17 نوفمبر، 2024 5:39 م
Search
Close this search box.

الدين والممكنات العقلية

الدين والممكنات العقلية

والآن وقبل البحث في وجوب أو عدم وجوب التبليغ عن الله، ونعني التبليغ كمبدأ أو مفهوم مجرد، وليس النبوة كتطبيق للمبدأ أو كمصداق للمفهوم في الواقع، ذلك من الناحية العقلية الصرفة، نريد مع فرض ثبوت التبليغ، أن نرى، مدى إمكان أو وجوب أو امتناع أن تكون النبوة هي طريق التبليغ الإلهي للإنسان.
من الممكنات العقلية

هناك مجموعة مقولات دينية غيبية، يمكن عدها من الممكنات العقلية، فلا هي من الواجبات العقلية، ولا هي من الممتنعات العقلية، يتوقف الإيمان بها على ثبوت صدق مصدرها، إنجيلا كان أو توراة أو قرآنا، أو حديثا نبويا أو رواية إمامية، فما لم يثبت صدق ولا كذب تلك المصادر أو أي منها، لا يستطيع العقل إلا أن يتخذ موقف الحياد وعدم الحسم منها. من هذه الغيبيات التي هي ممكنات عقلية متساوية الصدق والكذب بحكم العقل الفلسفي المحض، هي الملائكة، الجن، الشيطان، النبوة، الإمامة المنصوبة إلهيا، العصمة، الشفاعة، ختم النبوة، صلب المسيح، رفع المسيح إلى السماء، ولادة مريم العذراء لعيسى من غير أب، غيبة المهدي وإطالة عمره، معجزات الأنبياء عموما، طريقة الثواب والعقاب ومكانهما، لا أصل تحققهما، الرجعة، حساب القبر، البرزخ، عالم الذرّ. فكل هذا مما لا يملك العقل مستقلا أن يثبت صدقه ولا كذبه، ولا يدعي وجوبه ولا امتناعه، بل يبقيه في دائرة الممكن، وأعني ابتداءً هنا الإمكان الفلسفي حصرا، بقطع النظر عن تحقق أو عدم تحقق الإمكان العلمي. إن ثبت صدق كتاب مقدس ما يقينا، وكان مما يقول بوجودها، يكون الإيمان بها أو بما يورده ذلك الكتاب منها إيمانا يقينيا. أما إذا ثبت عدم صدق الكتب القائلة بها، تبقى في إطار الممكن، ولا يكون من الواجب على عقلاء الناس البحث عن تحققها أو عدمه، بل يكون من الراجح لهم ألاّ يُشغلوا أنفسهم بذلك، لأن العلم بهذه الأمور علم لا ينفع من علمه، ولا يضر من جهله، خاصة وإن مصدر ادعاء وجودها يصبح غير موثوق به، إذا ثبت عدم صدق صدور الأديان عن الله.

أحدث المقالات