في صباح يوم رمضاني جديد ادرك (احمد) انه اكمل 15 سنة هجرية قمرية واصبح (مكلف شرعياً) بمعرفة الحلال والالتزام به ومعرفة الحرام واجتنابه وانه اصبح واجباً عليه ان يميز الواجب من المستحب والمباح والمكروه والمحرم وان يلتزم بالصلاة والصيام والحج والزكاة وغيرها من احكام الشرع المقدس وان يبتعد عن الخمر والزنا والسرقة والكذب والفاحشة وسوء الخلق وغيرها من مناهي الشريعة الاسلامية ولكن من اين يبدأ؟ فالدين بدأ قبل 1434 سنة هجرية وقد تطورت مفاهيمه وفهمه لدى من يمثلونه من رجال الدين المتخصصين الذين قضوا جل اعمارهم يدرسون ما جاءنا من كتاب الله تعالى وتفاسيره المختلفة واحاديث الرسول الكريم محمد (ص) والتي نقلت عن اصحابه واهل بيته رضوان الله تعالى عليهم ويميزون الصحيح من الضعيف والخاص لحادثة معينة من العام لكل حالة مشابهة والمحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ من احكام الله تعالى والتي توالى نزولها على قلب الرسول الكريم محمد (ص) لمدة 23 سنة من عمره الشريف حتى نزل قوله تعالى (اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام ديناً) وهنا جلس احمد مع ابيه لساعة من الزمن محاولاً ان يعرف الطريق الى معرفة ما يرضي الله تعالى فيفعله وما يغضبه عز وجل فيتركه امتثالاً لقوله تعالى (وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون) فبدأ الوالد حديثه مستشهداً ببعض آيات القرآن الكريم واحاديث الرسول واهل بيته الطيبين الطاهرين ويوضح لولده السبيل الا ان الامر اشتبه على (احمد) وتراكمت في ذهنه الاحكام والآيات والروايات بطريقة جعلته يدرك صعوبة الامر وعدم اقتصاره على ساعة من الزمن بل انه سيكون امراً طويلاً شاقاً يحتاج من عمره وقتاً معيناً يطول او يقصر حسب فهمه واستيعابه ومدى قدرته على تجسيد الحكم الشرعي في واقع حياته وسلوكه اليومي.
اخذ (احمد) يفكر في كيفية تقسيم وقته بين دراسته في المرحلة المتوسطة حيث كان طالباً في الصف الثالث المتوسط وبين تعلمه للأحكام الشرعية فلا يجب ان يترك المرء دينه لدنياه ولا العكس فالأمام علي بن ابي طالب (ع) يقول (اعمل لدنياك كأنك تعيش ابدأ واعمل لأخرتك كأنك تموت غداً) وقبل ان يبدأ التعلم راوده سؤال مهم جداً: وهو من اين ينهل؟ ومن اين يتعلم؟ ومن يتبع في فهمه وعلمه وعمله؟ فهناك الكثير ممن يمثلون الدين من مراجع دين وشيوخ وسادة معممين من خطباء المنابر ومؤلفين لكتب ثقافة دينية وتاريخ الدين وتطبيق الدين على الاقتصاد والاجتماع والحضارة المعاصرة واحزاب دينية وغيرها الكثير!
من يمثل الدين؟
دار هذا السؤال فترة طويلة في ذهن (احمد) وحين سأل والده عن ذلك تبسم الاب واجابه بهدوء: ولدي الغالي جاء في الحديث ان الطرق الى الله بعدد انفاس الخلائق وان الله تعالى لا يجبر عبده على ان يتبع طريق واحد فقط للوصول الى رضاه تعالى وان كل من يتبع طريق عبادة معين مستنداً الى مرجع معين يكون مبرأ الذمة ان طبق ما يقول مرجعه قربة الى الله تعالى وبإخلاص ورجاء القبول من الله تعالى ولا يخفى ان مراجعنا حفظهم الله تعالى يجهدون في سبيل تحصيل الحكم الشرعي من القرآن الكريم وروايات الرسول الكريم وال بيته الطيبين الطاهرين وصحبه المخلصين المنتجبين وانهم رضوان الله تعالى عليهم يفعلون ما يستطيعون في سبيل ايصال الحكم الشرعي الى من يطلبه ويحتاجه.
الغاية من الدين
بعد ان بدأ (احمد) يتعلم احكام الدين ويطبقها في حياته العملية بدأ يلاحظ اختلافاً كبيراً في طريقة سلوكه وتعامله مع الاخرين بل وحتى مع الطبيعة والبيئة الى الافضل طبعاً ولكن بدأت في داخله تساؤلات عن الغاية من الدين؟ وما الغاية من تحليل الحلال وتحريم الحرام وهل انها مجرد اوامر لأثبات قوة الاله وقدرته وسلطته وتحكمه في خلقه ام ان في كل امر فائدة مادية ومعنوية وفي كل نهي ابعاد عن مشقة حاضرة او مستقبلية ام ماذا؟؟؟
وبمرور الوقت ومع حيائه وخوفه من السؤال حول ما يساوره افضى بما يعاني منه الى احد اصدقائه والذي يدعى (محمد) والذي اسرع الى مكتبته الخاصة واخرج منها كتاب (الله يتجلى في عصر العلم) واهداه الى (احمد) وطلب منه ان يقرأه بتمعن ويعيده بعد ان يكمله.
وفعلاً اخذ (احمد) يقرأ الكتاب بلهفة وشغف حتى اتمه في يومين واخذ يشعر بالارتياح بعض الشيء لما عرف وقرأ و حين اعاد الكتاب الى صديقه (محمد) وبعد ان شكره على المبادرة الجميلة طلب اليه المزيد من المصادر حول الحقائق العلمية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية في القرآنواحاديث الرسول الكريم وتراث الاسلام بصورة عامة فدله (محمد) على مجموعة من مواقع النت والمجلات العلمية وكتب الثقافة الاسلامية التي قلبت قناعات (احمد) رأساً على عقب……………………..
الله اكبر …لقد عرفت ربي حين قرأت وسمعت ما سبق!! (قال احمد)
الله اكبر…لقد شهدت الشهادتين من جديد بعد ان عرفت الاتي:
1- ان كل حلال وواجب اوجبه الله تعالى نافع للإنسان مادياً ومعنوياً وجسدياً واجتماعياً وثقافياً ونفسياً وباختصار دنيوياً(ولكل العصور) واخروياً وبتركها يخسر الكثير ويتضرر مادياً ومعنوياً وعلى كل الاصعدة ان عاجلاً او اجلاً.
2- ان كل مستحب في دين الله هي اعمال ينفع الانسان عملها دنيوياً واخروياً ولا يضره تركها.
3- ان كل مباح في دين الله هي اعمال يقوم بها الانسان باعتدال وتحت شعار (ما زاد عن حده انقلب ضده) كالطعام والشراب والنوم والجنس وغيرها.
4- ان كل مكروه في دين الله هي اعمال (يمكن) ان يضر الانسان عملها دنيوياً ولكنها لا تضيف الى ذنوبه شيئاً غير انها تبطيء مسيرة الانسان الى الله تعالى.
5- ان كل محرم في شريعة الاسلام (لكونها انقى الشرائع من التحريف وغيرها) كل ما حرم الله هي اعمال تضر الانسان دنيوياً وعلى كل الصعد (مادياً ومعنوياً وجسدياً واجتماعياً وخلقياً) عاجلاً واجلاً واخيراً اخروياً.
قد ثبت له معظم ما سبق (علمياً) ومن خلال اطلاع بسيط على بعض مكتشفات القرن 20 و 21وبعد كل ذلك اصبح (احمد) متأكداً ان البقية اما ثابتة (وقد غاب عنه اثباتها) او انها ستثبت يوماً ان كل ما امر الله تعالى به نافع لنا وكل ما نهى عنه تعالى ضار لنا فخالق الخلق اعرف بما يصلحه وينفعه ويفيدهوالحمد لله على نعمة الاسلام والايمان ادامها الله علينا ما حيينا.