23 ديسمبر، 2024 5:24 ص

الدين بين  تجاذبات  العلم  و الأيمان

الدين بين  تجاذبات  العلم  و الأيمان

المقدمة :
الجدل و النقاش و الحوار جار هذه الأيام على قدم ساق بين علماء وشيوخ الأسلام .. من جهة / الذين يؤكدون على أن الدين علم ، وبين مجددي النص الديني من باحثين ومفكرين .. / الذين يجزمون بأنه ليس علم .. بل نستطيع أن نقول أنه حوار بين فكر الأقدمين وبين فكر المحدثين لقراءة النص الديني ، وتشغل الميديا الكثير من اللقاءات (*) ، أضافة للكثير من المقالات و الكتابات المؤيدة و المضادة بهذا الصدد ، وقد أطلعت على بعض منها ، والشي الوحيد الذي توصلت أليه ، بأن العلماء و الشيوخ لا يمكن أن يغيروا من رأيهم لأنهم أصحاب النظرة الماضوية ، وبنفس الوقت لا يمكن للمجددين أن يقتنعوا بتفسيرات الأقدمين ، لأنهم أصحاب نظرة حداثوية ، أنه حراك ديني منطقي ، أراه حالة صحية بالرغم من عدم تغيير القناعات بالنسبة للأطراف المتحاورة . و أردت في هذا المقام أن ابين قراءتي المتواضعة ، من خلال قراءة حداثوية لمفهوم الدين الأسلامي أهو معتقد و أيمان أم علم ونظريات .

 البداية  :                                                                                                                                          

   بدءا ، ولأجل الخوض في هذا الحراك ، وددت أن أبين بعض التعاريف الخاصة و المختلفة للدين ، كمصطلح ،  فتعريفه أكاديميا و مفهوم الدين أسلاميا ، ثم أبين العلم كتعاريف .. وأختم بأضاءة خاصة  .                           

                      الدين .. تعاريف :                                                                                                           

           الدين كمصطلح  ، ( هو يطلق على مجموعة من الأفكار والعقائد التي توضح بحسب معتنقيها الغاية من الحياة الكون ، كما يعرّف عادة بأنه الاعتقاد المرتبط بما وراء الطبيعة الإلهيات ، كما يرتبط بالأخلاق ، الممارسات والمؤسسات المرتبطة بذلك الاعتقاد . وبالمفهوم الواسع ، عرّفه البعض على أنه المجموع العام للإجابات التي تفسر علاقة البشر بالكون ) .      أما الدين أكاديميا ، فعلماء الاجتماع والأنثروبولوجيا ينظرون أليه ( على أنه مجموعة من الأفكار المجردة ، والقيم أو التجارب القادمة من رحم الثقافة . على سبيل المثال ، وبطبيعة المبدأ ، جوهر الدين لا يشير إلى الاعتقاد في “الله” أو متعال مطلق : جوهره يعرف بأنه ” بنية أو ثقافة مباشرة و/ أو بنية لغوية للحياة بشكل كامل ، والاعتقاد بأنه ، مثل لغة ، يسمح بوصف الواقع ، وصياغة واختبار المعتقدات والمشاعر والأحاسيس الحميمة وبموجب هذا التعريف ، الدين هو رؤية لا غنى عنها في العالم تحكم الأفكار الشخصية والأعمال ) . / نقل بتصرف من الويكيبيديا و الموسوعة الحرة .                                                                                                                        أما الأسلام كدين فهو: الاستسلام لله ، والانقياد له سبحانه بتوحيده ، والإخلاص له والتمسك بطاعته وطاعة  رسوله لأنه المبلغ عن ربه ، ولهذا سمي إسلاماً : لأن المسلم يسلم أمره لله ، ويوحده سبحانه ، ويعبده وحده دون ما سواه ، وينقاد لأوامره ويدع نواهيه ، ويقف عند حدوده ، هكذا الإسلام ، وله أركان خمسة وهي :  شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت لمن استطاع .      / نقل بتصرف من موقع نحن العرب .                                              

العلم .. تعاريف :                                                                                                              

        ومن المفيد أن نعرف العلم ليكون لنا مصدرا / فيما بعد ، في الجدل و النقاش والمقارنة بين التعاريف الواردة للدين وبين العلم كتعريف ،( فالتعريف العام للعلم )  ” هو مجموعة و منظومة من المعارف المتجانسة و المتناسقة التي يعتمد في الحصول عليها على المنهج علمي دون غيره ، أو مجموعة المفاهيم المتكاملة والمترابطة التي نبحث عنها و نتوصل إليها بواسطة البحث العلمي ” … وهناك تعاريف أخرى منها :     ( تعريف لالاند ) ” العلم يطلق على مجموعة من المعارف والأبحاث التى توصلت إلى درجة كافية من الوحدة والضبط و الشمول بحيث تفضي إلى نتائج متناسقة فلا تتدخل في ذلك أذواق الدارسين و إنما ثمة موضوعية تؤيدها مناهج محددة للتحقق من صحتها  ” .                                                                                      أما ( تعريف جون ديو )  ”  العلم هو كل دراسة منظمة قائمة على منهج واضح مستندة إلى الموضعية يمكن أن نسميها علما . سواء أفضت بنا إلى قوانين أو أدت بنا إلى قواعد عامة تقريبية “. / نقلت بتصرف من موقع  أقرأ عربي .  

أضاءة  :                                                                                                                          

 مما سبق يتضح لنا أنه ليس من تطابق أو حتى تقارب أو تماثل أو تشابه بين ما يهدف أليه الدين وبين ما يرمي أليه العلم ، ومن بعض  هذه  التباعدات التالي وهي على سبيل المثال و ليس الحصر :  

حيث أن الدين أولا به صفة الخصوصية – المتعلقة للذين يدينون به  ، فمثلا ما يطبق على المسلمين في عدد الصلوات الخمس لا يطبق على المسيحيين او اليهود ..، أما العلم فبه صفة  العمومية فتجربة الأواني المستطرقة مثلا ، كائن من كان يجريها فأنها تفضي لنفس النتائج / وهي توزيع الماء بالتساوي في كل الأواني . ثانيا ، العلم هو جهد من النتائج و البحوث التي تؤدي الى نتائج متناسقة أي العلم يحتاج الى بحث ودراسة للوصول لنتائجه ، بينما الدين في متناولنا كاملا ، لا يحتاج الى أي جهد أو بحث ، حيث أن الوحي أنتهى بموت الرسول ، وجاءنا الدين جاهزا من قبل الرسول محمد ، حسب  قوله تعالى ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا ) المائدة  3 ، فالدين لا يستدعي أي عمل لأي باحث أو دارس لأنه يمارس من قبل معتنقيه الأن وسابقا . ثالثا ،  العلم نتيجة البحوث التي تجرى نتوصل بعدها الى قوانين ، اما الدين الأسلامي فمواضيعه جاهزة ، له خمس أركان وهي  ( النطق بالشهادتين ، الصلاة  ، أيتاء الزكاة ، الصوم والحج ) ، ليس في الدين الأسلامي من قوانين بل هناك أركان وأصول . رابعا ، وهذه الأركان لم نتوصل أليها عن طريق التمحيص و التدقيق ، لأن المسلمين يمارسوها منذ أكثر من 1400 عام  ، فليس  بها أي تطور أو تغيير ، ولكن أكثر القوانين العلمية ، بها تجارب جديدة وبحوث مستحدثة ونتيجة لهذه الجهود يحصل لبعض القوانين تغيير ، بينما أركان وأصول الأسلام تبقى ثابتة .

أيات ورد بها كلمة ” العلم ” :                                                                                  

      هناك الكثير من الايات ورد بها كلمة علم ، منها مايلي ، ولكن هذا لا يعني أن النص القرأني نصا علميا ! وسأتناول أيتين منها فقط بالشرح و التفسير و التعليق كنموذج  :

وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ ﴿٥٤ الحج﴾

وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ ﴿٤٢ النمل﴾

وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ ﴿٨٠ القصص﴾

وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ ﴿٥٦ الروم﴾

وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ ﴿٦ سبإ﴾

فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ ﴿٨٣ غافر﴾                                     

         فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا ( سورة الكهف 65 )

بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ﴿٤٩ العنكبوت﴾

وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ﴿١٤ الشورى﴾

فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ﴿١٧ الجاثية﴾

قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ ﴿٢٣ الأحقاف﴾

نقلت الأيات من / موقع المعاني .                                                                                                       

سورة الكهف 65 (  فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا ) .

 وتفسير هذه الأية .. ” قوله تعالى : فوجدا عبدا من عبادنا العبد هو الخضر – عليه السلام – في قول الجمهور ، وبمقتضى الأحاديث الثابتة . وخالف من لا يعتد بقوله ، فقال : ليس صاحب موسى بالخضر بل هو عالم آخر وحكى أيضا هذا القول القشيري ، قال : وقال قوم هو عبد صالح ، والصحيح أنه كان الخضر ; بذلك ورد الخبر عن النبي – صلى الله عليه وسلم – . وقال مجاهد : سمي الخضر لأنه كان إذا صلى اخضر ما حوله ، وروى الترمذي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله – صلي الله عليه وسلم – : إنما سمي الخضر لأنه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتز تحته خضراء هذا حديث صحيح غريب . الفروة هنا وجه الأرض ; قاله الخطابي وغيره .
والخضر نبي عند الجمهور . وقيل : هو عبد صالح غير نبي ، والآية تشهد بنبوته لأن بواطن أفعاله لا تكون إلا بوحي . وأيضا فإن الإنسان لا يتعلم ولا يتبع إلا من فوقه ، وليس يجوز أن يكون فوق النبي من ليس نبي وقيل : كان ملكا أمر الله موسى أن يأخذ عنه مما حمله من علم الباطن . والأول الصحيح ; والله أعلم  .
قوله تعالى : آتيناه رحمة من عندنا الرحمة في هذه الآية النبوة وقيل : النعمة .
وعلمناه من لدنا علما أي علم الغيب ، ابن عطية : كان علم الخضر علم معرفة بواطن قد أوحيت إليه ، لا تعطي ظواهر الأحكام أفعاله بحسبها ; وكان علم موسى علم الأحكام والفتيا بظاهر أقوال الناس وأفعالهم ” ./ نقل التفسير من موقع القرأن الكريم – تفسير القرطبي .

وهذا جزء من تفسير أبن كثير لنفس الأية / نقل من موقع القرأن الكريم (( .. حدثنا أبي بن كعب – رضي الله عنه – أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ” إن موسى قام خطيبا في البحر سربا ، وأمسك الله عن الحوت جرية الماء ، فصار عليه مثل الطاق . فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بني إسرائيل فسئل : أي الناس أعلم ؟ قال : أنا . فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه ، فأوحى الله إليه : إن لي عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك . فقال موسى : يا رب ، وكيف لي به ؟ قال : تأخذ معك حوتا ، تجعله بمكتل ، فحيثما فقدت الحوت فهو ثم . فأخذ حوتا ، فجعله بمكتل ثم انطلق وانطلق معه بفتاه يوشع بن نون عليهما السلام ، حتى إذا أتيا الصخرة وضعا رءوسهما فناما ، واضطرب الحوت في المكتل ، فخرج منه ، فسقط في البحر واتخذ سبيله في بالحوت ، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما ، حتى إذا كان من الغد قال موسى لفتاه : ( آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا  هذا نصبا ) ولم يجد موسى النصب حتى جاوزا المكان الذي أمره الله به . قال له فتاه : ( أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا ) قال : ” فكان للحوت سربا ولموسى وفتاه عجبا ، فقال : ( ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا .. )) .

أضاءة  :                                                                                                         

            الأية / وفق تفسير القرطبي ، غير بينة ، أولا لا يوجد أجماع على ، من هو صاحب موسى أهو الخضر أم هو ملكا من الله تعالى ، أما موضوع أخضرار الأرض التي من حول الخضر ، فهي منافية للعلم ، ثم الشك هل الخضر نبي أم أنسان صالح ، هذا موضوع أخر وهو الشك بنبوة الخضر ، ثم ختام التفسير بأن الخضر على معرفة بالغيبيات .    الأية ليس بها ما يدل على أي علم من العلوم ، بما مفهوم به الأن من تجارب و بحوث و تطبيقات ومنطق ، فورود كلمة العلم لا يعني لنا بشي من هذا القبيل ، وهنا أرى ان العلم جاء مرادفا للغيبيات .  أما تفسير أبن كثير ، و خاصة فيما يتعلق بالحوت ، فهو أصلا مخالف للعلم ولقواعده ، وليس لي تعليق لأن التفسير يبتعد عن حيثيات العلم جملة وتفصيلا ..

” بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ” ﴿٤٩ العنكبوت﴾ .  

                                              هذه الآية معناها أن الله سبحانه وتعالى جعل الإيمان نوراً ولم يجعله قناعة عقلية ولا ثقافة ولا ميراثا : ]وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا } [ الشورى:52 { ، فجعله آياتٍ بيناتٍ ، يقذفها في قلوب عباده ، فمن شاء الله به الخير قذف في قلبه نوراً من نور الإيمان يؤمن به ، سواء كان مستواه العقلي ضعيفاً أو كان قوياً ، وسواء كان مستواه الثقافي ضعيفاً أو قويا ، فلا عبرة بذلك . إذا أراد الله بالإنسان الإيمان آمن ولو كان ذلك في طرفة عين كما حصل لسحرة فرعون ، فإنهم عندما شاهدوا الآيات البينات وشاهدوا النور والحق خروا سجداً لله وقالوا :  ” آمنا برب هارون وموسى ” .. وقوله:  ” بل هو آيات بينات ” أي واضحات ، والآيات : جمع آية وهي العلامة ، فالآية العلامة ، والمقصود بها هنا علامة للقلب يطمئن إليها ، وهذه العلامة هي النور الذي يبعث الله فيه ..  نقل التفسير بتصرف من / موقع طريق الأسلام .

أضاءة  :                                                                                                              

      من التفسير الوارد أنفا ، نتوصل الى أن الأية تتحدث عن الأيمان ، وأيضا من السياق أنه ليس من عقلانية فيه لأنه نور في الصدور ، والتفسير أيضا يبتعد عن القناعات العلمية ، ويركز التفسير على الدور الألهي في هدي عباده ، وما صنع الله من بينات جعل من سحرة فرعون خروا ساجدين ، الأية ضد العلم ، لأنها تعتمد على القدرة الربانية في الهداية وتمحوا أي دور الفرد .                                                                                

   أن ورود كلمة العلم  في كل الأيات السابقة وغيرها أتى بمعنى بعيدا عن العلم ، لأن العلم كم أستدلنا من تعاريفه ، ليس هناك من قواسم مشتركة تجمعه مع ما ترمي أليه هذه الأيات … (( أما حديث الرسول – صلي الله عليه وسلم – عن العلم ، جعل حديثه أمراً عاماً وشاملاً ، فقال – صلي الله عليه وسلم – ” مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا ، سَهَّلَ اللهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ ، وَإِنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ يَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ، حَتَّى الْحِيتَانِ فِي الْمَاءِ ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ ، كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ ، إِنَّ الْعُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ ، إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا ، إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ.أخرجه أحمد 5/196(22059) و”الدرامي” 342 و”ابن ماجة”223 – نقل بتصرف من صيد الفوائد .)) ، هنا في تفسير هذا الحديث لا يعني أن النصوص القرأنية نصوصا علمية ، ولكن هنا الرسول يشجع على تناول العلم ، ولكن الأسلوب به نوعا من الخيال في السرد ، والمهم  أيضا هذا الحديث لا يتطابق مع العقيدة الأسلامية ، لأنه يشبه العلماء بورثة الانبياء ، ولو كان هذا الحديث تطبيقه عاما فهل هذا ينطبق على العلماء المسيحيين و اليهود / الذي هم كفرة حسب عقيدة الاسلام ، وما الوضع مع العلماء الملحدين ،  أذن حتى لو سلمنا بهذا الحديث جدلا فأنه سيدخلنا في مجادلات لا نهاية لها وذلك لأنها لا تتوافق مع الدين الأسلامي . 

الأعجاز القرأني و العلم  :                                                                                                     

   سأخذ أية الأسراء و المعراج كنموذج ، قوله تعالى }  إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلى عَبْدِهِ مَآ أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفُتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَءَاهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى * عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ ءَايَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى } ( النجم :  5 – 19  ) .

” سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير ” [ الإسراء 1 [ …    

وتفسير الأية كما يلي (( أُتي رسول الله ) بالبراق (- وهي الدابة التي كانت تحُمل عليها الأنبياء قبله ، تضع حافرها في منتهى طرفها – فحُمل عليها ، ثم خرج به صاحبه ، يرى الآيات فيما بين السماء والأرض ، حتى انتهى إلى بيت المقدس ، فوجد فيه إبراهيم الخليل وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء قد جمُعوا له ، فصلى بهم ‏‏.‏‏ ثم أُتي بثلاثة آنية ، إناء فيه لبن ، وإناء فيه خمر ، وإناء فيه ماء ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فقال رسول الله  ‏‏:‏‏ فسمعت قائلا يقول حين عُرضت علي ‏‏:‏‏ إن أخذ الماء غرق وغرقت أمته ، وإن أخذ الخمر غوى وغوت أمته ، وإن أخذ اللبن هُدي وهديت أمته ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فأخذت إناء اللبن ، فشربت منه ، فقال لي جبريل ‏‏:‏‏ هُديت وهديت أمتك يا محمد ‏‏.‏‏.. ” تفسير كلمة البراق في الروايات الإسلامية : هو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه ”  )) /  ( نقل بتصرف من الويكيبيديا ) .

وفي شرح معنى ” سدرة المنتهى ”  أنقل التفسير التالي من موقع أهل السنة .. (( من معجزة رحلة الإسراء والمعراج ، أن في تلك الليلة عندما ارتقى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بواسطة المِرقاة ، وهي سلم موصول بين الأرض والسماء ، درجة من ذهب ودرجة من فضة ، رأى عجائب كثيرة ومنها شجرة عظيمة اسمها ” سدرة المنتهى” أصلها في السماء السادسة وتمتد حتى تصل إلى السماء السابعة ثم إلى ما شاء الله تعالى ، ولقد رءاها الرسول في السماء السابعة ، وهذه الشجرة جميلة جدًا ، حتى أنه صلى الله عليه وسلم قال : ” فما من أحد يستطيع أن ينعتها من حسنها “. وأوراقها مثل ءاذان الفيلة ، وثمارها كالقِلال أي الجِرار الكبار ويخرج من ساقها أنهار عظيمة لذيذة المذاق ،  ومن وفرة أوراقها وأغصانها وضخامتها أنَّ الراكب المسرع يسير في ظلها مائة عام ولا يقطعها ، ويحوم حولها ويغشاها فراش من ذهب وأنوار عظيمة تزيدها جمالاً فوق جمالها ، كذلك هناك ملائكة يسبحون الله تعالى عليها  وسدرة المنتهى تختص بثلاثة أوصاف : الظلّ المديد ، والطعم اللذيذ ، والرائحة الزكية رزقنا الله رؤيتها وأكرمنا بأن نأكل من ثمارها ومن ثمار الجنة بجاه نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم . )) .

أضاءة  :                                                                                                                 هذه الأية هي أكبر دليل علمي وموضوعي ومنطقي على أن القرأن قياسا بهذه الأية ، نص قرأني ملئ بالغيبيات و الخيال و الأساطير والحكايا ، بعيدا عن أي منطق وأسلوب علمي أنطلاقا من الواقعة التي نحن بصددها.. أولا ، الأية سرد روائي بعيد عن المنطق لأنها أشبه ما تكون بالحلم وليس بالواقع الحقيقي ، كما أنها تفتقر لأي دليل ملموس أو لأي شاهد ، ثانيا ، الدابة المستخدمة ” البراق ” موضوع أسطوري ، ثالثا ، الشجرة ” سدرة المنتهى ” فهي خيال حيث أن الراكب المسرع يسير في ظلها مائة عام ولا يقطعها ، رابعا ،   ” الصلاة ” التي أمها  الرسول محمد  ، مع جمع الأنبياء هي قضية زمانيا ومكانيا تعتبر مشكلة لا يمكن أن تسوى لا  بالمنطق ولا بالعقل ، خامسا ، أما قضية ” شرب اللبن ” فهو كأسلوب الحكايات / منطق حكواتي ..                                        خلاصة ، ان الأية لا ينطبق عليها أبسط الحيثيات الأولية للعلم لا سردا ولا أسلوبا و لا وقائع ولا نتائج ..

حور العين .. والعلم :                                                                                           

         موضوع حور العين هو من المفاصل المهمة التي تستحق أن نتوقف عند ذكرها لأنها مؤكدة في القرأن و الحديث . كقوله تعالى ،  ( كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ) الدخان/54 ، وقوله تعالى : ( مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ) الطور/20 ، وفي وصف حور العين ، الذين كانوا في غاية الجمال حتى إن مخ ساقيها ليرى من تحت الثياب ، قال تعالى : ( وَحُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ ) الواقعة/23 . وحول القابلية الجنسية هناك الكثير من التفاصيل ( ويجامع الرجل في الجنة زوجاته من الحور وزوجاته من أهل الدنيا إذا دخلن معه الجنة ، ويعطى الرجل قوة مائة رجل في المطعم والمشرب والشهوة والجماع ، عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” يُعْطَى الْمُؤْمِنُ فِي الْجَنَّةِ قُوَّةَ كَذَا وَكَذَا مِنْ الْجِمَاعِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَ يُطِيقُ ذَلِكَ قَالَ يُعْطَى قُوَّةَ مِائَةٍ ” رواه الترمذي برقم 2459 وقال : صحيح غريب ) . وعن زيد بن أرقم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” إِنَّ الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ يُعْطَى قُوَّةَ مِائَةِ رَجُلٍ فِي الأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالشَّهْوَةِ وَالْجِمَاعِ . فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ : فَإِنَّ الَّذِي يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ تَكُونُ لَهُ الْحَاجَةُ ؟! قَالَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : حَاجَةُ أَحَدِهِمْ عَرَقٌ يَفِيضُ مِنْ جِلْدِهِ فَإِذَا بَطْنُهُ قَدْ ضَمُرَ ” رواه أحمد برقم 18509 ، والدارمي برقم 2704 .. / نقل بتصرف من موقع – الأسلام سؤال وجواب .    أما أية ( إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون )  سورة يس الأية 55 – قال كبير المفسرين بن جرير رحمه الله ، يحمل ذلك على العموم ، قال هم في ضيافة الرحمن تبارك تعالى ، وأنهم في ( شغل ) عن أهل النار ، وهذا النعيم ينتظم الامور المذكورة ، في هذا النعيم يتزاورون ، وفي هذا النعيم يفضون الأبكار ، وبهذا النعيم يشتغلون بألوان الملذات التي في الجنة ، هذا هو المراد ، والله أعلم . / نقل بتصرف من موقع فضيلة الدكتور الشيخ خالد بن عثمان السبت .                                                                                      

   أضاءة :                                                                                                             

    في هذه الاضاءة سوف أتناول مفصلا واحدا / للأيات و الاحاديث و التفاسير ، وهو ” عدد مرات وطء الرجل لزوجاته و لحورالعين في الجنة ” ، بعيدا عن الموضوع نفسه ، الذي به تقاطعات كثيرة ، ” منها وصف حور العين ، عددهم ، والسؤال الأهم هل يوجد من علاقات جنسية في الجنة أم وضع البشر هناك هو فقط تواجد روحي ، أي توجد أي أعضاء لا جنسية ولا غيرها .. ” !

أضافة أخرى تؤكد على عدم علمية النص القرأني ، وتبرهن على أنه في مسار ونهج أخر غير العلم ! وهل هناك من دراسة أو بحث أو حتى رأي يقول أن للفرد يستطيع أن يطء هذا العدد الهائل من المرات الذي يصل الى قوة مائة رجل ، ( وكل الاراء الطبية تقول أن الشخص السوي وفي عمر معين يستطيع أن يطء من 1 – 5 ، ولكن من المستحيل أن يحصل ذلك يوميا / نقل من موقع طبي الدكتور عبد العزيز البدي ) . وفي موقع صحة الرجل حول موضوع عدد مرات الوطء يؤكد الباحثين أنه  ” .. لغاية الثلاثينات من العمر أن  عدد مرات الوطء هو 2- 3  في الأسبوع ثم تقل بعد ذلك ” .. من كل ما سبق يتأكد لنا أنه لا توجد أي أراء علمية طبية تؤكد أي رقم من عدد مرات الوطء من الذي ذكر في الأيات أو الاحاديث وما تبعها من تفاسير ، وهذا يؤكد أن النص القرأني لا ترتبط مواضيعه بالنواحي و الحقائق و الأستنتاجات العلمية الطبية ، ولكنها حقائق مرسلة غير منطقية مبالغا بها بشكل كبير ..

قراءتي الخاصة للموضوع :                                                                                                                  

      لو كان النص القراني نصا علميا ، أو أن تخضع نصوصه للبحث و النهج العلمي ، فهذا يعني أن الدين الأسلامي تخضع  أصوله وهي خمسة ( النطق بالشهادتين ، الصلاة  ، أيتاء الزكاة ، الصوم والحج )  وكذلك أركان أيمانه الستة ( الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره ) ، فهل هذه الأصول و الأركان قابلة للنكران نتيجة أعادة التجارب كالعلوم ، لأن في العلم / في بعض التجارب تتغير النتائج أذا تغيرت المدخلات .. فأذن كل ما سبق هو ليس بحقائق علمية ، بل نحن أمام عقائد دينية ، ( والعقيدة في اللغة : مأخوذة من العقْد ، وهو الربطُ والشدُّ بقوة ، أما اصطلاحاً لها تعريفان ، أولاً التعريف الاصطلاحي العام ، ” عُرّفت العقيدة وفق المفهوم العام بأنها  ما يعقد عليه الإنسان قلبه ، عقداً جازماً ومحكماً لا يتطرق إليه شك ” ثانياً تعريف العقيدة الإسلامية : هي « الإيمان الجازم بالله ، وما يجب له في ألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته . والإيمان بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وبالقدر خيره وشره ، وبكل ما جاءت به النصوص الصحيحة من أصول الدين وأمور الغيب وأخبار ، ومن مرادفات لفظ العقيدة : التوحيد ، والسنة ، والإيمان ./ نقلت بتصرف من موقع )الألوكة للدكتور محمد بن عبدالله السحيم http://www.alukah.net/web/sohaym/0/63961/#ixzz3ZNwKNfl9(  .

أذن النص القرأني نصا دينيا ” عقائديا ” ، لا يخضع للتجارب و لا للتطبيقات ، أصوله لا تنكر ، وغير قابلة للتطور ، وله صفة الأستمرارية … ” والعقيدة أنواع ، هناك العقيدة السياسية وهناك العقيدة الاجتماعية وهناك العقيدة الدينية ، وما يعنينا تعريفه هنا هو العقيدة الدينية فهي العقيدة التي تقف على رأس هذه الأنواع من العقائد ، وهي العقيدة التي كتب لها الديمومة والبقاء من دون بقية العقائد الأخرى / نقل بتصرف من موقع الشيعة العالمية ” .

كذلك الدين الأسلامي هو ” أيمان ” ليس له تجارب ولا يخضع للفحوصات المختبرية ، لأن الأيمان هو ” التصديق الجازم ، والإقرار الكامل ، والاعتراف التام ؛ بوجود الله تعالى وربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته ، واستحقاقه وحده العبادة ، واطمئنان القلب بذلك اطمئناناً تُرى آثاره في سلوك الإنسان ، والتزامه بأوامر الله تعالى ، واجتناب نواهيه.. / نقل بتصرف من موقع الدرر السنية . ” .. والعقائد أسلاميا يستدل عليها بقلوب المسلمين وليس بأرسال البشر للمختبرات للفحص و التمحيص .

ويحضرني بهذا الصدد مقالا لخالد منتصر ، بعنوان ” هل الدين علم وهل البخارى «Science» ” يتكلم عن الدين و العلم  [email protected]  من موقع / المصري اليوم ،  أجتزأ منه التالي  (( الكثير منا مازال يخلط بين العلم بمعنى الـ science والمعرفة بمعنى الـ knowledge والفرق بينهما كبير ، فتكديس المعلومات ليس هو العلم ، ومعرفة كل معلومات الكلمات المتقاطعة وكتب المسابقات ليس هو العلم ، ولكن العلم خاصة العلم التجريبى الذى يندرج تحته الطب والفيزياء والكيمياء… إلخ والذى دائماً يقارنه شيوخنا بعلوم الدين للتدليل على وجوب احتكاره ، هذا العلم تعريفه ببساطة هو ما لخصه فيلسوف العلم « كارل بوبر » بقوله « العلم هو ما يقبل التكذيب » ، يعنى العلم هو ما يقبل التفنيد والتحقق منه وفرزه ودحضه وتخطيئه .. ))  .                               خلاصة ، الشيوخ وعلماء الدين .. سائرون وعيونهم مغلقة ، بأفكارهم الماضوية ، نحو طريق مغلق ، ليس لهم الجرأة بأن يقولوا نحن نتعامل مع دين هو أيمان و عقيدة وليس علم .. والسؤال الذي يتبادر للأذهان هو لماذا  يقحم  الشيوخ و العلماء ومؤسسة الأزهر و الدعاة .. الدين بالعلم ، وهل لو أنطبقت كل حيثيات وتجارب وتطبيقات وبراهين وقوانين العلم على الدين الأسلامي سيعلو مقامه ! ، أو أذا  لم تنطبق هل سيبطل الدين ! هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ، لا زال هناك مساحة ضبابية لدى جمهور الفكر الماضوي حول  الدين ” كمعتقد و أيمان ”  وبين العلم ” كنظريات وقوانين ” ، أما لجهل الجمهور بالعلم أو لجهلهم بالدين والأنكى لو كان جهلهم بالأثنين معا ! .                                                                                                                  ———————————————————————————————————-           ( * ) اللقاء الذي تم بين ” د. أسامة الأزهري ، الشيخ الحبيب الجفري ” و ” أسلام البحيري ” بأدارة الأعلامي خيري رمضان في 17.04.2015 ، في تلفزيون cbc  .