7 أبريل، 2024 2:07 م
Search
Close this search box.

الدين شريعة رحمة وليس سلاحا للحرب

Facebook
Twitter
LinkedIn

من الخطأ ان نتهم الاديان بانها السبب في خراب الحياة
كثيرا ما نقرأ منشورات او مقالات او نسمع كلاما يكيل الاتهامات للاسلام خصوصا وللاديان عموما ويعدها بانها السبب الرئيسي في انتشار الحروب والدماء والتخلف والهمجية …. فهل حقا هذه حال الاديان ؟!
نعم علينا ان نعترف بان الاديان كانت – ظاهرا-  سببا واداة بشكل ما لحروب طاحنة ونزاعات مأساوية على مدى التاريخ الانساني وان الدماء التي اريقت في مناطق عدة وفي مراحل متعاقبة من التاريخ كانت بمظاهر دينية فالكثير من الحروب التي جرت بين الطوائف والممالك الاوروبية كانت بين اتباع الكنائس المسيحية المختلفة المتصارعة على الزعامة والمصالح الاخرى والصراعات الدموية الاسلامية التي جرت بعد وفاة النبي محمد (ص) بين الخلفاء ومعارضيهم اتخذت تبريرات دينية على الرغم من وضوح الاهداف والمصالح المتعلقة بالسلطة وقد تكون بعض الـ (فتوحات الاسلامية) تحمل ذات الاهداف مع ان طبعها ديني وغايتها المعلنة والمسيرة لاجلها الجيوش هي نشر الاسلام . وكذلك الحروب الصليبية التي شغلت مساحة مهمة من تاريخ البشرية كانت ذات طابع ديني رايته دفاع كل من المسيحيين والمسلمين عن دينهم واوطانهم وان الدماء التي تسيل يوميا في مختلف دول العالم العالم في الزمن الحاضر اكثرها بدوافع دينية حيث تنفذ مجاميع مسلحة عقائديا بالاسلام المتشدد عمليات انتحارية وتفجيرات تمتد من شرق اسيا الى امريكا عبر اوروبا وافريقيا . وما يجري في المنطقة العربية على وجه الخصوص وبالذات في العراق وسوريا ولبنان وليبيا ومصر هو اوضح واكبر واخطر الصراعات الدينية فهو نزاع طائفي مذهبي يتخذ من الانتماء الديني الى مذهب معين يعتقد بضرورة الغاء الاخر ذريعة اسلامية لسفك الدماء واغتصاب النساء والتشريد والتهجير والسلب والنهب .
ولكن لو تعمقنا وغصنا في الاسباب الحقيقية لذلك لوجدنا ان الاسلام من جهة كونه اخلاق تحكم سلوك الافراد والجماعات ومباديء تنظم العلاقات بين الناس او من جهة كونه منظومة فكرية لم يكن هو سبب المآسي التي حصلت بل انه بروحه رافض لكل هذه الماسي (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ / الأنبياء – الآية 107) ولكن الذي يشوه صورته ويجعل الكثيرين يرمون سهامهم نحوه هو سلوك اتباع ومعتنقي الديانات بحجة تنفيذهم اوامر وتوصيات دينهم وماهي كذلك ابدا بل ان هنالك قوى مؤثرة عليا مسيرة لهؤلاء قد يكون اسمها خليفة او قس او حاخام او مفتي او ما شابه او حتى حاكم سياسي يتخذ من الاسلام شعارا لحكمه او دولته او حتى تنظيمات او حكومات اخرى لاعلاقة لها بالدين ولكنه تسير هؤلاء لتنفيذ سياساتها العالمية اذ تنظر هذه القوى لمصالها وتوجه الناس لفهم الدين على طريقتها الخاصة كما تهوى والتي تجعله يخدمها لتحقيق مآربها فتسير عامة الناس لهذا الاتجاه وتجعلهم يعتقدون بصحة ما يفعلون وانهم بذلك يتقربون الله . وما ذكرناه من نشوب الكثير من الحروب باسباب او بمظاهر دينية وقتل الالوف من الناس خلالها وبالتفجيرات والاعمال الارهابية المنتشرة في بلداننا وتصدي الالوف لاعمال بعيدة عن الانسانية وتنفيذها بقناعة تامة وبدوافع دينية يقودنا الى تساؤل مهم وخطير ويتطلب التوقف عنده تاريخيا وهو هل ان الدين عموما والاسلام خصوصا قابل بذاته ان يستخدم من قبل المنحرفين وان تمرر التخاريف التي تنسب له بسهولة على الناس واذا كان الامر كذلك فهل هو خلل فيه بذاته الاصلية او هو خلل تحقق بسبب ما لحقه والصق به خلال توالي القرون بعد الابتعاد عن مصدر التشريع زمكانيا ؟!
وعلينا ان نعيد دراسة التاريخ مستخدمين منهجا لايضع حجابا ولا غلافا على عقولنا نسعى من خلاله ان نصل الى نتائج ترسخ فهمنا السليم للاحداث وتزيح الرواسب المتراكمة ولابأس اذا ما غيرنا بعضا مما كنا نعتقد انه من الثوابت مادام هدفنا هو الحقيقة  فالتاريخ بحاجة الى اعادة نظر لتنقيته مما علق به قصد للاساءة او تحت أي ذريعة اخرى برؤى سليمة تفصل بين روح الدين ومصالح الحكام والمنتفعين وعلينا ان لانخجل اذا ما وصلنا الى نتائج تخالف ما توارثناه اعمى عن اعمى واذا اردت ان اسمي الاشياء فلنعد النظر في (الفتوحات الاسلامية ) ونبحث في اسبابها ودوافعها ونتائجها وما رافقها من ممارسات سجلها التاريخ وعلينا ان لانشعر بالنقص او المرض اذا ما قارناها بالحروب الصليبية من اجل معرفة الصحيح من الخطأ من التصرفات والممارسات التاريخية لاجل استجلاء الحقيقة وفهم التاريخ بشكل صحيح عسى ان ننقذ الدين من لطخات ساهم رجال الدين في نشرها على صورته .
وحقيقة الامر كما ارى ان الاسلام بريء من التهم الملصقة به وان السبب الحقيقي هو استخدام الدين من قبل سلطات قمعية تسخر رجال دين مستعدين ان يحرفوا الدين من اجل خدمة السلطات الحاكمة وجماعات مسلحة تنفذ الاجندات بمظاهر الدين تسعى تلك السلطات من خلال رجال الدين والتنظيمات المسلحة لتحقيق امجادها وملذاتها ومخططات ساداتها فيحصل ان يتزاوج المد السياسي السلطوي الافتائي لهؤلاء السياسيين ورجال الدين فيفسدوا الدين ويشوهوا صورته مما يحول الحياة الى جحيم ارضي ولكن الكثيرين من الكتاب يتركون السياسين ورجال الدين يحرفون الدين و يوجهون سهامهم الى الدين المسكين الواقع بين فكي رجاله واعدائه.
 
وفي المقابل ومن اجل توضيح الحقائق نجد ان الصراع بين الحضارات القديمة الفارسية والرومانية منها والعراقية والمصرية كذلك وغيرها ليس له علاقة بالدين والاسكندر المقدوني تجول في العالم القديم محتلا لاسباب لاعلاقة لها بالدين والقبائل العربية قبل الاسلام كانت تتنازع بسبب مقتل حيوان مثلا وليس بسبب الدين وتيمورلنك وجنكيزخان احتلا الشرق الاوسط ونصف اسيا ليس بسبب الدين والاستعمار الهولندي والبرتغالي والاسباني والايطالي والبريطاني والفرنسي لم يكن بسبب الدين وتجارة الرق التي قام بها الانسان الابيض ضد الانسان الافريقي ليست بسبب الدين والحرب العالمية الاولى والثانية وحروب الكوريتين وحروب امريكا مع مختلف دول العالم كلها لاعلاقة لها بالدين مع انها سببت مآسي من دمار وقتل وتشريد وتخلف اكثر مما سببته الحروب ذات الطابع الديني .
وبالضد من كل هذا فاننا في العراق قبل دخول الاجندات الخارجية كنا نعيش جميعا مسلمين ومسيحيين وصابئة وايزدية ويهود وسنة وشيعة وكرد وعرب وتركمان واشوريون وكلدان وسريان وشبك وغير ذلك من دون حروب بل بتآلف واخوة ومحبة.
اذن يمكن ان تكون هنالك منطقة جامعة لمن اختلفوا بالدين مع انهم متمسكين بدينهم لان الدين شريعة رحمة وليس سلاح حروب

https://www.facebook.com/abdulsattar.alkaabi

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب