى المباركة للمرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف.
هل تدرك النخب السياسية إن بطاقةً في جيب الناخب, أفضل عمليا من عشرات الهتافات في الشارع, لموالين تهاونوا في مراجعة مكتب التسجيل الإنتخابي في مناطقهم!