لاتسغربوا، فهذا مقال نُشر في الصفحة الرئيسة لصحيفىة وول ستريت جورنال الأمريكية قبل يومين يتحدث كاتب المقال روبرت هايت عــن تحول أغلب معتنقي الدين الإسلامي إلى قنابل موقوتة ضد الإنسانية في كل بقاع الأرض، مؤكدا أن قلوبهم تعمل قبل عقولهم، وأن القتال الدائر في سوريا والعراق هو تحصيل حاصل لحرب الكتب الدينية.
الحقيقة المؤلمة أن العالم اختلفت نظرته إلى الدين الإسلامي في عام 2014 مقارنة بعام 2003 ، إذ لم يعد ثمة مجالا للتخيلات والتبرير، والوقت يقارب على الانتهاء أمام فقهاء الدين من الشيعة والسنة ، والمجتمع يغرق في بحر الدم منذ سنوات طويلة، من دون أن يأتي الطبيب ليوقف هذا النزيف
الحقيقة أن مشكلتنا ليست سياسية فحسب بل هي دينية الأصل اجتماعية الهوى، ولا أرى أن المصالحة السياسية ومحاولة تصفير الأزمات العالقة قد تنهي العنف في البلاد وتزيل شبح المفخخات والقتل ، مالم نعالج مشاكلنا التأريخية في بطون الكتب الدينية، وتحقيق المواطنة على الأرض لتصبح واقعاً فاعلاً لا عنواناً مرمياً .
صورة الدين الإسلامي في خطر أمام العالم وحجتنا التي نكررها في كل مجادلة مع من يقول أن الدين يسهم في انتعاش الارهاب التي تقول أن تصرفات الأشخاص لايتحملها الدين باتت غير فعالة أمام الواقع.
مطلوب اليوم أن يتفهم رجال الدين أنه لا فائدة عملية من إثارة المشكلات القديمة في بطون الكتب ، وأنه لاحل لايقاف نزيف الدماء سوى العمل سوية على معالجة التطرف في المجتمع الذي اعتاد على لغة طائفية مقيتة ، وأن يحطموا بإيديهم كل منابع التطرف، معلومة اخرى أنه لايمكن للشيعة أن يلغوا السنة ويجتثوهم من فوق الأرض ، بالمقابل فإنه لايمكن للسنة أن يجتثوا الشيعة، لابد أن نفكر في الجيل المقبل، الذي اسمه “الجيل اليتيم”، جيل ولد بلا اباء، كارثة الكوارث ، جيل يدفع ثمن الصراع المذهبي الفكري الذي تحول على الأرض إلى مفخخات وعبوات ناسفة ورصاص.
إننا نعيش في زمن بات الحديث عن المشتركات الدينية ضربا من ضروب الخيال، والركون إلى الحديث الطائفي والمناطقي يشكل حيزا كبيرا في أحاديث حتى من يقولون أنهم ينتمون إلى المثقفين، ليس هناك مزيد من الوقت سوى أن نُطلق كل فكر طائفي ونعيش بسلام ، هل يصعب أن نقول (كفى دماء )فقد ملت المقابر من جثامين الشباب التي نزفها يومياً بلا ذنب ،سوى أنهم يختلفون مع قاتلهم مذهبيا، ويبقى السؤال العريض هل يصعب على رجال الدين أن يتحدثوا بلغة المشتركات ولو لمدة قصيرة ،وهل يصعب على وسائل الاعلام أن تقول خيرا أو تصمت.
ملخص مايجري أننا نتاجر بدماء شبابنا والعالم يتاجر بنا، ولسنا بإعينهم سوى وقود لتصفير مشاكلهم.
كل دول الجوار والعالم تفكر بمصالحها ،إلا نحن نفكر كيف يقتل أحدنا الاخر، لقد سمحنا لداعش والكثير من الدول أن تتدخل في شؤوننا وتعبث في أرضنا وبفضل الحركات المتطرفة وبعض الكتب الدينية والروايات القديمة تشوهت صورة الدين الإسلامي أمام العالم وباتت الحجج الدفاعية فاترة أمام الإعلام الغربي والمجتمع الدولي.