12 أبريل، 2024 3:48 م
Search
Close this search box.

الدين والأخلاق والقانون

Facebook
Twitter
LinkedIn

اذا ما أريد لأي مجتمع ان يمخر عباب التطور ويرتقي الى سلالم المدنية عليه ان يتعاقد مع ثالوث بناء الحضارة (الدين , الاخلاق , القانون ) وحسبي ان لا اكون مخطئاً اذ استدرك ما هيه واهمية التؤامة الثلاثية بين هذه الاضداد التي توجد حيثما يوجد الانسان.
واذا اردنا ان نفرد كل جانب من هذه الجوانب ونركز عليه بعناية واستنتاج اهمية انضاج يؤسس عليها لبناء قواعد اجتماعية رصينة وقبل الخوض والاجابة على سؤال اين نحن من هذه الاركان لنقف على ما يجري في مجتمعنا بشكل موجز وبالذات على طبيعة جياتنا اليومية.
تاريخياً يمتلك المجتمع العراقي مقومات وجوده ونهوضه  فالقرن العشرين اذ كان المجتمع يزخر بالقيم والمثل الاجتماعية كالوفاء والشجاعة والاخلاص والتفاني والوطنية والدين والاخلاق علاوة على وجود القانون الذي يحمي اي مجتمع ولكنني ومن خلال ما حدث بعد 2003 ارى ان المجتمع قد تبدل حاله على الرغم من انعتاقه من النظام الفردي والشمولي الا ان المجتمع قد تحول لحالة الضياع والفقدان من خلال هذا السرد المنظور.
لقد نشط التوجه بعد الاحتلال نحو الدين بشكل لم يسبق له مثيل في حياة الشعب العراقي على ضوء الحريات التي منحت له , ولقد كان هذا الانتشار لا يماثله اي انتشار في عموم المنطقة بسبب وجود العتبات المقدسة والاضرحة للاولياء الصالحين وبناءا الاف الحسينيات والجوامع والاحتفاء بالمناسبات الدينية لولادات ووفيات الائمة ومناسبة شهر رمضان ومحرم اذا يفترض ان تشكل هذه المناسبات وازعاً وكابحاً في نفس الوقت لاي  تصرف سلبي وازاء ذلك نقول هل حقاً كانت هذه المسببات قد استحدثت ما يريده المجتمع وهل ساعدت على نمو الاخلاق ثم المساعدة في تطبيق القانون , الجواب بالتأكيد ينافي حقيقة الاهمية فالفرد العراقي من اعلى هرمه الى ادناه قد اختار له طرق ملتويه (مع وجود الأخيار والشرفاء) دكت اطنابها في الواقع العراقي فاهي الجامعات العراقية اكر صرح تنتشر فيها معالم التخلف الفكري والمهني والمحسوبيات والفساد الاداري والمالي والمحاصصة المقيتة وهذا ينطبق على دوائرنا نزولاً ولكم ان تتصورا الاشياء كما هي في الشارع ( مع ان نسبة عالية جداً تمارس الطقوس الدينية ) وترتدي الخواتم وتسبح بالمسابح وتؤدي الفرائض وتدافع عن درجات ايمانها وهي مع ذلك تمتهن الحقوق الاجتماعية والواجبات الملقاة على عاتقها.
فالعامل البسيط عندما يبقى فترة لا يعمل وتأتي لتخبره هناك عمل تعال واعمل تراه يشد عزيمته يوم او يومين وما ان يبدأ حتى تراه يتمايل في اوقات عمله بحجج واهيه ويبدأ بالتملص من التزامه والعجب انه لا يلتزم بأوقات دوامه ولكن تراه يمارس الصلاة في وقتها وحتى انه يطيل بها ولكنه لا يقبل ان يستمر بعمله اذا اقتضت الحاجة بقاءه ربع ساعة.
بائع الخضار عندما يبيعك تراه تمتد يداه الى السلة النظيفة اول وهلة متفنناً في لم البضاعة واذا ما وصلت الى البيت عاتبتك زوجتك عل فساد ما موجود منها , القصاب عندما يبيعك اللحم يعطيك ظهره حتى يدفن بين طيات البضاعة ماهو فاسد وغير ملائم للاكل.
فيتر وحداد السيارات يُشربت عمله بسرعة فائقة من اجل قبض اجره , المنتسول في الشارع يتقمص شخصية متمارضة اما بشد وثاق على رجله او يده او يعصب راسه.
المحامي يرغب موكله بعلميته وتمكنه من حسم دعواه , المهندس لم يعد مهندساً بدليل واقعنا اليومي من سوء اداء في كافة مشاريع الدولة , تعامل الشرطي في الشارع لا ينم عن حسن اداء وامانة اخلاقية في دعم وتنظيم الحياة اليومية , الطبيب هذا الانسان صاحب المهنة المقدسة تغيرت معالم حياته بشكل واضح من خلال اتفاقه مع الصيادلة والمختبرات واصحاب الاشعة ووصل الامر مع الدلالين وتركه العمل والسفر لاداء الواجبات الدينية في حين ان مرضاه ينتظرون قدومه بفارغ الصبر ( لاحظت مجموعة من المرضى وعُدوا بأجراء العملية ولكن غاب الطبيب لانه ذهب ( للزيارة ) وهذه لعمري الكارثة الانسانية.
المدرس لم يعد ذاك الأستاذ الذي يأتي صباحاً قبل الدوام ليعطي حصة اضافية واحياناً بعد انتهاء الدوام الرسمي لانه يريد مسابقة الزمن وذلك من خلال ممارسة التدريب الخصوصي وبمبالغ خيالية.
والأكثر من ذلك رجالات الدولة حيث البرلمانيين في أجازات مستمرة والايفادات تطال العديد من المسؤولين مع رواتب خيالية جداً بعد ثلاث دورات انتخابية تبتلع خزينة الدولة.
وعلى ضوء ما عرض نقول من يقوي من .. هل الدين يصنع الاخلاق ام ان الاخلاق تصنع الدين وتدعو الى تطبيقه وكم تمنيت لو ان الدين قد طبق بالشكل المراد له تحقيقه ولكنه موجود دون تطبيق موجود في الجوامع والحسينيات والدواوين والمناسبات الدينية لكنه غير موجود في قلوب الغالبية واذا كان العكس فليدلني انسان لماذا هذا التخلف وهذا الفساد.
وبالتقاء الدين والاخلاق يفترض وجود منظومة جمعية تساعد على بناء الوطن وتشذبه من رواسبه ولكن هذا لن يحدث بدون ان يصار الى تطبيق القانون بكل مفاصله وبقوة وهذا ما فعلته دول العالم اذ جعلت القانون فوق كل الاعتبارات مهما كانت نقاوتها او ادعياءها فالقانون هو الكابح لجماح اي تصور وبه تتحقق العدالة ويتحقق النهوض والتكامل!.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب